«الحزب» يحوّلها مُكاسَرةً فوق صخرة الروشة: كلام أميركي مُطَمْئن حول لبنان «يُعاكِس» عاصفة براك… ما السرّ؟

«الحزب» يحوّلها مُكاسَرةً فوق صخرة الروشة: كلام أميركي مُطَمْئن حول لبنان «يُعاكِس» عاصفة براك… ما السرّ؟

المصدر: الراي الكويتية
24 أيلول 2025

بين «الهزات الارتدادية» التي أَحْدَثَتها المواقف الصادمة للموفد الأميركي توماس براك، حيال مآلات مسار سحب سلاح «حزب الله» وتصويبه على أداء الحكومة الـ «كلام بكلام»، وبين موجات «التلاطم السياسي» بصخرة الروشة التي يُنتظر أن تُخرج «عن طورها» ودورها السياحي – التاريخي لمناسبة الذكرى الأولى لاغتيال السيد حسن نصرالله وخلفه هاشم صفي الدين، بدا لبنان على شفير ساعاتٍ حَساسةٍ سينهمك خلالها بالتدقيق في خفايا انحرافِ «الدبلوماسي الهادئ» نحو تصريحات وكأنها «بالمرقّط» وأيضاً بمحاولةِ تفادي تَحَوُّل «خميس الروشة» باباً لـ «طوشةٍ» جديدة يُخشى أن تكون لها تشظيات أمنية.

وفي وقت كان العالَم شاخِصاً على بدء الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك و«اكبر خطابات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السياسة الخارجية»، بقيت بيروت «تحت تأثير» تصريحات براك التي جاء وقْعُها كالصاعقة، وسط مقاربتيْن لخلفية هذا التحوّل في نبرةِ الموفد الأميركي التصعيدية تجاه لبنان الرسمي و«الاتهامية» لحكومته بأنها ما زالت متخلّفة عن القيام بما عليها وعن المجاهرة بأنها ستنزع سلاح حزب الله، وصولاً لوصف الأخير وإيران بأنهما «عدوّان لنا، ونحن بحاجة إلى قطع رؤوس هذه الأفاعي ومنع تمويلها»:

– المقاربة الأولى أن كلام براك هو أقرب إلى «رَشْقِ الحجارة» في مياه دبلوماسيةٍ أُخِذ عليه في بعض دوائر الإدارة الأميركية والكونغرس أنه بالغ في جعْلها راكدةً و«ناعمة» تجاه لبنان و«حزب الله»، وتالياً أنه بمواقف السقف الأعلى يعيد التموْضع خَلْف خطوطِ التشدّد تلافياً لمزيد من «الرقابة» على أدائه عبر الموفدة «الموازية» مورغان اورتاغوس.

– والثانية ان ما قالَه براك هو «رَشَقٌ دبلوماسي» على طريقة «الرصاصة السبّاقة» لِما هو آتٍ، وخصوصاً في ضوء تحفُّز بنيامين نتنياهو لحرق المزيد من الخطوط الحمر وخرْق كل حدود «اللعب بالنار» بما في ذلك مع لبنان، في ظلّ إشاراتٍ متزايدةٍ تصدر من تل أبيب إلى أنها «لن تنتظر طويلاً» قبل أخذ الأمور على عاتقها في ما خص سلاح «حزب الله» وليست معنية بـ «الجدْولة» اللبنانية لسَحْبه والتي تربطها بيروت بمندرجات اتفاق وقف النار (27 نوفمبر) ومقترح براك التطبيقي له القائم على «خطوة مقابل خطوة»، فيما يدير الحزبَ الظهرَ لها متمسّكاً في الجوهر برفْض تفكيك ترسانته اليوم ولا في أي يوم.

استمرار الدعم الأميركي

وفي حين طالب رئيس البرلمان نبيه بري في الذكرى السنوية الأولى لـ «حرب لبنان الثالثة» بـ «موقفٍ لبناني رسمي يجب ألّا يتأخّر حيال ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، وهو توصيفٌ مرفوضٌ شكلاً ومضموناً، لا بل مناقضٌ لما سبق وقاله»، فإن أجواء لقاءات رئيس الجمهورية جوزاف عون في نيويورك مع مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة ترامب، وأبرزهم وزير الخارجية مارك روبيو لم تعكس مناخاتٍ سلبيةً تجاه «بلاد الأرز» على النسَق الذي عبّرتْ عنه مواقف براك بل حَمَلتْ دعماً لِما تقوم به الحكومة والجيش.

وبحسب المكتب الإعلامي لعون، فقد اكد روبيو خلال لقاء حضره براك واورتاغوس، «استمرار الدعم الاميركي للبنان»، منوّهاً «بالجهود التي بذلها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتمكين لبنان من استعادة عافيته وتجاوز الظروف التي مرّ بها».

من جهته، طلب عون من وزير الخارجية «مساعدة الولايات المتحدة على تأكيد التزام اسرائيل بمضمون اعلان 27 نوفمبر لوقف الاعمال العدائية في جنوب لبنان، وانسحابها من النقاط التي تحتلها، واعادة الاسرى اللبنانيين المحتجزين لديها، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما وانه لم يحصل اي خرق لهذا الاتفاق من الجانب اللبناني».

كما طالب «بدعم الجيش اللبناني بالعتاد والتجهيزات كي يتمكن من أداء مهامه التي تشمل جميع المناطق اللبنانية، وبتوفير الفرص اللازمة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الاوسط، وأيضاً دعم الولايات المتحدة للجهود المبذولة لانعقاد مؤتمر مخصص لإعادة الإعمار في لبنان».

وكان عون التقى عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس السيناتور جاين شاهين، وشكرها على الدور الذي لعبتْه مع عدد من أعضاء المجلس، لتخصيص مبلغ 193 مليون دولار لدعم الجيش، و40 مليوناً لقوى الأمن الداخلي، تجاوباً مع الرغبة التي كان أبداها رئيس الجمهورية خلال استقباله شاهين قبل أسابيع في قصر بعبدا.

وأبلغ عون المسؤولة الأميركية «ان هذا الدعم يؤكد مرة جديدة الثقة التي تضعها الولايات المتحدة بقدرات الجيش اللبناني، وبدوره في المحافظة على الاستقرار في لبنان، خصوصاً بعد ترحيب مجلس الوزراء بالخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتطبيق قرار الحكومة المتعلق بحصر السلاح».

وخلال اللقاء تناول عون الوضع في الجنوب، فأشار الى «التوقيت المريب للمجزرة التي ارتكبتها اسرائيل بحق عائلة استشهد عدد من أفرادها بينهم ثلاثة أطفال، وذلك بعد ساعات على انتهاء اجتماع لجنة الـMechanism التي كان يمكن لها أن تتحقق من مزاعم اسرائيل حول هوية رب العائلة قبل استهدافها»، مؤكداً «ان الحكومة اللبنانية ماضية في تنفيذ الالتزامات التي حددتها كخريطة طريق لعملها، واولها الاصلاحات المالية والاقتصادية، الى الترحيب بالخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتنفيذ قرار الحكومة بحصرية السلاح».

من جهتها، رحبت شاهين «بالخطوات العملية التي يقوم بها الجيش اللبناني بحرفية وانتظام»، لافتة الى ان المساعدة التي تحددت للجيش وقوى الامن الداخلي تهدف الى تمكين القوى المسلحة اللبنانية القيام بمسؤولياتها كاملة، واي تطور ايجابي في مجرى الاحداث في لبنان، سيساعد على زيادة هذه المساعدات.

صخرة الروشة…

في موازاة هذا العنوان المتوهّج، تقف صخرة الروشة «الأيقونة» التاريخية أمام امتحانِ زجِّها في«البحر الهائج» السياسي، مع إصرار«حزب الله» على أن تنطلق فاعليات ذكرى اغتيال نصرالله (اغتيل في 27 سبتمبر) وصفي الدين والتي تستمرّ حتى 12 أكتوبر من على هذه الصخرة عبر إضاءتها بصورتيْ أمينيْه العامين السابقين، في«تَمَرُّدٍ»على التعميم الذي أصدره رئيس الحكومة نواف سلام، وطلب فيه من جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها والأجهزة المعنية كافة، التشدد في منع استعمال«الأملاك العامة البرية والبحرية والأماكن الأثرية والسياحية والمباني الرسمية والمعالم التي تحمل رمزية وطنية جامعة، قبل الاستحصال على التراخيص والأذونات اللازمة».

ومع إصرار«حزب الله»على هذه الفاعلية التي أكد عليها في بيانٍ بعد تعميم سلام معلناً أن النشاط يتضمّن «عروضاً موسيقية وإنشادية، إضافة إلى إضاءة الصخرة بالعلم اللبناني وصور القياديَّين السيد نصر الله والسيد صفي الدين»، فقد تحوّلت هذه المحطة إلى ما يشبه «المكاسرة فوق الصخرة» في ضوء أيضاً رفْض الغالبية الساحقة من نواب العاصمة «تسييسَ» الواجهة السياحية لبيروت وتحدّي مزاج سكانها الذين لم يسبق لهم حتى أن أضاؤوا هذه «المنارة التاريخية» بصورة الرئيس رفيق الحريري الذي دانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أعضاء من الحزب باغتياله.

وتحوم حول هذا «الاستحقاق» أسئلةٌ حول خلفيات تمسُّك الحزب بـ«القفز عن الصخرة»واختياره عدم«النزول عن الشجرة (الصخرة)»، والمغامرة بتظهير الذكرى الأولى لاغتيال نصرالله كمحطة خلافية وربما تتخللها احتكاكات على الأرض سواء مع القوى الأمنية أو مناصري خصومه.