اجتماع دبلوماسي لبناني – سوري: “تصفير المشاكل”

اجتماع دبلوماسي لبناني – سوري: “تصفير المشاكل”

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن
20 أيلول 2025

بدأت ترتسم الصورة الجديدة للعلاقات اللّبنانيّة – السورية، بعد عقودٍ من علاقة “غير طبيعية” أرستها ظروف وصاية النظام السوري السابق. وفي سياق تطبيع العلاقات، عقد اجتماع في العاصمة اللبنانية بيروت بين وفد من وزارة الخارجيّة السورية ووفد من وزارة الخارجية اللبنانية.

اجتماع دبلوماسيّ

جاء الاجتماع بعد أيام قليلة من اللقاء الذي جمع الرئيسين اللبناني جوزاف عون والسوري أحمد الشرع على هامش القمّتين العربية والإسلامية، اللتين عقدتا في الدوحة بعد العدوان الإسرائيلي على العاصمة القطرية، التي شارك فيهما كلّ من وزيري الخارجية اللبناني يوسف رجّي والسوري أسعد الشيباني. وتقول مصادر دبلوماسية لـ”المدن” إنّ لقاء الرئيسين لعب دورًا أساسيًا في تسريع اللقاء الذي عقد في بيروت بين الوفدين الدبوماسيين اللبناني والسوري. 

كما أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أكد لنظيره اللبناني يوسف رجي أنه سيزور العاصمة اللبنانية بيروت في أقرب فرصة ممكنة، لبحث مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وذلك بعد الانتهاء من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ماذا بحث اللقاء الدبلوماسي اللبناني – السوري؟

تُفيد مصادر “المدن” أن الوفد التقني السوري ترأسه معاون وزير الخارجية السوري لإدارة الشؤون العربية محمد طه الأحمد، وضم ّكُلًا من مدير إدارة شؤون المُغتربين محمد عبد السلام، ومدير الشؤون الإدارية أنس البدوي. أمّا الجانب اللبناني فتمثل بمدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية إبراهيم عساف. وعقد اللقاء في مقر الوزارة في بيروت، ووصفته المصادر  بـ “الإيجابي والمثمر”.

تكشفُ المصادر أن الاجتماع تمحور حول عدة ملفات أساسية في ترسيخ العلاقة بين بيروت ودمشق. وتركّز البحث حول مستقبل العلاقات والشؤون الدبلوماسية والقنصلية بين البلدين. لكن لم تغب أيضاً من النقاشات ملفات ترسيم الحدود اللبنانية – السورية، والموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، والمفقودين اللبنانيين في سوريا في حقبة حكم آل الأسد.

حل الملفات العالقة

تكشف مصادر “المدن” أن الجانب السوري أبدى استعدادًا كاملًا لحلّ مسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا. إذ شكل هذا الملف عقدة تاريخية أثناء حكم البعث في دمشق، حيث كان النظام المخلوع دائمًا ما يتهرب من إنجازه لاعتبارات سياسية. وذلك على الرغم مما يحمله ترسيم الحدود من معانٍ سياسية وحتى اقتصادية بالنسبة للبلدين.

طلب الجانب اللبناني مساعدة دمشق في حل أزمة النزوح السوري، خصوصًا أنّ نظام الأسد الذي كان يمنع عودتهم الآمنة لم يعد موجودًا. ونقل الوفد السوري استعداد بلاده للتعاون مع لبنان لتأمين العودة الآمنة والكريمة للمواطنين السوريين إلى بلادهم.

كما أعاد الوفد اللبناني طرح قضية المفقودين اللبنانيين في سوريا في العقود الماضية. فأكد الوفد السوري أهمية معالجة هذا الملف، خصوصًا أنه بعد سقوط نظام الأسد لم يتبيّن أن عدد اللبنانيين الذين وجدوا في أقبية سجون بشار الأسد مطابقٌ للعدد وللأسماء الموجودة لدى السلطات والجهات المعنية في لبنان. يُذكر أن لبنان سبق أن قدّم لائحة تضم أسماء كل المفقودين اللبنانيين في سوريا.

في المقابل تطرق الوفد السوري إلى قضية الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، حيث أعاد الجانب اللبناني تأكيد الموقف الرسمي الذي يؤكد ضرورة حل هذا الملف ضمن الأطر القانونية والقضائية والإنسانية وفي أسرعِ وقتٍ ممكن، عبر تفعيل التعاون المؤسساتي والتواصل بين البلدين والدوائر المُتخصّصة في لبنان وسوريا.

في السياق نفسه، أكد الوفد السوري تفهّم دمشق للموقف اللبناني، خصوصًا أنّ مصادر “المدن” كشفت أنّه يجري العمل على صوغ اتفاقية تعاون قضائي جديدة بين البلدين، تتيح معالجة هذا الملف، وأيّة مسألةٍ قانونية مستقبلًا بما يضمن سيادة سوريا ولبنان.

فتح صفحة جديدة

كذلك نقل الوفد السوري موقفًا رسميًا من دمشق عنوانه أنّ سوريا تريد فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائيّة مع لبنان، أساسها الاحترام المُتبادل، وعدم التّدخل في الشؤون الداخلية من كلا الطرفين. كما أكد الوفد الدبلوماسي السوري أن القيادة السورية تريد “تصفير المشاكل” في العلاقة مع لبنان، التي يُراد لها أن تكونَ بناءةً ومؤسساتية.