الخلاف على الإرهاب والعمالة يعطّل إقرار قانون القضاء العسكري؟

الخلاف على الإرهاب والعمالة يعطّل إقرار قانون القضاء العسكري؟

الكاتب: سابين عويس | المصدر: النهار
17 أيلول 2025

في موازاة الخطوات السياسية والاقتصادية والمالية التي تتخذها الحكومة لترجمة التزاماتها حيال الإصلاحات المطلوبة منها، وبالرغم من تلك المتخذة على مستوى استقلالية القضاء والتعيينات التي حصلت أخيراً، لا يزال ملف القضاء العسكري الذي تجاوز دوره في المحاكمات العسكرية حصراً، ليتولى محاكمات مدنية لطالما خضعت للاستنسابية والنفوذ السياسي، ينتظر أن يسلك طريقه نحو إقرار قانون يعيد تنظيم عمله وصلاحياته. وفي هذا السياق، كان لافتاً أن لجنة الإدارة والعدل التي تدرس اقتراح قانون مقدّماً من النائبين جورج عدوان (وهو رئيس اللجنة) وجورج عقيص الرامي إلى تعديل قانون القضاء العسكري الذي يعود تاريخه إلى عام ١٩٦٨، قد أنجزت دراسة الاقتراح ورفعته إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي في تطوّر هام بعدما خضع الاقتراح للدرس لنحو عامين إذ يعود تاريخ تقديمه إلى آذار ٢٠٢٣. وبالرغم من إنهاء اللجنة عملها، لا يزال طريق الاقتراح محفوفاً بالألغام إذ إن الصيغة التي تم التوصّل إليها في اللجنة لم تحصل على موافقة كل أعضاء لجنة الإدارة والعدل في ظلّ عدم التوافق عليها، بحيث تُرك للهيئة العامة التصويت عليها كما كشف عدوان نفسه.

وتأتي الصيغة الأخيرة للاقتراح نتيجةً لاجتماعات اللجنة الفرعية للإدارة والعدل التي درست اقتراحين في هذا الشأن أحدهما للنائبين عدوان وعقيص باسم تكتل “الجمهورية القوية” والآخر قدّمه النائب بلال عبد الله باسم “اللقاء الديموقراطي”. وخلصت الصيغة إلى إعادة عمل المحكمة العسكرية إلى صفتها الاستثنائية كمحكمة مخصّصة حصراً لمحاكمة العسكريين عن الجرائم العسكرية التي يقترفونها، ونهيها عن القيام بمحاكمات عادية هي من اختصاص القضاء المدني.
أبرز الإصلاحات التي لحظها الاقتراح تكمن في عدم محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية مهما كان نوع الجرم المقترف، وعدم محاكمة العسكريين عن جرائم مدنية، إلا أن هذه النقطة تحديداً شكلت أبرز نقاط الخلاف الذي عجزت اللجنة عن الوصول إلى توافق في شأنه. ذلك أن النقاط الأخرى تفصيلية ولا تكتسب أهمية من شأنها أن تعوق إقرار القانون. والنقطة الخلافية الأبرز تكمن في المادتين ٢٠ و٢١ المتعلقتين بجرائم الإرهاب والعمالة التي يرتكبها مدنيون والتي يرى نواب الثنائي الشيعي أنه يجب إخضاعها للمحكمة العسكرية، فيما اقتراح القانون يفصل هذه الجرائم عن القضاء العسكري ويبقيها تحت القضاء المدني حتى لو تبيّن أن هذه الجرائم حصلت بالمشاركة بين مدنيين وعسكريين. ويريد الثنائي من خلال ذلك إبقاء إحكامه السيطرة على القضاء ولا سيما في ما يتصل بجرائم الإرهاب والعمالة.
وبناءً على ذلك، يبقى التحدي الأكبر في إدراج هذا الاقتراح على جدول أعمال الهيئة العامة المقبلة للمجلس النيابي بعدما أحيل ضمن الأصول، وألا يخضع للتجاذبات السياسية في ظلّ اعتراضات الثنائي، بحيث يتم إقراره بالصيغة التي تحمي المدنيين من النفوذ السياسي الذي تمارسه المحكمة العسكرية.