التهديدات تتجدد ومعركة التمديد فُتحت

التهديدات تتجدد ومعركة التمديد فُتحت

الكاتب: سعد الياس | المصدر: القدس العربي
21 أيلول 2025

فيما يستكمل «حزب الله» استعداداته لإحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال أمينيه العامين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، ثمة سؤال يُطرَح إذا كانت إسرائيل ستسمح بإحياء سلس لهذه الذكرى بعدما وجّهت رسالة أمنية إلى «الحزب» من خلال معاودة غاراتها وتحذيراتها لسكان جنوب لبنان عبر المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أم أنها ستلجأ إلى افتعال اضطرابات وتصعيد تهديداتها لعدم اغتنام «حزب الله» المناسبة من أجل إبراز قوته الشعبية واستمرار التفاف بيئته الحاضنة حوله؟

وفي وقت يرفض «حزب الله» تسليم سلاحه انطلاقاً من رفضه نزع نقاط قوة لبنان، يوجّه نيران بياناته في اتجاه السلطة السياسية في لبنان ويتهمها بالانقياد خلف الإملاءات الأمريكية وعدم حماية أهالي الجنوب. أكثر من ذلك، بدلاً من أن يكون إحياء ذكرى اغتيال نصرالله وصفي الدين مناسبة لإعادة وصل ما انقطع مع سائر المكونات اللبنانية، فقد واجه الإعلان عن فعاليات الذكرى احتجاجا من شريحة واسعة من أهالي بيروت رفضوا إضاءة صخرة الروشة وما ترمز إليه من معلم سياحي وثقافي بصورة كل من نصرالله وصفي الدين.

وعبّر نواب العاصمة اللبنانية خصوصاً السنة والمسيحيون عن هذا الاعتراض وعن القفز فوق القانون وعدم طلب الترخيص اللازم من قبل محافظ بيروت القاضي مروان عبود. وأكد هؤلاء النواب حاجة بيروت إلى خطوات توحد أبناءها لا إلى ما يزيد الانقسام بينهم، سائلين كيف لمن اتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري ولمن اعتبر اجتياح بيروت في 7 ايار/مايو يوماً مجيداً أن توضع صورته على صخرة الروشة واستفزاز مشاعر البيارتة؟ وسأل البعض ما ستكون ردة فعل «حزب الله» إذا قرر «تيار المستقبل» رفع صورة الرئيس رفيق الحريري في قلب الضاحية الجنوبية، أو إذا قرّر النائب نديم الجميل رفع صورة والده الرئيس بشير الجميل على أعمدة قلعة بعلبك؟

وفي اعتقاد هذا البعض أن «حزب الله» تعمّد تخصيص جزء من نشاطاته في الذكرى للعاصمة بيروت لإعطاء صورة أن حضوره يتجاوز الضاحية الجنوبية والطائفة الشيعية وأنه ما زال يتمتع ببُعد وطني وجغرافي. ولذلك دعا إلى مسيرة شعبية من عين المريسة إلى المنارة في الذكرى الأولى لتفجير «البيجر».

وتأتي تحركات «حزب الله» قبل أشهر من استحقاق داهم هو الانتخابات النيابية التي بدأت معركتها تلوح في الأفق جراء التجاذب السياسي القوي حول اقتراع المغتربين بين قوى مؤيدة لتصويتهم لـ 128 نائباً في مقدمتها «القوات اللبنانية» والكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي والتغييريون، وبين قوى معارضة تريد حصر اقتراعهم بـ 6 نواب في الخارج في مقدمتها الثنائي الشيعي «حركة أمل» و«حزب الله» و«التيار الوطني الحر».

ويتخوف فريق الثنائي والتيار من أن يأتي تصويت المغتربين لمصلحة الفريق السيادي ومن أن تقلب نتائج الانتخابات التوازنات الحالية في مجلس النواب وأن يتم اختراق الكتلة الشيعية المؤلفة راهناً من 27 نائباً بنائب شيعي أو أكثر من المعارضين الشيعة، لذلك يتعمّد هذا الفريق إغراق اللجان النيابية المشتركة باقتراحات القوانين والعودة إلى طرح مشاريع على أساس لبنان دائرة واحدة لشراء الوقت والوصول إلى فرض التمديد للمجلس الحالي لمدة سنة أو سنتين ولاسيما أنه يتعذّر إجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون الحالي الذي يتطلب توزيع المقاعد الستة على القارات وتحديد طوائفهم ومذاهبهم وإجراء تعديلات على البطاقة الممغنطة والميغاسنتر.

وفي حال حصول التمديد يضمن الثنائي الشيعي بقاء الرئيس نبيه بري على رأس المجلس بما يمكّنه من إدارة دفّة البرلمان ولاسيما مع الشعور السائد بأن الفريق السيادي سيخوض مغامرة إزاحة الرئيس بري عن رئاسة المجلس بعد الانتخابات المقبلة. ويتحجج الثنائي الشيعي لعدم تصويت المغتربين لـ 128 نائباً لتعذّر إدارة حملاته الانتخابية في الخارج، ما دفع برئيس «القوات» سمير جعجع إلى السؤال «كيف يستطيع مؤيدو أمل وحزب الله أن يترشحوا عن المقاعد الستة في الخارج، وأن يقوموا بحملاتهم الانتخابية، بينما لا يستطيعون القيام بالأمر نفسه حملاتٍ وتصويتاً للنواب الـ128 في دوائرهم؟».

وكان فريق «القوات اللبنانية» والكتائب يراهن على مبادرة الحكومة على إرسال مشروع قانون إلى مجلس النواب يعالج الثغرات القانونية ويطلب إلغاء المقاعد الستة في الخارج ويعتمد تصويت المغتربين لـ 128 نائباً، غير أن هذا الأمر لم يتم بداعي إقفال رئيس الحكومة نواف سلام ما استدعى انسحاب وزير العدل عادل نصار من جلسة مجلس الوزراء.

وثمة انطباعات بأن بعض التغييريين والوسطيين الذين لا يضمنون عودتهم إلى برلمان 2026 يؤيدون ضمناً فكرة التمديد لمجلس النواب للاحتفاظ بمواقعهم حتى أن بعضهم يسوّق فكرة أن تأجيل الانتخابات مفيد لبقاء الرئيس نواف سلام في رئاسة الحكومة والاستمرار بأدائه ومواقفه الحاسمة المتعلقة بحصرية السلاح. فأي توجه سينتصر هل فكرة التمديد أم إصرار العهد على إجراء الانتخابات في موعدها؟