
وفد صندوق النقد بدأ لقاءاته: الموازنة والفجوة والشطب
وفد صندوق النقد بدأ لقاءاته: الموازنة والفجوة والشطب
وضع المركزي إطاراً عملياً سيكون موضع النقاش ويقوم على مراحل متسلسلة
بدأت بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة إرنستو راميريز ريغو زيارتها للبنان ولقاءاتها مع المسؤولين، وقد استهلّتها أمس بالاجتماع بوزير المال ياسين جابر، يعقبه لقاء اليوم مع حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، وذلك في إطار تقييم التقدم المحقق في برنامج الإصلاحات المالية والاقتصادية، وسط أجواء متشنجة على خلفية ما جرى تسريبه من معلومات وأرقام عن فحوى مشروع قانون الفجوة المالية ومناقشات اللجنة الثلاثية التي تضم وزيري المال ياسين جابر والاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد.
وتركز التسريبات على بعض النقاط التي تثير خشية أو قلقا في الأوساط المالية، وستكون مادة نقاش جدي خلال محادثات البعثة مع السلطات المالية والنقدية.
من هذه النقاط عدم اعتراف الدولة بدينها المسجل لدى المركزي والبالغ ١٦،٥ مليار دولار، الأمر الذي سيدخل في صلب محادثات وفد الصندوق، لأن الأخير يدعم الدولة ويشجعها على هذا الإجراء. النقطة الثانية تكمن في إعادة هيكلة القطاع المصرفي في ظل مخاوف من شطب كامل وفوري لحقوق المساهمين في المصارف، حتى قبل إجراء تدقيقات مالية أو مراجعة الأصول.
وينذر هذا الاقتراح المتداول في بعض الأوساط الدولية، والقاضي بإلغاء حقوق الملكية في المصارف بشكل شامل واستباقي، بمخاطر اقتصادية وقانونية كبيرة. إذ يُخشى أن يؤدي إلى خسارة قيمة هذه الحقوق في الاقتصاد، من دون أن يصار إلى تحديد دقيق للخسائر الفعلية. كذلك سيؤدي إلى لجوء المصارف إلى التلاعب والتهرب من المسؤولية، فضلاً عن إسقاط الترتيب القانوني للأولويات بين المساهمين والدائنين، ما
يعرض الدولة والمصرف المركزي لمخاطر قانونية، ويؤدي إلى إضعاف قدرة القطاع المصرفي على تمويل التعافي الاقتصادي، ويضر بالمؤسسات الصغيرة والمساهمين ويطيل أمد الركود ويؤخر النمو.
يؤكد خبراء اقتصاديون أن أي خطة إصلاحية لا بد أن تبدأ بتشخيص دقيق. فكما لا يمكن معالجة مرض من دون تحديد سببه، لا يجوز شطب رؤوس الأموال قبل معرفة حجم الخسائر الحقيقية، ومصدرها، ومدى قابليتها للاسترداد، لأن تجاهل هذا التسلسل المنطقي قد يؤدي إلى ظلم العديد من الجهات ويقوّض الثقة بالنظام المالي.
وضع المركزي إطاراً عملياً سيكون موضع النقاش مع الصندوق يقوم على مراحل متسلسلة:
1. تنقية المطالبات غير المشروعة: تشمل تحويلات العملة بعد الأزمة، الفوائد غير المستحقة، والإيداعات غير المفسرة. والهدف تقليص قاعدة الخسائر قبل توزيعها.
2. إجراء تدقيق شامل عبر إصدار تشريعات تسمح بالوصول الكامل إلى السجلات المصرفية وتكليف مدققين مستقلين مراجعة جودة الأصول لجميع المصارف وفق معايير دولية.
3. تطبيق تسلسل المطالبات بعد تحديد الخسائر، بحيث يتم توزيعها وفقاً للتدرج القانوني، بدءاً من المساهمين، مروراً بحاملي السندات الثانوية، ثم الدائنين، وأخيراً المودعين، مع حماية صغار المودعين.
4. تمييز بين المصارف: تقديم دعم مشروط للمصارف السليمة القابلة للإنقاذ، وحماية الصغيرة منها وحل المصارف غير القابلة للاستمرار.
5. التزام السداد للمودعين: إما نقداً لصغار المودعين وإما عبر أدوات مالية طويلة الأجل مدعومة بأصول للكبار منهم لضمان استمرارية النظام وتقليل العبء الفوري على المالية العامة.
6. إنشاء هيئة مستقلة لإعادة الهيكلة تتولى الإشراف على تنفيذ العملية وحماية المدققين والمحققين من التدخلات والضغوط.
وسيدفع المصرف المركزي في المحادثات مع الصندوق كما مع الشركاء في الداخل نحو توصيات سياسية عاجلة تقضي بالآتي:
• رفض أي شطب شامل لرؤوس أموال المصارف قبل استكمال التدقيقات.
• الإسراع في إزالة المطالبات المشبوهة لتقليص الخسائر الفعلية.
• تمويل عمليات التدقيق المستقلة ونشر نتائجها بشفافية.
• وضع إطار واضح لتقاسم الأعباء وفقاً للترتيب القانوني للمطالبات.
• التزام جدول زمني وإطار شفاف لأي إجراءات، بما يضمن شرعيتها اقتصادياً.