
إلى المنتقدين: أكثروا الأفعال عوض الكلام
بدأت بذور الأمل تُزهر، بقرارات سياسيّة جريئة أعادت للدولة شيئًا من هيبتها. رغم السوداوية والويلات التي عصفت بالبلد، ظلّت المبادرات الفردية والمساعي الخيّرة والأيادي البيضاء عنوانًا للمقاومة وحبّ الحياة. مبادرات دعمت صمود اللبنانيين بانتظار أن تستعيد الدولة دورها والمؤسسات عملها وتلبي الخدمات الحاجات الحياتيّة الأساسيّة.
مع الانهيار ما عاد البلد صالحًا للعيش. أزمات متلاحقة بلغت ذروتها بعد أن تخلّفت حكومة حسان دياب عن دفع سندات اليوروبوند. انهار سعر الصرف، اصطفّ المواطنون لساعات في طوابير المحروقات، انقطع الدواء. شحذ الناس ربطة الخبز. نشطت السوق السوداء وفُتحت طرقات جديدة للتهريب. حلّت العتمة وتردّت كل أنواع الخدمات. ضرب الهريان البنى التحتيّة وتبيّن عمق الإهمال والمحاصصات والفساد. انتشر فيروس كورونا وفتك بالناس. انفجرت العاصمة في 4 آب… وغيرها الكثير من الأزمات وليس آخرها الحرب الإسرائيلية على لبنان مع كل ما خلّفته من دمار للبشر والحجر.
وسط كلّ هذا المشهد المظلم، بقي القطاع الخاص يجدّف للوصول إلى الشاطئ. كما سعى كلّ ضنين على البلد وشعبه إلى المساهمة ولو بفلس الأرملة لتأمين استمرارية القطاعات والخدمات. أناروا الأنفاق والطرقات وعبّدوها، تكفّلوا بفاتورة المحروقات للتدفئة وتأمين التيار الكهربائي، في شراء أدوية مستعصية وغيرها ممّا فُقد من الأسواق أو استصعب على المرضى شراؤها نظرًا لسعرها المرتفع…
كثير من الشباب والشابات شمّروا عن سواعدهم. ومن المكنسة التي نظّفت الشوارع إلى إحياء حفلات في مختلف المناطق، والهدف نشر البهجة ورسم البسمة.
الـmtv تحوّلت من قناة تلفزيونية تنقل الأخبار إلى الخبر بذاته وكانت سبّاقة في مبادراتها. فتحت هواءها أمام صوت الناس، ولا تزال تحشد الدعم لإعالة كلّ محتاج ومريض. شاركت إلى جانب كل ساعي خير في إضاءة العاصمة وغيرها من المناطق التي شهدت طرقاتها حوادث سير مميتة. مبادرة “انسى جورة” خفّفت على المواطنين فاتورة تصليح سياراتهم…
وأنتم ماذا فعلتم غير الانتقاد؟
حسنًا فعلتم بالانتقاد. إنّما لا بدّ لكم أن تميّزوا بين الانتقاد البنّاء الذي نفتقده في مجتمعنا، والانتقاد السلبي من باب الكلام لا أكثر.
خذوا من المبادرات التي أعادت شيئًا من الحياة إلى البلد عبرة. أكثروا من الاتصالات والالحاح، فعّلوا معارفكم في دول العالم وابحثوا عن المشاكل وهي كثيرة وظاهرة. اشحنوا الهمم، أمّنوا الدعم المالي وابدأوا العمل عوض الانتقاد، لننهض سوية ببلدنا.