ستة أقسام للمعالجة واستعادة التوازن المالي

ستة أقسام للمعالجة واستعادة التوازن المالي

الكاتب: عماد الشدياق | المصدر: نداء الوطن
15 أيلول 2025

في الشكل، يمكن القول، إنّ من إيجابيات خطّة الفجوة المالية، وفق تسريبات مصادر مواكبة، أنّها رفعت سقف استرداد الودائع الذي جرى الحديث عنه لسنوات، من 100 ألف دولار إلى ما دون 200 ألف دولار، مُعيدة بذلك قرابة 21 مليار دولار من أصل “الودائع المشروعة” ضمن مدّة ستمتدّ من 3 إلى 5 سنوات.

الخطة لن تمسّ بالذهب الموجود في مصرف لبنان، لكنّها في المقابل ستقضي بدفع (فوق المبلغ أعلاه) ما يصل إلى قرابة 8 مليارات دولار من الودائع “غير المشروعة” بعد تحويلها إلى “مشروعة” وهي ناتجة عن تجارة الشيكات. ثمّ بتحويل 32 مليارًا من ودائع كبار المودعين (فوق 200 ألف دولار) إلى “سندات صفرية” أو “أسهم”… ليبقى الجزء المفقود في الخطة، أنها لم تتطرّق إلى الودائع بالليرة اللبنانية.

بحسب المصادر، فإن الخطة ليست نهائيّة تمامًا، وتُقسّم إلى 6 أجزاء، كلّ جزء منها يتناول شقًا محدّدًا (كما سنبيّن أدناه) من فجوة المصرف المركزي لصالح المصارف، وبالتالي لصالح المودعين، والبالغة 83 مليار دولار. ستتحمّل الدولة اللبنانية من مجملها قرابة 9 مليارات، فيما يتحمّل مصرف لبنان منها 8 مليارات، بينما حصّة المصارف ستكون نحو 4 مليارات.

أمّا بقيّة المبلغ (62 مليار دولار) فستُوزّع على المودعين ضمن أكثر من شطر أو باب، بينها 32 مليار دولار ستُحوّل إلى أسهم في المصارف أو سندات صفرية Zero Coupon حسبما يُسرّب من دون أي تأكيدات أو نفي (يُخيّر كبار المودعين بين هذين الخيارين).

تَفصل الخطة بين نوعين من “الودائع المؤهّلة”. الأولى تخصّ تلك التي تستفيد من تعاميم مصرف لبنان، وتلك التي لم تستفد منها، وستكون تفاصيل الخطة بأكملها على الشكل التالي:

– أوّلًا: الودائع المؤهّلة الخاضعة لتعميمي مصرف لبنان رقم 158 و 166: سيقوم مصرف لبنان برفع سقف السحوبات للمستفيدين من التعميم 158 إلى 1200 دولار شهريًا، وستُدفع على 3 سنوات (14,400 دولار سنويًا لكلّ مودع). قيمة هذا الشطر ستبلغ 7.6 مليارات دولار، وسيستفيد منها قرابة 175 ألف حساب.

أمّا المستفيدون من التعميم 166 والبالغ عددهم 132 ألف حساب، فستُرفع دفعاتهم الشهرية إلى 500 دولار (6000 دولار سنويًا) وستُدفع على 3 سنوات كذلك. قيمة المبلغ الإجمالي ستكون 2.4 مليار دولار. وسيتمّ تمويل هذا الشطر، بشقّيه من 3 جهات، هي: الحكومة بـ 1.26 مليار، مصرف لبنان بـ 6.6 مليارات، والمصارف 1.8 مليار دولار.

– ثانيًا، الودائع المؤهّلة التي تقلّ عن 200 ألف دولار لغير المستفيدين من التعميمين أعلاه: قيمة هذا الشطر قدرها 11 مليار دولار، وستُدفع على مدى 5 سنوات. إذ سيحصل كلّ مودع على 3,300 دولار شهريًا (أي ما يوازي 40 ألف دولار سنويًا). وسيتمّ تمويل هذا الشطر بمجمله من الحكومة (الدولة) التي ستتكفل بدفع  7.5 مليارات دولار، بينما سيتحمّل مصرف لبنان 1.5 مليار، والمصارف 2 مليار.

– ثالثًا، تحويل جزء من الودائع “غير المؤهّلة” إلى “ودائع مؤهّلة”: في هذا الشطر، سيقوم مصرف لبنان بدفع 8 مليارات من أصل 31 مليار دولار، رافضًا الاعتراف بالمبلغ المتبقي والبالغ 23 مليارًا بوصفه ناتجًا عن تجارة الشيكات بعد الأزمة. ستُدفع هذه المليارات الـ 8 وفق معدّلات حسم، سيوزعها “المركزي” على سنوات الأزمة، حسبما تكشف مصادر “نداء الوطن”، وستكون على الشكل التالي:

– حسم ودائع العام 2020 الناتجة عن الشيكات، بنسبة 65 %.

– حسم ودائع العام 2021 الناتجة عن الشيكات، بنسبة 70 %.

– حسم ودائع العام 2022 الناتجة عن الشيكات، بنسبة 75 %.

– حسم ودائع العام 2023 الناتجة عن الشيكات، بنسبة 78 %.

وفق هذا الشطر، سيستفيد المودع من الشيكات المودعة في العام 2020 من 35 % من قيمتها فقط… بينما مودعو العام 2023 سيحصلون على 22 % من أصل وديعتهم. أمّا المقصود من مصطلح “ودائع” في هذا الشطر، فهي تلك المحوّلة بعد الأزمة من الليرات اللبنانية إلى الدولار الأميركي، أو تلك الناتجة عن إيداع شيكات في الحسابات بغرض التجارة بها.

بذلك، يكون مصرف لبنان قد منح المودعين ضمن هذا الشطر، ما نسبته 22 % كـ “عتبة انطلاق” وصولًا إلى سقف 35 %. مع العلم أنّ جزءًا كبيرًا من هذه الشيكات كانت قيمته في أغلب سنوات الأزمة تساوي 10 % فقط، وعليه سيقوم مصرف لبنان بترك هامش ربح قدره 10 % في الحدود الدنيا.

– رابعًا، استرداد الفوائد الزائدة: في هذا الشطر، سيقتطع “مصرف لبنان” مبلغًا إجماليًا من حجم الفوائد المتراكمة فوق أصل الودائع، من دون ذكر حجمها بالمجمل، وستمكّنه من حسم قرابة 5 مليارات دولار منها.

– خامسًا، هناك ودائع تقع ضمن خانة الودائع “غير المؤهّلة”، وهي في الحقيقة “غير مشروعة”، وتحوم حولها شبهات تبييض أموال. سيتمّ اقتطاع مبلغ إجمالي منها، قدره 2 مليار دولار من دون معرفة حجمها أو عدد حساباتها.

– سادسًا، وهو الشطر الذي يتردّد أنّ مصرف لبنان سيُخيّر من خلاله كبار المودعين بين: الحصول على أسهم في المصارف، عبر ما يُعرف بـ “Bail In” أو بواسطة الحصول على “سندات صفرية” ، وستُدفع في مهلة تصل إلى 15 سنة. إذ سيتمّ التعامل في هذا الشطر مع مبلغ إجمالي من الودائع قدره قرابة 32 مليار دولار.

في خلاصة هذه الالتزامات، فإنّ المبلغ الإجمالي المطلوب دفعه للسير بهذه الخطة هو: 21 مليار دولار (تشمل 10 مليارات للتعميمين 158 و 166 يضاف إليها 11 مليار دولار لشطر الودائع ما دون 200 ألف دولار).

أمّا لناحية توزيع الأعباء، فستكون على الشكل التالي: الحكومة 8.76 مليارات دولار وهي من أصل المبلغ المترتب عليها لصالح مصرف لبنان والبالغ 16 مليار دولار. مصرف لبنان بـ 8.1 مليارات دولار، وأخيرًا المصارف بـ 3.8 مليارات دولار.

بذلك، تكون التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف، وبالتالي المودعين، قد انحدرت من 83 مليار دولار إلى 0 دولار… وبعد ذلك يمكن الحديث عن انطلاقة جديدة.