الحزب واستعادة المقاومة

الحزب واستعادة المقاومة

الكاتب: اسعد بشارة | المصدر: نداء الوطن
19 أيلول 2025

يدور في أروقة “حزب الله” نقاش داخلي حول إمكان الرد على سلسلة الاغتيالات التي استهدفت كوادره، كما يدور نقاش موازٍ حول التوقيت المناسب لأي رد. غير أن “الحزب” يدرك جيدًا أن أدوات الرد ليست متاحة، لأن أي عملية عسكرية تعني العودة إلى الحرب الشاملة وما يرافقها من تهجير وانهيار للبنى التحتية.

كما أن خيار الرد عبر حلفائه لم يعد مطروحًا. فحماس، التي كانت أحد أبرز أوراقه، تقف اليوم أمام استحقاق مصيري يتمثل في تسليم سلاحها إلى الدولة اللبنانية عاجلًا أم آجلًا، الأمر الذي يجعلها غير قادرة على الدخول في مواجهة جديدة بالوكالة عن “الحزب”. أما حركة “الجهاد”، فهي بدورها تعيش أزمات داخلية عميقة تجعلها بعيدة عن أي قدرة فعلية على التصعيد.

في هذا السياق، جاءت الإنذارات والغارات الإسرائيلية الكثيفة على جنوب الليطاني لتؤكد أن إسرائيل باتت تستخدم فائض القوة الذي نتج عن انكسار موازين الردع. فهي تتعامل مع اتفاق وقف إطلاق النار باعتباره فرصة لتثبيت معادلات جديدة على الأرض، عبر فرض تطبيق كامل لبنوده وفق تفسيرها الخاص، مع الإبقاء على احتلالها للنقاط الخمس المتنازع عليها.

“الحزب” أمام لحظة اختبار تاريخية. فلو كان أي طرف آخر يمتلك زمام القرار مكانه، لسارع إلى تسليم الدولة مسؤولية الدفاع والاحتماء بمؤسساتها الشرعية. لكن “حزب الله”، المرتبط عضويًا بإيران، عاجز عن القيام بهذا التحول البنيوي لأنه محكوم بالاستمرار في تنفيذ أجندة طهران، حتى لو جاء ذلك على حساب اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم.

الأحداث التي شهدها الجنوب أمس لم تكن مجرد جولة عابرة من التصعيد، بل أقرب إلى بروفة حرب مؤجلة. قد تتأخر هذه الحرب لأسباب إقليمية ودولية، لكنها تظل في حكم الحتمية، ما دامت المعادلات الحالية قائمة، وما دام “حزب الله” يرفض العودة إلى كنف الدولة والانخراط في مشروع وطني جامع يضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار.