​«الحزب» يحيّد الجيش من حملته… والعين على تعاونه لتسليم السلاح

​«الحزب» يحيّد الجيش من حملته… والعين على تعاونه لتسليم السلاح

الكاتب: بولا أسطيح | المصدر: الشرق الاوسط
18 أيلول 2025

يحصر «حزب الله» راهناً اعتراضاته وهجومه بالحكومة اللبنانية ورئيسها نواف سلام، محيداً رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون كما قيادة الجيش اللبناني. فالحزب الممتعض من القرار الوزاري بـ«حصرية السلاح» بيد الدولة، ومن أداء سلام بما يتعلق بالتعامل مع الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية، يخوض حواراً تخفت وتيرته أحياناً وتنشط أحياناً أخرى مع الرئاسة الأولى. وكذلك يواصل، ولو بالحدود الدنيا، تعاونه وتنسيقه مع الجيش لتسليم سلاحه جنوب الليطاني؛ تطبيقاً لقرار وقف النار الذي وافق عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبدا لافتاً خروج المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل، الاثنين، ليشيد بقائد الجيش العماد رودولف هيكل، عادّاً أنه «في تقديم ما سُمّيت الخطة العسكرية لتنفيذ قراري 5 و7 أغسطس (آب)، اتسم (هيكل) بالحكمة أكثر بكثير من قرارات الحكومة، وأسهم في تنفيس الأجواء». ولفت الخليل إلى أنه «إذا بقيت قيادة الجيش حكيمة بلغتها وبممارساتها على الأرض، فلا أحد يريد التصادم على الأرض، لذا نأمل استمرار هذه الفرملة من أجل استقرار البلد».

استمرار التعاون

وتتضارب المعلومات بشأن استمرار الحزب بالتعاون بملف تسليم سلاحه جنوب الليطاني. ففيما تحدثت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» عن تراجع هذا التعاون ما قد يؤدي لتأخر إنجاز مهمة الجيش في هذه المنطقة، أشارت مصادر أمنية إلى أن «الحزب لا يزال متعاوناً أقله حتى الساعة».

ولفتت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «العمل متواصل لتفكيك ما بين 10 و15 في المائة من البنية العسكرية المتبقية للحزب في جنوب الليطاني». وأضافت: «الجيش ينسق مع لجنة الإشراف الخماسية (MECHANISM) وقوات اليونيفيل، وأحياناً مع الحزب لتحديد المواقع التي يفترض دخولها وتفكيكها».

وكان رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد، لوّح في مقابلة تلفزيونية في وقت سابق، إلى وقف التعاون مع الجيش بجنوب الليطاني؛ اعتراضاً على قرار الحكومة بحصرية السلاح. ولم يصدر أي تعليق على هذا الحديث من أي جهة رسمية لبنانية.

خطة الجيش

وتنص خطة الجيش لحصرية السلاح، حسبما كان قد أعلن وزير الخارجية يوسف رجي، على خمس مراحل، تبدأ بمرحلة أولى تمتد إلى ثلاثة أشهر، يُنهي خلالها الجيش حصر السلاح نهائياً في منطقة جنوب الليطاني، وهي تلحظ بالتوازي تطبيق إجراءات أمنية في جميع الأراضي اللبنانية، حيث سيقوم الجيش بتشديد الحواجز وتكثيفها، ومنع تنقّل وحمل السلاح.

أما المراحل الأربع التالية ستشمل باقي المناطق اللبنانية، مثل البقاع وبيروت، «لكن من دون مهل زمنية محددة».

التقرير الشهري

وقد كلّفت الحكومة الجيش بتقديم تقرير شهري يلحظ الخطوات التي يتم اتخاذها للتقدم بخطة حصرية السلاح. وليس واضحاً حتى الساعة متى ستقدم قيادة الجيش تقريرها الأول؛ إذ قال مصدر أمني إنه لا يوجد موعد محدد بعدُ.

من جهته، قال مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن مهلة الـ3 أشهر المقبلة التي حددها الجيش بوصفها مرحلة أولى من خطته، سيتم العمل خلالها على سحب السلاح جنوب الليطاني، لكنه بالتوازي سيعمل على تعزيز الحواجز شمال النهر لمنع عمليات نقل وتهريب السلاح وتحريكه، وبالتالي سيقوم باحتواء السلاح في المواقع، حيث يوجد راهناً ويمنع استخدامه على أن يُعد لسحبه وفق الإمكانات التي سيعمل على أساسها».

معارضو الحزب مطمئنون

وتبدو القوى المعارضة لـ«حزب الله» مطمئنة للمسار الذي تسلكه الأمور رغم التصعيد الكلامي الذي ينتهجه الحزب.

وتشدّد عضوة كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائبة غادة أيوب على أن «مساراً لبنانياً جدياً انطلق وبخطى ثابتة نحو فرض الدولة سيادتها بقواها الذاتية».

وعدّت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا المسار بدأ في جلسة الحكومة 5 أغسطس، واستكمل 5 سبتمبر (أيلول) مع خطة الجيش اللبناني لنزع السلاح غير الشرعي، بدءاً من جنوب الليطاني. وقد ركّز هذا المسار على ثلاث نقاط أساسية: مصادرة أي سلاح غير شرعي على كامل الأراضي اللبنانية، والتأكيد أن سلاح (حزب الله) لم يعد يحظى بأي استثناء أو غطاء رسمي كما في المراحل السابقة، والتزام الدولة، عبر تقارير الجيش اللبناني الشهرية، بوضع الحكومة في صورة التقدم المُحرز نحو احتكار السلاح بيد الشرعية».

وترى النائبة أنه وفي ظل كل ذلك، فإن «(حزب الله) يتحمل بشكل مباشر مسؤولية الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل بحق عناصره، كما يتحمل مسؤولية أي توسع إسرائيلي في الحرب، بسبب تمسكه بسلاح لم يعد قادراً على استخدامه في مواجهة إسرائيل».

انكشاف الساحة اللبنانية

من جهته، يعد مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر أن «الجدية في تطبيق خطة حصرية السلاح ستتبين خلال الشهر الأول، من خلال كيفية تصرف الجيش وبأي فاعلية، وهل ستكون هناك نتائج سريعة وفعلية على الأرض».

ولفت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «طلب تمديد المهلة من 3 إلى 6 أشهر قد يكون منطقياً بانتظار توافر الموارد المطلوبة على أساس أن الخطة الواجب تنفيذها ضخمة، لكن لا شك أن إبقاء الأفق الزمني مفتوحاً يبقى ثغرة في هذه الخطة».

وينبّه نادر على أنه «وفي حال تبين أن هناك نوعاً من التلكؤ، فذلك سيعني أننا سنكون بصدد انكشاف الساحة اللبنانية من جديد؛ لأن عدم تحديد مهل زمنية أو إطالتها سيردنا إلى المناورات السياسية التي تعوّدنا عليها من خلال محاولة تجنب اتخاذ قرارات سياسية، ورمي المسؤوليات في ملعب الجيش»، مضيفاً: «على الجميع أن يتذكر أن موازين القوى الحالية لم تعد تسمح بمناورات، خصوصاً أنه بعد الضربة الإسرائيلية على قطر، بات واضحاً أن تل أبيب لن تقبل بأن تكون الأمور محصورة لبنانياً بجنوب الليطاني».