
التنسيق بين الرئاسات يجوف الخطاب التخويني!
على رغم ان “حزب الله” اعتمد اسلوب مهاجمة كل من رئيسي الجمهورية والحكومة جوزف عون ونواف سلام على اثر القرار بحصرية السلاح الذي اتخذته الحكومة في 5 آب، فإنه اعتمد لهجة تصالحية تتجنب القطيعة او كسر مزراب العين مع رئيس الجمهورية على عكس الانتقادات اللاذعة المستمرة لرئيس الحكومة. وتركزت الانتقادات لهذا الاخير في اتجاه دفعه لاتخاذ القرار حول حصرية السلاح في 5 آب في ظل تحفظ عن التوقيت نسب الى الرئيس عون. فيما سرى على نطاق سياسي واسع ان التنسيق في شأن موقف الحكومة في جلسة 5 ايلول انما حصل على نحو نهائي بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب بناء على تبادل ورقة كانت سرت اصلا بين عون وسلام لحقتها تعديلات في هذا الاطار مع بري، ولم يكن الرئيس سلام مطلعاً عليها قبل لقائه قبيل الجلسة، رئيس الجمهورية، وادخال بعض التعديلات من جانبه خلال الجلسة . وراء هذا الكلام الكثير من غياب التنسيق يقال ان بري لم يسع اليه مع رئيس الحكومة، وادى الى تباعد ام تفكيره في مواقف عدائية سياسيا وعلى وسائل التواصل الاجتماعي فيما يفترض ان اللقاء الذي عقده سلام مع بري بدد الكثير من الالتباسات.
الا ان هذه اللقاءات الرسمية التي توالت بعد جلسة 5 ايلول والتي أعادت توجيه الانظار في اتجاه سلطات ومواقع دستورية متوافقة على نقيض الاسابيع الاخيرة، لم تبدد الاعتقاد بوجود استراتيجية واضحة برزت لدى “حزب الله” لخلق شرخ لطالما اعتمده الحزب مع الطائفة السنية في تعامله مع رؤساء الحكومات على مدى العقود الماضية في مقابل اعتماده على تحالف مع رئاسة الجمهورية لم يخرقه سوى الرئيس ميشال سليمان في الاعوام الاخيرة من عهده. وفي الخلفية ان رئيس الجمهورية ابقى من رئيس الحكومة في موقعه وهو من دون ظهير اقليمي او دولي على عكس رئاسة الحكومة عبر ارتباطها بالمملكة العربية السعودية. وذلك في وقت توجه رسائل هجومية بين فينة واخرى من الحزب واعلامه الى المملكة من ضمن استمرار استخدام لبنان ساحة مفتوحة محتملة لايران في هذا الاتجاه على رغم حاجة ايران الواضحة الى علاقات جيدة مع السعودية في المرحلة الراهنة . يضاف الى ذلك ان ما ارساه الرئيس السابق ميشال عون في قاعدته المسيحية وحتى لدى الجيش اللبناني حين كان ممسكا بالقرار يجعل سهلا الرهان لدى الحزب على ما تبقى من فكرة حلف الاقليات لا سيما في ظل التطورات في سوريا التي اطاحت نظام بشار الاسد واتت باحمد الشرع الى السلطة فيها.
وهذا يكتسب خطورة على الصعيد الوطني لانه مع التطورات السورية، فان الاخطر على لبنان هو الاحتكاك السني الشيعي اكثر من اي امر اخر. ويترك الهجوم الحاد على الرئيس نواف سلام في ظل خسارة الحزب غطائه السني من تنظيمات وسياسيين كانوا يدورون في فلكه ويتبنون سرديته حول سلاحه قبل ان يبدلوا من مواقفهم، الانطباع ان هناك اصطفافا سنيا شيعيا في هذا الملف. فيما ان المصلحة الوطنية تقضي بالا يترك رئيس الحكومة في الواجهة انطلاقا من انه حتى لو اخذت تجربة 2006 و2007 في الاعتبار حين خرج الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة باعتبار ان هذه المرحلة تشبه تلك المرحلة حين كانت الحكومة ورئيسها في الواجهة، فان الامر مختلف، اذ كان هناك طرفان سياسيان احدهما ماروني شيعي يتمثل في التحالف بين الحزب والتيار العوني انذاك، والاخر كان مارونيا سنيا ودرزيا في تحالف 14 اذار الى جانب الحكومة. وهذا غير موجود راهنا فيما ان الطرف الشيعي يبدو وحده في معارضة الحكومة والهجوم الحاد على نواف سلام والحكومة يجعله كباشا سنيا شيعيا، شاء اي منهما ذلك ام لم يشأ. وعلى المديين القريب والمتوسط في هذه الظروف الاقليمية، لا يصب الامر في مصلحة لبنان حتى لو شعر الحزب انه يستطيع اطاحة رئيس الحكومة ورفض تسميته بعد الانتخابات النيابية اذا حصلت، او رفع السقف امام اعادة تسميته في حال طرح الامر مجددا. ويعتقد البعض ان الحزب وربطا بان سلاحه اقليمي ويعود القرار فيه لايران في الدرجة الاولى وليس اليه، لن يرغب في ان يترك للحكومة اللبنانية ان تقرر مصيره او ان تفاوض على هذا السلاح لا سيما بعدما تولى الحزب او الثنائي التفاوض على وقف النار كما على ترسيم الحدود البحرية اقله في الاعوام الماضية وفي الوقت الذي تحتاج ايران الى هذه الورقة في ظل شعورها انها في الزاوية راهنا ومضطرة الى تنازلات كبيرة تجنبا لاعادة فرض العقوبات الدولية عليها . وذلك فيما تدرك ايران اكثر من اي طرف اخر وفقا لمصادر ديبلوماسية اجنبية في بيروت، ان لا احتمال لقبول اسرائيل بنفوذ ايران في لبنان كما كان الوضع سابقا ولا احتمال لقبول سوريا المستقبلية بذلك ايضا.