من ألاسكا إلى كييف: هل تحلّق حمائم السلام في الأفق وتستقطب المستثمرين؟

من ألاسكا إلى كييف: هل تحلّق حمائم السلام في الأفق وتستقطب المستثمرين؟

الكاتب: د. فؤاد زمكحل | المصدر: الجمهورية
22 أيلول 2025

نقرأ بين السطور ونتمنّى ونتفاءل عن احتمال سلام شامل بين روسيا وأوكرانيا، بعد نحو ثلاث سنوات ونصف السنة من الحرب التدميرية والدامية، خصوصاً بعد الإجتماع المفصلي الذي جرى في ألاسكا بين الرئيسَين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في 18 آب 2025. فهل تُحلّق حمائم السلام في الأفق، فتجذب المستثمرين من لبنان والعالم لمرحلة إعادة إعمار أوكرانيا وإعادة الإنماء في أوروبا؟

إنّ المفاوضات الجدّية الجارية وراء الستارة، تجعلنا نفكر أنّ نهاية الحرب قريبة، وجميع المؤشرات تدل إلى أنّ هناك تقارباً وتفاهماً بين العملاقَين ليس على وقف إطلاق النار، لكن على وقف المدفع نهائياً.

إنّ المصاحبة بين بوتين وترامب في السيارة الأميركية التي ترفع العلم الأميركي، تدل إلى مَن سيقود المرحلة المقبلة.

إنّ الوقائع التالية تجعلنا نتفاءل ونتهيّأ للمرحلة المقبلة:

أولاً: نحن كمستثمرين وإقتصاديِّين، علينا أن نتهيّأ للسلام وإعادة الإعمار، بدلاً من التحضير للحروب والتدمير كما اعتدنا على ذلك كلبنانيِّين.

ثانياً: وعد الرئيس ترامب، في حملته الإنتخابية، وفي خطاب تسلّم ولايته، أنّ أولويّته هي نهاية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ولا شك في أنّه سيُنفّذ وعده، وقد بدأت الشركات الأميركية تتحضّر لعملية إعادة الإعمار.

ثالثاً: إنّ المستثمرين الللبنانيِّين والعرب بدأوا يُحضّرون محرّكاتهم للمشاركة في أكبر ورشة إعمار في أوروبا، والتي ستطال كل القطاعات الإنتاجية من الطاقة إلى الزراعة، التكنولوجيا، السياحة وغيرها. علماً أنّ ثمة صناديق إستثمارية بدأت تستثمر في عقارات مميّزة في أوكرانيا، وخصوصاً كييف، تحضيراً للسلام والمرحلة المقبلة.

رابعاً: إنّ السلام المستدام بين روسيا وأوكرانيا سيجذب الكثير من الإستثمارات العامة والخاصة، وقد بدأت المنظمات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليَّين تهيئة صناديقهم لبدء إعادة إعمار البنى التحتية.

خامساً: إنّ نهاية الحرب ستجرّ ليس فقط أوكرانيا لا بل أوروبا أيضاً لإعادة هيكلة إقتصادية، مالية ونقدية، ونتمنّى أن تدعم إعادة إنماء أوروبا التي دفعت ثمناً غالياً من هذه الحرب في قارّتها.

في المحصّلة، إنّ المتشائم سيرى الحرب والتدمير والدماء في كل ركن، أمّا المتفائل والمستثمر فعليه أن يتهيّأ بموضوعية وواقعية لنهاية الحرب والحروب، وأن يتحضّر لإعادة البناء والإنماء، عندما تلوح من بعيد حمائم السلام في الأفق.

إنّنا نستبعد متابعة هذه الحروب، لأنّ الجميع قد تعِب من هذه الإدارة الصعبة، وخصوصاً تمويلها. إنّنا كلبنانيِّين منذ جذورنا الفينيقيِّين، كنّا ندور العالم بأسطولنا المبني من خشب الأرز الصلب، فعلينا تحضير الشراع، وأن نتهيّأ للإستثمار في الأراضي الخصبة ونتهيّأ للسلام والبناء والإستثمار والإنماء، عوضاً من أن نعيش في فلك الخوف والتخويف والتدمير.