
تراجع المساعدات الدولية للنازحين: هل يسرّع العودة بعد انتفاء أسباب النزوح؟
بدأت نتائج تراجع تمويل المنظمات الأممية المتخصصة بتقديم المساعدات للنازحين السوريين بالظهور تباعاً، فهل تمثل دافعاً إضافياً لعودة النازحين إلى بلادهم؟
بدأت نتائج القرار الأميركي بخفض المساعدات والمساهمات في عدد من المنظمات الأممية بالترجمة العملية من خلال تراجع الخدمات التي تقدمها تلك المنظمات للنازحين وفي مقدمها مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
توقف التمويل الأميركي، إلى جانب نقص التمويل من الجهات المانحة الأخرى، انعكس على قدرة المفوضية على تقديم الخدمات الأساسية للاجئين والمجتمعات اللبنانية الأكثر ضعفاً.
هذا النقص في التمويل، بحسب الناطقة الإعلامية باسم المفوضية ليزا أبو خالد، يأتي في وقت حرِج، إذ هناك حاجة ماسة لضمان موارد كافية لاستمرار برامج الإنقاذ الحيوية والحفاظ على الاستجابة الإنسانية في لبنان. ويأتي في وقت غير مناسب للبنان، الذي ما زال يعاني من آثار العنف والدمار الذي شهده في أواخر عام 2024، حيث يحتاج مئات الآلاف من الأشخاص إلى الدعم للتعافي وإعادة بناء ما دُمّر.
وتوضح لـ”النهار” أن “المفوضية تعاني إلى جانب المجتمع الإنساني بأكمله، من انخفاض مفاجئ وغير مسبوق في التمويل عام 2025. وعلى الرغم من هذه الظروف الصعبة وغير المسبوقة، تلتزم المفوضية بالبقاء إلى جانب في لبنان مواصلة تقديم خدماتها. وندعو الجهات المانحة إلى مواصلة دعمها في هذه المرحلة الحرجة”.
أما عن آثار ذلك الانخفاض فتشير أبو خالد إلى انخفاض عدد المستفيدين من برنامج المساعدات النقدية الطارئة لحماية اللاجئين إلى 18 ألف شخص، بانخفاض قدره 80% مقارنةً بـ82 ألف شخص سابقاً.
وكذلك استُبعد 347 ألف شخص من برنامج المساعدات النقدية التي تقدمها المفوضية، بانخفاض قدره 60% في نطاق تغطية البرنامج منذ كانون الثاني/ يناير الفائت.
وذلك الانخفاض سيؤدي حتماً إلى عدم استطاعة 42 ألف شخص الاستفادة من الخدمات لتحسين أماكن الإقامة، وأيضاً سيحرم 45 ألف لاجئ، بمن فيهم الحوامل، من الرعاية الصحّية الثانوية ابتداءً من كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
لكن اللافت هو انخفاض المساعدات النقدية التي تقدمها المفوضية لتوفير السكن بنسبة 90%، حيث انخفض عدد المستفيدين من 95 ألف شخص إلى 11 ألفاً، ما يعني أن 83 ألف شخص لم يعودوا يحصلون على هذه المساعدات. وسيتوقف توفير مواد الإيواء أو تحسين أماكن الإقامة لـ42 ألف شخص.
لا تتوقف التبعات السلبية لخفض التمويل عند هذا الحد حيث أنهت المفوضية برنامج الرعاية الصحية الأولية، ما انعكس سلباً على 40 ألف لاجئ.
ولا تقتصر التخفيضات على النواحي الطبية والرعاية الصحية بل إن المفوضية ستنهي برنامج دعم التعليم نهائياً، حيث لن يستفيد 15 ألف طفل من برامج التعليم المجتمعي ودعم الاستمرار الدراسي.
وتختم أبو خالد أن “أنشطة إعادة التوطين إلى بلد ثالث قد تتوقف وخصوصاً أن ما يصل إلى 400 ألف شخص سيُحرمون من ذلك في حال عدم تلقي المفوضية التمويل الكافي”.
أمام تلك الوقائع يُطرح السؤال عن أسباب عدم حماسة النازحين السوريين للعودة إلى بلادهم، وفي مراجعة للأرقام يتبيّن أن مجموع العائدين منذ تسلّم المعارضة الحكم مطلع كانون الأول/ ديسمبر الفائت يُقدّر بـ200 ألف مقارنة بنحو ميلون ونصف مليون نازح سوري في لبنان.
في المقابل، نزح نحو 100 ألف من بلدات حوض العاصي وجلّهم من اللبنانيين المقيمين منذ مئات السنين في سوريا إضافة إلى آلاف من الشيعة السوريين الذين هُجّروا قسراً من أرياف حمص وحلب ودمشق.