جميل السيِّد والصندوق الأسود

جميل السيِّد والصندوق الأسود

الكاتب: جان الفغالي | المصدر: نداء الوطن
19 أيلول 2025

هل عثر اللواء النائب جميل السيِّد على “الصندوق الأسود” بعد حطام “طائرة الممانعة”؟ وهل قرر أن يفتحه ليكشف ما فيه من خبايا وأسماء عن علاقة “حزب الله” بمَن سمَّاهم السيد في أكثر تغريداته إثارة للجدل؟

يقول السيد في تغريدته: “كيف ترد على السفلة وتشفي صدور قومٍ مؤمنين؟! على “حزب الله” أن ينشر فورًا لائحة بأسماء السياسيين والإعلاميين والقضاة والضباط وغيرهم الذين تلقوا منه موازنات وأموالًا ومنافع وظيفية وخدماتية واستفادوا بسمسرات وحمايات وغيرها على مدى سنوات عديدة، وهذا النشر ليس انتقامًا من هؤلاء الذين انقلبوا عليهم بل نصيحة لمن يستخدمهم اليوم بأن الذين  اغتنوا وخانوا هنا سيخونونك هناك”. (انتهت التغريدة).

وهل أهم من هذه التغريدة لأن تكون بمثابة “إخبار” إلى القضاء؟ هذا النوع من “الإخبارات” درج في مطلع عهد الرئيس إميل لحود، وكانت تُنشَر تحت مسمَّى “إخبار من مواطن صالح”.

عمليًا، مَن يعرف اللواء السيد، ويعرف أنه “يعرف”، يستنتج أن تغريدته هي “أجوبة” أكثر مما هي أسئلة، وفي أسلوب”إملأ الفراغ بالأسماء المناسبة”، فهي أقرب إلى “تساؤل العارف” منها إلى “تساؤل الجاهل”، فهذا الضابط الذي لم يشتغل إلا “مخابرات” منذ كان في البقاع ثم مساعدًا لمدير المخابرات، وكان عمليًا هو المدير الفعلي، حتى قيل “إن جميل السيِّد هو مدير المخابرات في زمن العميد ميشال الرحباني على رأس المديرية”، حتى حين أصرَّ الرئيس الشهيد رفيق الحريري على أن يكون هناك مساعد ثانٍ لمدير المخابرات، ويكون من الطائفة السنيَّة، لتحقيق التوازن مع المساعد الشيعي، تم تعيين العميد محمد فرشوخ، الذي كان من الضباط المشهود لهم بالكفاءة، ويتندَّر أحد الضباط في المديرية آنذاك، بروايةٍ مفادها أن مكتب العميد فرشوخ كان “نظيفًا” من أي ورقة باستثناء الصحف التي غالبًا ما تكون مفتوحة على صفحات الكلمات المتقاطعة، وتبيَّن أنه كان ممنوعًا من أن تصل التقارير إليه لئلا تصل إلى الحريري.

هكذا تمتَّع جميل السيد بصلاحيات “مَن هو فوقه، أي الرحباني، ومَن هو تحته، أي فرشوخ”.

هذا “الصيت” رافق اللواء السيد حتى حين أصبح العماد لحود رئيسًا للجمهورية، واللواء السيد مديرًا للأمن العام، فكان يُقال: “العماد لحود هو رئيس للجمهورية في عهد اللواء السيِّد”.

هكذا يكون اللواء السيد هو “الصندوق الأسود” على مدى ثلاثين عامًا، أبرزها منذ العام 1990 حتى العام 2005، أي في الفترة التي كان فيها “حزب الله” يملك “صندوق المال الطاهر”، ويوزِّع الموازنات على مَن سمَّاهم السيِّد الذي يبدو أنه يعرف “كلَّ قرش صرفه حزب الله، وعلى مَن”.

ما قاله السيِّد يستحيل أن يبقى من دون تتمة، فمَن هي الأسماء؟ قرابة الخمسة أيام مرت على هذه التغريدة، ولم تلقَ اهتمامًا ممن طُلِب منهم كشف الأسماء! هل أُحرج “حزب الله”؟ إذا لم يتجاوب “حزب الله” فإن اللواء السيِّد مطالَب بكشف الأسماء، وما لم يفعل يكون في موقِع الملام، فيما هو يضع “حزب الله” في موقِع الملامة. والأهم من كل ذلك، على اللواء السيِّد أن يكشف لماذا كان “حزب الله” يدفع موازنات لمَن سمَّاهم ولا سيما منهم القضاة والضباط والإعلاميين.