
لقاء جديد سيُعقد في باكو… سوريا: نعمل على التوصل لتفاهمات أمنية مع إسرائيل
أعلنت دمشق اليوم الثلاثاء أنها تعمل مع الولايات المتحدة على التوصل إلى تفاهمات أمنية مع اسرائيل حول جنوب سوريا الذي تطالب الدولة العبرية بأن يكون منزوع السلاح بعدما توغلت قواتها في المنطقة عقب سقوط بشار الأسد.
ويأتي هذا الإعلان في إطار خريطة طريق أعلنت عنها سوريا الثلاثاء بدعم أميركي وأردني لإرساء المصالحة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، فيما كشف مسؤول عسكري سوري اليوم أن القوات السورية سحبت سلاحها الثقيل من جنوب البلاد.
وشهدت السويداء أعمال عنف دامية في تموز/يوليو، تدخلت فيها إسرائيل عبر قصف مقار رسمية في دمشق والقوات الحكومية في المحافظة، مشددة على أنها لن تسمح باستهداف الدروز.
وخلال لقاء ثلاثي في دمشق، أعلن الشيباني اليوم خريطة طريق بدعم من الولايات المتحدة والأردن لإرساء المصالحة في المحافظة الجنوبية.
وتشمل خريطة الطريق عدة خطوات من بينها أن “تعمل الولايات المتحدة، وبالتشاور مع الحكومة السورية، على التوصل لتفاهمات أمنية مع إسرائيل حول الجنوب السوري تعالج الشواغل الأمنية المشروعة لكل من سوريا وإسرائيل، مع التأكيد على سيادة سوريا وسلامة أراضيها”، وفق ما أورد بيان للخارجية السورية.
في الأثناء، قال مسؤول عسكري سوري مفضّلا عدم كشف هويته إن “القوات السورية سحبت سلاحها الثقيل من الجنوب السوري”، موضحا أن العملية “بدأت منذ شهرين”.
وأكد مصدر ديبلوماسي في دمشق أن عملية سحب السلاح الثقيل شملت جنوب البلاد “وصولا إلى نحو 10 كلم جنوب دمشق”.
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أكّد أواخر آب/أغسطس أن “مناقشات” تجري بهدف إقامة منطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا.
وبعيد إطاحة تحالف فصائل مسلّحة حكم الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024 بعد نزاع استمر نحو 14 عاما، تقدمت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة في الجولان والتي أقيمت بموجب اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974.
كذلك شنّت الدولة العبرية مئات الغارات على مواقع عسكرية سورية، قائلة إن هدفها الحؤول دون استحواذ السلطات الجديدة على ترسانة الجيش السابق. كما أعلنت مرارا تنفيذ عمليات برية وتوقيف أشخاص تشتبه بقيامهم بأنشطة “إرهابية” في الجنوب السوري.
وكان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع قال للتلفزيون الرسمي الأسبوع الماضي إن سوريا تجري مفاوضات مع اسرائيل للتوصل إلى اتفاق تخرج بموجبه الأخيرة من المناطق التي احتلتها عقب إطاحة الأسد.
محاسبة
ولا يقيم البلدان علاقات ديبلوماسية، ولا يزالان في حالة حرب رسميا منذ عقود. الا أنهما أجريا لقاءات برعاية أميركية خلال الفترة الماضية.
وبحسب المصدر الديبلوماسي، فإن “لقاء اسرائيليا سوريا” جديدا “سوف يعقد في باكو في 19 أيلول/سبتمبر”.
وكان الإعلام الرسمي السوري أفاد في آب/أغسطس بأن وزير الخارجية أسعد الشيباني التقى وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي رون ديرمر في باريس لمناقشة احتواء التصعيد في السويداء.
وشهدت المحافظة بدءا من 13 تموز/يوليو ولمدة أسبوع، اشتباكات بين مسلحين من الدروز وآخرين من البدو، تحولت الى مواجهات دامية بعد تدخل القوات الحكومية ثم مسلحين من العشائر. وبينما أكدت دمشق أن قواتها تدخّلت لوقف الاشتباكات، اتهمها شهود وفصائل درزية والمرصد السوري لحقوق الإنسان بالقتال إلى جانب البدو وارتكاب انتهاكات في حقّ الدروز.
وأسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من ألفي شخص بينهم 789 مدنيا درزيا “أعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية”، بحسب المرصد.
وعلى رغم وقف إطلاق النار، لا تزال المحافظة تشهد توترا. وبقيت مدينة السويداء تحت سيطرة المقاتلين الدروز، بينما تسيطر القوات الحكومية على المناطق المحيطة بها.
وتشمل خريطة الطريق التي أعلنها الشيباني في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأميركي توم باراك “محاسبة كل من تلطخت يداه بالاعتداء على المدنيين وممتلكاتهم بالتنسيق الكامل مع المنظومة الأممية للتحقيق والتقصي”، و”نشر قوات محلية من وزارة الداخلية لحماية الطرق وتأمين حركة الناس والتجارة”.
وأشار الصفدي إلى أن “جزءا من الخريطة… هي آلية مشتركة سورية أردنية أميركية من أجل ضمان تطبيق كل ما أعلنه معالي الأخ (الشيباني) حتى نحل هذه المشكلة”.
“وطن واحد”
وأكد الشيباني أن الخريطة تشمل “العمل على كشف مصير المفقودين واعادة المحتجزين المخطوفين الى عائلاتهم من جميع الأطراف” و”إطلاق مسار للمصالحة الداخلية يشارك فيه أبناء المحافظة بكل مكوناتهم”.
وأحصى المرصد السوري 516 مختطفا من الدروز في محافظة السويداء، بينهم 103 نساء منذ بدء أعمال العنف.
بدوره، اعتبر المبعوث الأميركي أن “الخطوات التي اتخذت اليوم… تاريخية”، ورأى فيها “التزاما بجمع كلّ الثقافات والديانات المختلفة في وطن واحد”.
وعقب أعمال العنف، طالب حكمت الهجري، أحد أبرز الزعماء الدينيين لدروز سوريا، بمساعدة اسرائيل وإقامة حكم ذاتي في السويداء.
وضمن محاولات التهدئة، أعلنت السلطات السورية الثلاثاء استحداث منصب قائد الأمن الداخلي في مدينة السويداء، وتعيين قائد محلي درزي لتولّيه.
ونقل التلفزيون الرسمي عن مصدر في وزارة الداخلية تعيين سليمان عبد الباقي مديرا لمديرية الأمن في مدينة السويداء.
وعُرف عبد الباقي الذي تزعّم فصيل “أحرار جبل العرب” بموقفه القريب من السلطة الانتقالية بعدما كان أحد أبرز القيادات الدرزية المعارضة لحكم الأسد.
وقال المسؤول العسكري السوري إن “عناصر الأمن والداخلية في السويداء سوف يكونون من أبناء المحافظة”.