
مرفأ جونيه يشرق مجدّدًا و”التيار” يتصيّد من “كيس غيره”
يبحث “التيار الوطني الحرّ” عن إنجازات “من كيس غيره”، بعدما خلا عهده الرئاسي من أيّ بصمة فعلية أو نجاح يُذكر. فكسروان التي مثّلها ميشال عون نائبًا لسنوات، ثم أصبح رئيسًا للجمهورية، إضافة إلى تمثيل نيابي ووزاري وازن، بقيت محرومة من أبسط المشاريع الإنمائية والخدمات الأساسية. لا خطط، لا بنى تحتية، ولا رؤية واضحة، رغم كل الشعارات البرّاقة.
اليوم، يحاول “التيار” التسويق لمشروع إعادة افتتاح مرفأ جونيه كإنجاز يُنسب لعهد الرئيس ميشال عون. غير أن الوقائع تكشف عكس ذلك تمامًا: فالمشروع، رغم أهميته الاقتصادية والسياحية، بقي طيّ الإهمال طوال سنوات “العزّ العوني” في جنّة السلطة، ولم يُثمر سوى “شعارٍ” وحيد يرفعه “بفخر”، وهو: “ما خلّونا”.
مصدر كسرواني وصف كلام النائبة ندى البستاني عن مرفأ جونيه بأنه “قمة الوقاحة السياسية”. أين كانت الهمّة طوال سنوات السلطة؟ ولماذا لم يبدأ العمل بتوسعة أوتوستراد جونيه على سبيل المثال خلال عهد ميشال عون؟ إذا كان التذرّع بانتفاضة 17 تشرين، فليُذكر أن ثلاث سنوات مرّت من العهد قبل 2019 والانهيار الاقتصادي. وتجدر الإشارة إلى أنّ موازنة الدولة سنويًّا، كانت تبلغ حينها “حوالى 18 مليار دولار، فيما اليوم لا تتجاوز الـ 4 مليارات”، بحسب ما قاله النائب نعمة افرام في كلمته خلال حفل الافتتاح.
وما يجدر التوقّف عنده، أن العجز العوني الإنمائي لم يقتصر على السلطة المركزية فحسب، بل انسحب أيضًا على المستوى المحلي، وتحديدًا في بلدية جونية واتحاد بلديات كسروان الفتوح، اللذين هيمن عليهما لأكثر من 9 سنوات. فخلال تلك الفترة، لم يُسجّل أي إنجاز فعلي في ملف مرفأ جونيه، ولم تُبذل جهود جدّية لجذب القطاع الخاص أو إطلاق شراكات تنموية تُعيد للمرفأ دوره السياحي في شرق المتوسط، رغم ما يملكه من مقوّمات. فكسروان التي منحت “التيار” ثقتها مرارًا، ورفعت رئيسه ومؤسّسه بعد 2005 زعيمًا مسيحيًّا، بفضل كرم أصواتها، لم تحصد سوى الخيبات والإهمال والكثير من الكلام. إلى ذلك، كان موقف النائب افرام واضحًا، إذ شدّد على أن تعطيل مرفأ جونية في السنوات الماضية يعود إلى السياسات التي كان يتّبعها اتحاد بلديات كسروان – الفتوح، وإلى المناخ السياسي الذي كان سائدًا آنذاك، والذي حال دون تحقيق أي تقدم فعلي في هذا الملف الحيوي.
في المقابل، لم يمضِ على عهد الرئيس جوزاف عون سوى أشهر، وفي ظل وضع اقتصادي خانق وتحديات سياسية وأمنية جمّة، تمكّن من تحقيق ما عجز عنه عهد “عون الأوّل” بأكمله.
واللافت في هذا الإطار، أنّ هذا المشروع لم يكن ليرى النور لولا تدخّل القطاع الخاص، الذي وضع ثقته بالبلدية الحالية والقوى السياسية الداعمة لها، لا بمن كانوا في السلطة سابقًا. وهذا بحدّ ذاته دليل واضح على أن المستثمرين ينظرون إلى المرحلة الحالية كمناخ أكثر جدّية وواقعية، بعدما فقدوا ثقتهم بالوعود العونية السابقة التي بقيت حبرًا على ورق. في الخلاصة، يسعى “التيار الوطني الحرّ” إلى التغطية على إخفاقاته المتراكمة، عبر تبنّي مشاريع لم يكن له فيها دور فعلي، محاولًا تسويق الفشل كإنجاز وهمي لتلميع صورته أمام الرأي العام، لا سيّما أمام قاعدته الشعبية التي تتآكل يومًا بعد يوم، وسط تصدّع داخلي واستقالات متكرّرة في صفوفه.