
“ستارلينك”: فرصة لبنان الحقيقية رغم كلّ التضليل
في البلد من يهوى معارضة كلّ خطوة من شأنها أن تجعل من لبنان دولة لها مقوماتها القادرة لا فقط على تحقيق المساواة بين المواطنين بل كل ما يمكن أن يحوّل لبنان إلى واحة استثمارات وإلى وطن له بناه التحتية القادرة على تلبية احتياجات أبنائه بما يليق بهم.
اليوم وبعد مهاجمة قرار حصرية السلاح، بدأ الهجوم على ملف ستارلينك. محطة جديدة من محطات محاولة القيام بلبنان وإعادته إلى ما كان عليه قبل أن يكون تابعًا لمحاور القتل والدمار والخراب والتخلف والفقر.
اليوم ومع “ستارلينك” فإن عزلة الجغرافيا لم تعد موجودة والحق بالإنترنت السريع صار مؤمنًا للجميع أينما وجدوا وهذا ما يحتاجه لبنان بالدرجة الأولى في ملف الإنترنت والاتصالات.
أمّا على صعيد المؤسسات والاقتصاد فإنّ “ستارلينك” سيُشكل داعمًا لأسباب متعددة:
الترخيص الحالي موجّه أولًا للمؤسسات والشركات. ما قد يراه البعض عائقًا أمام الاستخدام الفردي، يُشكل في الواقع بداية ذكية:
* المؤسسات قادرة على تحمل التكلفة (حوالى 100$ شهريًا).
* استفادتها المباشرة تعني تشغيلًا أسرع للأعمال، دعمًا للتجارة الإلكترونية، وضمان استمرارية الشركات الناشئة. ما ينعكس في النهاية على خلق فرص عمل جديدة للشباب، بدل أن يبقى الإنترنت عائقًا أمام أي مشروع ناشئ.
في حملة الشتم والتضليل الدائرة يركز المضللون على ثلاث نقاط: السيادة، المراقبة، وحماية مزوّدي الإنترنت المحليين.
لكن لننظر إليها بعين العقل:
* السيادة الرقمية: الإنترنت عبر الأقمار ليس اختراعًا غريبًا، بل خدمة موجودة اليوم في أكثر من 140 بلدًا، من أميركا إلى أفريقيا. حماية البيانات مسؤولية القوانين المحلية وآليات الرقابة، لا سبب لحرمان اللبنانيين من التكنولوجيا.
* المراقبة: حجة أن “الحزب” أو أي جهاز لن يتمكن من مراقبة “الداتا” ليست سببًا لحرمان الشعب من حقه بالاتصال. المطلوب تقوية الإطار القانوني لا إطفاء الأمل.
* حماية المزوّدين: كثير من حملات الرفض الممنهجة لا يأتي من منطلق وطني أو علمي، بل من مصالح ضيقة.
الشرعية والإجماع الحكومي
والواقع، أنّ الميزة الأبرز في ملف “ستارلينك” بلبنان أنّه لم يأتِ بقرار مفاجئ أو بضغط خارجي، بل حصل على إجماع مجلس الوزراء، وهو أمر نادر في القضايا الخلافية. هذا الإجماع يعكس قناعة جماعية بأن المشروع لا يمسّ بالسيادة، بل يشكّل فرصة إنقاذية لقطاع الاتصالات والخدمات الرقمية.
كما أنّ الترخيص الممنوح واضح وصريح: لا يتضمّن أي شكل من أشكال التجوال الدولي (roaming)، بل يقتصر على الاستخدام داخل الأراضي اللبنانية.
وهذا يعني أنّ الخدمة موجَّهة حصريًا للمؤسسات والشركات في الداخل، ولا يمكن استغلالها كمنصّة لتجاوز القوانين أو إدخال خدمات خارجية غير منظّمة.
بذلك، تُسدّ واحدة من أبرز الثغرات التي حاول المعارضون النفاذ منها للتشكيك بالمشروع، في حين أنّ الوقائع تثبت أنّ القرار شرعي، جامع، ومصمَّم بعناية ليخدم مصلحة اللبنانيين أولًا.
بالأرقام: السوق الموازي للإنترنت
* بحسب تقرير صحافي (transparency.news، 2023)، نحو مليون مشترك في لبنان يحصلون على الإنترنت من شبكات غير شرعية تعمل خارج رقابة الدولة.
* هذه السوق تقدَّر قيمتها بمئات ملايين الدولارات سنويًا، في وقت تعاني فيه الخزينة من عجز مزمن.
* الأسعار التي يقدّمها بعض المزوّدين غير الشرعيين تتراوح بين 15 و25 دولارًا شهريًا، لكنها رخيصة فقط لأنهم لا يدفعون ضرائب ولا يلتزمون بالقوانين.
* في المقابل، خدمة “ستارلينك” تبلغ حوالى 100 دولار شهريًا، لكنها تقدّم سرعة واستقرارًا أعلى، إضافة إلى شرعية واضحة وشفافية في التسعير.
إنّ دخول “ستارلينك” يعني تهديدًا مباشرًا لأرباح الشبكات غير الشرعية. لذلك ليست مفاجئة شدّة الحملات ضد المشروع، التي تُسوّق تحت شعار “حماية السيادة” بينما هي في الواقع دفاع عن مصالح مالية غير قانونية.
والخلاصة هي أنّ “ستارلينك” ليس مشروعًا ضد لبنان، بل فرصة لإعادة وصل لبنان بالعالم، حين عجزت البنى التحتية المتقادمة عن أداء دورها. ولا أحد ينكر أن المشروع يحتاج متابعة دقيقة وتنظيمًا شفافًا. لكن الأكيد أن إغلاق الباب أمامه يعني مزيدًا من العزلة الرقمية، مزيدًا من المعاناة لجميع المستخدمين.