
هذا من فضل الله علينا
في الذكرى السنوية الأولى لمجزرة البيجر التي أصابت شبابًا ونساء وأطفالًا لبنانيين،”فقع” الشاطر حسن فضل الله تصريحًا في مجلس الشورى اللبناني، خصصه لتقريع حكومة نوّاف بك وتذكيرها بواجباتها ومسؤولياتها. الرجل محق في كل كلمة قالها. حكومة مقصّرة وعاجزة ومتآمرة و”بتسوى فجلة”.
من سمع كلام الفاضل فضل الله لم يخامره أدنى شك بأن الدولة السيئة الذكر تتحمل مسؤولية مباشرة في فضيحة أجهزة البيجر. استورد أحد التجار المعروفين, بناء على إجازة مسبقة، كمية من الأجهزة العالية الجودة لبيعها في السوق المحلي. سدد المتوجب عليه من رسوم للجمارك بعدما تم فحصها. باع تاجر الجملة حوالى 5000 حبة لتجار التجزئة حتى أن سفير النظام الإيراني مجتبى أماني اشترى جهازًا و”كان مبسوط منو كتير”.
إذًا المسؤولية متدرجة بدءًا من “الأداة التنفيذية” للدولة، أي حكومة ميقاتي مرورًا بالجمارك والأجهزة الأمنية ووزيري المال والاتصالات انتهاء بالتاجر.
والمسؤولية تنسحب على حكومة نواف سلام، لتقصيرها في ملاحقة المستورد الأرعن، ومعالجة الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية للتفجير وجرّ ضباط الموساد إلى المحاكم.
ومن دقق في كلام البرلماني الوسيم لفته عمق الرجل في فهم الدستور وإيمانه المطلق بسلطة الدولة ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، ومرجعيتها في قراري السلم والحرب. انطلاقًا من هذه الثابتة يأخذ فضل الله على الحكومة السابقة تهورها في خوض حرب الإسناد لدوافع أخلاقية وإنسانية ومبدئية… أخلاقية؟ نعم. غبية؟ بالتأكيد.
وبما أنّ وزير الحرب العميد موريس سليم قرر خوض حرب الإسناد في أكتوبر 2023، تحت إشراف الفريق محمد نجيب ميقاتي، ومن دون الوقوف على رأي “المقاومة” وتقييمها لواقع الأرض، دفّع (موريس) اللبنانيين ما لا طاقة لهم على تحمله، وكون الحكم استمرارية، فمن واجب حكومة سلام تحمل النتائج والتصدي لغطرسة العدو بإرساء معادلة جديدة. المسيّرة بالمسيرة الصاروخ بصاروخ واعلموا أن مخزون صبر فضل الله الاستراتيجي نفد. وصبر الحكواتي أيضًا.
من فضل فضل الله على الحكومة اللبنانية تذكيرها بالتزامها “حفظ سيادة لبنان ومنع أي اعتداء عليه وبوثيقة الوفاق الوطني باتخاذ كافة الاجراءات لتحرير الأرض وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحق لبنان بالدفاع عن النفس”. وهي لم تفعل شيئًا لا بل “تصمت عن اعتداءات العدو”. بئس هكذا حكومات.
بناء على ما سبق، جيّد أن تستلهم الحكومة اللبنانية من تجربة حكومة حماس التي قضى رئيسها أحمد الدعاليس في حرب طوفان الأقصى، ومن تجربة حكومة التغيير والبناء ( حكومة الحوثيين) التي رأسها أحمد الرهوي وقضى فيها بغارة إسرائيلية غاشمة وتجربة دويلة “الحزب” التي خسرت ملهمها منذ سنة. أول صاروخ “شرعي” يُطلق لتحرير الأرض، كما يشتهي فضل الله، نذهب لنعزّي بالمجاهد نواف بك ونعلق صورته بعد سنة على صخرة الروشة.