شحادة يقفل وزارة المهجرين ويفتح وزارة التكنولوجيا

شحادة يقفل وزارة المهجرين ويفتح وزارة التكنولوجيا

الكاتب: ريشار حرفوش | المصدر: نداء الوطن
12 أيلول 2025

في خطوة استراتيجية نحو بناء “الجمهورية الرقمية”، أعلن وزير المهجّرين ووزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة عن أهمية إنشاء وزارة شرعية مستقلة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لتكون منصة تنفيذية واستشارية تدعم التحوّل الرقمي وتطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية. تأتي هذه الخطوة بعد أكثر من 32 عامًا على إنشاء وزارة المهجرين، لتُغلق صفحة الحقبة الماضية وتفتح الباب أمام رؤية جديدة قائمة على المعرفة والتكنولوجيا.

ومن “بيروت الرقمية”، أعلن شحادة عن خطوة وُصفت بالمفصلية في مسار الدولة، معتبرًا أن إقرار قانون إنشاء الوزارة الجديدة يشكّل “استثمارًا مباشرًا في مستقبل لبنان ورأس ماله البشري والاقتصادي”.

شحادة أوضح أن “هذه الوزارة هي الأولى التي تُنشأ منذ أكثر من ثلاثة عقود، والمفارقة أنها تتزامن مع طيّ صفحة وزارة المهجرين التي وُلدت عام 1993 في زمن الحرب، لتُستبدل بوزارة تُعبّر عن رؤية مختلفة وتفتح أفقًا جديدًا أمام الأجيال القادمة”.

ووضع شحادة الخطوة في إطارها الاستراتيجي قائلًا: “المسألة ليست مجرّد تعديل إداري، بل هي خيار سياسي واضح يرمي إلى دفع لبنان نحو التحوّل الرقمي وبناء اقتصاد يقوم على المعرفة والتكنولوجيا”.

وفي حديثه عن التنسيق الوزاري، شدّد على أن “التكامل بين وزارة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والوزارات المعنية، لا سيما التنمية الإدارية والاتصالات، سيكون عاملًا  حاسماً لتسريع عملية الرقمنة وتحسين الخدمات العامة بما ينعكس إيجابً على حياة المواطنين”.

كما دعا شحادة النواب إلى الإسراع في إقرار القانون “حتى تتمكّن الوزارة من الانطلاق بشكل مؤسسي وفعّال”.

ولفت إلى أن الوزارة ستلعب دورًا محوريًا في دعم الابتكار وتشجيع ريادة الأعمال وخلق فرص عمل، فضلًا عن جذب الاستثمارات عبر تأمين بيئة رقمية آمنة وحديثة.

أضاف: “التكنولوجيا ليست قطاعًا مستقلًا، بل هي محرك لكل القطاعات من صحة وتعليم وزراعة ونقل وصولًا إلى الحوكمة”.

وعدّد شحادة أبرز مهام الوزارة: “إعداد استراتيجية وطنية للتحوّل الرقمي، وضع تشريعات متطورة، تطوير منصة موحّدة للخدمات الحكومية، وتعزيز الأمن السيبراني”. كما أشار إلى دورها في تمثيل لبنان بالمنتديات الدولية المتخصصة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المسؤول.

وأكد أن “لبنان، بما يملكه من طاقات بشرية في الداخل والاغتراب، قادر على أن يحتل موقعًا رياديًا  عالميًا في هذا المجال. وإنشاء الوزارة ليس فقط استجابة لحاجة إدارية بل محطة أساسية في بناء لبنان الجديد والجمهورية الرقمية التي نحلم بها”.

وشدد شحادة على أنّ الصلاحيات الأساسية للوزارة الجديدة تقوم على ثلاثة محاور رئيسية:

 أوّلًا، إنّ الوزارة ستعمل على وضع الاستراتيجيات واقتراح القوانين والمراسيم والأنظمة التي تنظّم قطاع التكنولوجيا في لبنان، بما يضمن تطويره واستثمار كامل قدراته.

ثانياً، إنّ من أبرز مسؤوليات الوزارة بناء المنظومة الرقمية الشاملة التي تربط الإدارات الرسمية بعضها ببعض، الأمر الذي من شأنه تسهيل إنجاز المعاملات وتسريع حصول المواطن على الخدمات من دون انتظارٍ أو روتينٍ معقّد أو إضاعة للوقت على الطرقات.

 ثالثاً، دور الوزارة في بناء الشراكات مع الشركات العالمية والدول الرائدة في هذا المجال، بما يسهم في تطوير الاقتصاد اللبناني. كما لفت إلى أهمية التعاون مع الجامعات اللبنانية والقطاع الخاص في الداخل، لتوحيد الجهود وتوفير بيئة متكاملة تخدم الابتكار والتقدّم الرقمي.

وأكّد شحادة عبر “نداء الوطن” أنّ “دوره في الحكومة يجمع بين المسؤولية التنفيذية والاستشارية في آنٍ واحد”، مشيرًا إلى أنّه من أوّل يوم لتشكيل الحكومة طُلب منه تولّي حقيبة وزارة المهجّرين إلى جانب مكتب وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا، التزم منذ البداية بإقفال وزارة المهجّرين بعد تأمين كامل حقوق المهجّرين، بالتوازي مع إطلاق ورشة تأسيس وزارة التكنولوجيا والبدء بعملية تطوير البنى التحتية الرقمية للاقتصاد اللبناني ولإدارات الدولة.

واعتبر أنّ “هذه المقاربة تعكس رؤية إصلاحية قائمة على إنهاء ملف قديم أثقل كاهل الدولة، وفي الوقت نفسه فتح الباب أمام مرحلة جديدة تواكب التطوّر الرقمي وتضع لبنان على سكّة الاقتصاد الحديث”.

من جهته أعلن جاد منينمة، مدير مكتب وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا، أن “المسؤولية اليوم تقع أيضًا على عاتق المواطنين في موضوع القضايا السيبرانية، وخصوصًا مع وزارة التكنولوجيا”.

وقال إن مهام الموظفين أكبر بكثير من موضوع السيبراني فقط، موضحًا “أن الوزارة جزء من اللجنة السيبرانية الموجودة برئاسة مجلس الوزراء، وتقوم بدور فعال في مراجعة مشروع القانون وإعطاء اقتراحات لتعديله”.

أضاف أن “فريق العمل يشتغل مع معظم الوزراء على مساعدتهم في وضع استراتيجيات للرقمنة أو في مشاريع للرقمنة، ومنها وزارة السياحة التي أطلقت برنامجًا للسياحة على تطبيق يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وقد كانت الوزارة من المساهمين فيه، إضافة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العدل وغيرها”. وشدد على أن “هذا نطاق العمل الذي يركزون عليه لأنه في غاية الأهمية، وسيتمكنون من الاستمرار فيه”.

ورداً على سؤال لـ “نداء الوطن”، أجاب منينمة أن “الوزارة ستصبح جاهزة للحديث عن النتائج الإيجابية إذا استمر العمل بالوتيرة نفسها في مشروع القانون ومتابعة البرلمان”، متوقعًا أنه خلال تسعة إلى اثني عشر شهرًا “يمكن رؤية أمور ملموسة وفعالة على الأرض”.

وختم بالتأكيد أن “المتابعة الجدية ستقود إلى نتائج واضحة وملموسة خلال الفترة المقبلة”.

إذًا، ستكون  وزارة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الجديدة جهة شرعية تنفيذية واستشارية، فاعلة في الحكومة اللبنانية، وتضمن تحول كل الخدمات الحكومية إلى بيئة رقمية متكاملة وآمنة، لتحل محل وزارة المهجرين، وتضع لبنان على طريق الجمهورية الرقمية وe-government الفعلي.