
زخم خارجي للدولة يصعب على الحزب منافسته
يُكثر الامين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم من اطلالاته الاعلامية في محاولة لمنافسة خطاب الدولة الرسمي حول حصرية السلاح وتظهير وجود موقف اخر لا يزال قويا ويرجح ان يستطيع تعطيل خطوات الدولة واجراءات الجيش اللبناني في هذا الاطار ، اقله وفق ما يترك من انطباعات لدى المراقبين والمحللين في الخارج . وبرز الخطاب الاخير لقاسم في معرض رد واضح على كلمة لرئيس الحكومة نواف سلام من عين التينة، مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري ، مؤكدا عدم تراجع مسار الدولة في جلسة 5 ايلول على غير ما تم تفسيرها. اذ يخشى الحزب وفق مصادر سياسية ان تساهم الدينامية الدولية المواكبة للخطوات التي اتخذتها الحكومة في تجاوز الحزب وتهميش مواقفه او معارضته. فعدا عن ان الجانب الاميركي ممثلا بمورغان اورتاغوس خرج من اجتماع لجنة المراقبين في الناقورة اخيرا بانطباع عن “اجتماع موفق وناجح ” معززا باستطلاع جوي لها ولقائد المنطقة الوسطى الاميركية فوق الجنوب ساهم على الارجح في موافقة وزارة الحرب الاميركية على مساعدات للجيش اللبناني بقيمة 14.2 مليون دولار تعزيزا لقدرة الجيش ، فان تفعيل فرنسا تحركها يصب في الاطار نفسه في انتظار المشاركة المهمة لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة . وتكتسب هذه المشاركة اهميتها اولا من واقع ان رئيس الجمهورية بات يعبر عن اجماع لبناني افتقده لبنان خلال ما لا يقل عن عقد من الزمن وفي زمن “استقلالي ” جديد تحت عنوان كبير هو استعادة سيادة الدولة ومؤسساتها وقرارها الى جانب بسط سلطتها على كل اراضيها .
وتكتسب اهميتها ايضا من طبيعة اللقاءات التي سيعقدها عون في نيويورك مع رؤساء الدول المشاركة وما يأخذه معه في جعبته بما تحقق من خطوات اولى ان على صعيد انطلاق المسار الاصلاحي او على صعيد بدء تسلم سلاح المخيمات او ايضا اقرار خطة الجيش اللبناني حول حصرية السلاح . وهذا من حيث المبدأ ما يتعدى الاقوال الى الافعال بما يتيح حتمية توظيف هذه الفرصة لتسويق لبنان ” الجديد ” بنسخته المختلفة والاهم في قدرته على ضمان تأمين دعم دولي كاف للبنان في المرحلة المقبلة لا سيما للجيش اللبناني فيما يستطيع رئيس الجمهورية تجيير الرصيد الذي بات يستند الى قرارات الحكومة الى مبادرات دعم فعلية. وفي هذه النقطة بالذات واذا كانت فرنسا تضطلع بدور مهم في اتجاه تأمين انعقاد مؤتمر “الاعمار والتعافي” ربطا بقرارات الدولة حصرية السلاح في يد الجيش اللبناني، فان الهامش سيكون متاحا لرئيس الجمهورية لتحريك الدعم للجيش وضمان مؤتمر له بدعم فرنسي ولكن ايضا بدعم سعودي على هامش المشاركة في المؤتمر الذي ترعاه المملكة حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ثمة رؤية للاعتداء الذي قامت به اسرائيل على سيادة قطر تدفع في اتجاه توظيف الغضب الذي اثارته لدى الدول العربية ولدى دول عدة في اطار الدفع نحو الضغط في اتجاه الولايات المتحدة للضغط بدورها على اسرائيل للجم اعتداءاتها واندفاعاتها في المنطقة . اذ يخشى البعض ان ما قامت به اسرائيل قدم خدمة الى ايران وحتى لامتداداتها في المنطقة فيما ان الاعتداء على دولة تلعب دور وسيط مفاوض وحليف للولايات المتحدة وفي عز عملية تفاوضية جارية تماثل الى حد ما حرب اسرائيل على ايران في حزيران الماضي في خضم عملية تفاوضية ايضا، فان انعكاسات الاعتداء على قطر ربما يساهم في تعريض مساعي الحكومة اللبنانية بخطتها حول حصرية السلاح للخطر وتقوية موقف ” حزب الله “. في حين ان موقفا عربيا قويا رافضا لتطاول اسرائيل على دول المنطقة وحذرا ازاء تردد الادارة الاميركية في لجم اسرائيل او في مواصلتها غض النظر عن تجاوزاتها ، يمكن ان يساهم في تصحيح الرئيس الاميركي مسار اسرائيل في المنطقة باعادة الاعتبار للتفاوض والحل السياسي والعمل جديا على وقف الحرب لا سيما في غزة وما يمكن ان ينعكس في المنطقة ايضا وعدم الاكتفاء بالطلب من اسرائيل الامتناع عن استهداف قطر مرة اخرى . وهذا ما يمكن ان يستفيد منه لبنان من اجل حشد دعم خارجي للضغط على اسرائيل التي لم تعد تبريراتها بالدفاع عن النفس تجد صدى كبيرا بمقدار ما ان حروبها وتجاوزاتها باتت تشكل تهديدا مستمرا لسيادة الدول المجاورة ودول المنطقة وتجاوزا خطيرا للقوانين الدولية.