
متري : تفهّم سوري لملفّ المعتقلين
شكل الاجتماع التمهيدي الذي عُقد في بيروت أخيراً بين لجان قضائية وأمنية سورية ولبنانية، لبحث ملفّ المعتقلين والاتفاقيات الثنائية تحوّلاً جذرياً في آليات التعامل مع القضايا الشائكة المطروحة بين البلدين، على نحو يترجم التوافقات التي حصلت على مستوى قيادتي البلدين.
وإذ ينظر لبنان إلى مسار جديد يرتسم للعلاقات اللبنانية السورية بدأ يخط ملامحه ولو ببطء ولكن بثبات، فإن الإجراءات العملانية التي ترافق هذا التوجّه، بالرغم من الزيارات المتبادلة والمتتالية وكان توجها رئيس الحكومة نواف سلام بزيارة لدمشق في تموز الماضي، لا تزال بطيئة تحت وطأة ردود فعل متباينة في الداخل اللبناني بلغت مستوى التشكيك في مدى جدّية ما تقوم به الحكومة لمواجهة المشاكل المزمنة العالقة بين البلدين منذ عهد الوصاية.
في هذا السياق، ورداً على الحملات، يؤكد نائب رئيس الوزراء طارق متري الذي يتولى هذا الملف أن لبنان دخل مرحلة جديدة مع سوريا على مسار استعادة علاقات طبيعية بين البلدين تخرجها من تراكمات الماضي إلى أفق جديد يرتكز على الحوار والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة.
عقب زيارة وفد رسمي سوري لبيروت ولقائه بمتري، كشف الأخير لـ”النهار” أنه تم الاتفاق على سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا. وقد شُكّلت لجنتان متخصّصتان، لبنانيتان-سوريتان لمتابعة العمل على معالجة القضايا المشتركة بين البلدين. وقد عقدت اللجنتان أول اجتماعاتهما في دمشق، حيث جرى البحث في مسائل أمنية وقضائية أساسية، أبرزها قضية المفقودين اللبنانيين في سوريا والمفقودين والموقوفين السوريين في لبنان.
وتقرّر عقد الاجتماع الثاني في بيروت قريباً، لمتابعة بحث هذه المسائل في قضية ضبط الحدود والقضاء على التهريب.
لا يحدد متري موعداً للاجتماع المقبل، كما لا يحدد أي موعد محتمل لزيارة وفد سوري للبنان، أو أي زيارة لوفد لبناني لسوريا، وذلك ربما رهن بتقدم العمل على مسارات الملفات المفتوحة بين البلدين.
ولدى سؤاله عن الملف الذي تعلق عليه القيادة السورية وعلى رأسها الرئيس أحمد الشرع أهمية قصوى، والمتصلة بملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، يجيب متري بالقول: “نعمل على وضع اتفاقية تعاون قضائي بين لبنان وسوريا نستند إليها في معالجة قضية الموقوفين السوريين. الإرادة السياسية عندنا قوية والمعالجة القانونية سنصل إليها بسرعة إن شاء الله. بطبيعة الحال، لا بد لنا من وضع معايير للتمييز بين الموقوفين لدواعٍ سياسية وغير متهمين بأي نوع من الجرائم (وهم مرشحون للإفراج عنهم أو تسليمهم) والموقوفين بتهم جنائية أو بسبب الاعتداء على الجيش والقوى الأمنية اللبنانية (الذين يترتب على القضاء اللبناني الإسراع في محاكمتهم). وقد لمسنا من الإخوة السوريين أنهم متفهمون لكل ذلك”.
لا يعلق متري أهمية على حملات التشكيك التي تعرّض لها ويقول “لسوء الحظ، نحن في بلد تكثر فيه المبالغات والتكهنات والأقاويل والإشاعات والأخبار المختلقة”. ولدى سؤاله عمّن يطلقها وهل الهدف منها استهداف التقارب السوري اللبناني الحاصل أخيراً، يجيب: “لا أعرف، ربما. ولكن لا أعتقد أن الثرثرة تستطيع منع التقارب اللبناني السوري”.