تخبّط داخليّ وعقوبات ومفاجآت مقبلة

تخبّط داخليّ وعقوبات ومفاجآت مقبلة

الكاتب: جوزفين ديب | المصدر: اساس ميديا
3 تشرين الأول 2025

لم يعد “الحزب” وحده متخبّطاً بين خيارات أحلاها سيكون حتماً مرّاً عليه. فهو يدرك أنّ مسار المنطقة انطلق إلى المكان الذي لا يتمنّاه، ولا يناسب تموضعه ولا نفوذه. يتخبّط بين القرار السياسي والقرار العسكري. يسلّم أم لا يسلّم؟ هل يذهب إلى خطّة مع الدولة لاحتواء السلاح كما قال قائد الجيش؟

 

وُضعت كلّ هذه الطروحات على طاولة “الحزب”. لكنّ الجديد أنّه لم يعد وحده محاصَراً، بل أصبحت السلطة  برمّتها محاصَرة بعدما فشلت في مقاربة السلاح بالشكل المطلوب منذ بدء هذا العهد وصولاً إلى اليوم. لا بل سجّلت السلطة سقطات لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام، في الملفّات الحسّاسة كالسلاح والمال والإصلاحات. وعليه، ما هو مقبل على لبنان سيكون مفاجئاً، وذلك بالحدّ الأدنى للكلمة.

عاد الحديث في الكواليس الدبلوماسية عن عقوبات مقبلة. التفاصيل لا يزال التحفّظ عليها قائماً. ولكن تتحدّث المصادر الدبلوماسية عن عقوبات أميركية وأوروبية ربّما على مجموعة من الشخصيّات اللبنانية التي ارتبط اسمها بالمال ومنصّة صيرفة وبتهريب الأموال من وإلى لبنان. في بعض جوانبها ستكون قنبلة بالمعنى السياسي تغيّر بعض المعادلات السابقة.

 

هذا الإجراء هو رسالة مفادها أنّ الإرادة الدوليّة لم تتغيّر ولا تزال قابضة على البلد. إذا توجّه لبنان إلى إقرار الإصلاحات الاقتصادية والماليّة وضبط معاييره، وذهب إلى ورشة حصر السلاح أو احتوائه، نجا بنفسه وبسلطته وبشعبه. والعكس صحيح، وهو ما سيُترجم قريباً جدّاً.

 

بين عون وسلام أكثر من تباين

ليست حادثة الروشة وحدها ما جعل الاختلاف بين الرئاستين الأولى والثالثة أكثر من واضح. بل هي مجموعة محطّات بدأت مع انتخاب جوزف عون وتسمية نوّاف سلام.

تقول مصادر مطّلعة على خطّ بعبدا – السراي إنّ رئيس الحكومة تصرّف بداية على قاعدة حسن النيّات مع الرئيس عون، فكان مرناً جدّاً في التعاطي مع ملفّ التعيينات تحديداً، وترك للرئيس الحصّة الكبرى في التسمية لدرجة أنّ الأجهزة الأمنيّة محسوبة بالكامل على رئيس الجمهوريّة.

تضيف المصادر أنّ هذا الأمر عرّض الرئيس سلام لانتقادات من جانب المحيطين به، لكنّه أصرّ شخصيّاً على الانفتاح والقبول بناءً على حسن النيّات والإرادة المشتركة لأن ينجح العهد وينقذ لبنان من الهاوية الحتميّة.

إلّا أنّ مسار الأمور بدّل من قناعة سلام، لا سيما بعد محطّات ظهر فيها اختلاف عميق بين الرجلين. منذ تسمية حاكم مصرف لبنان وصولاً إلى القرارات الحكوميّة في الخامس والسابع من آب وإصرار الرئيس سلام عليها بعدما وصلته رسالة دوليّة شديدة اللهجة من الرئيس ماكرون.

جاءت اليوم حادثة الروشة لتؤكّد المؤكّد. كانت النقطة التي أفاضت الكوب. على الرغم من إصرار الرئيسين على القول إنّه لا اختلاف بل تباين وتمسّك لكلّ منهما بمواقفه، تتحدّث المعلومات عن أكثر من ذلك.

كيف ستكون تداعيات ذلك على البلد؟

إنّ العودة إلى السجال بين قصر بعبدا والسراي الحكومي لن تكون في مصلحة الحياة السياسيّة اللبنانيّة، فيما المساعي الإقليميّة تحديداً كثيفة لعدم حصول هذا الشرخ، لأنّ البلد مقبل على استحقاقات مصيريّة: إمّا العودة إلى التصعيد الأمنيّ من إسرائيل والسياسيّ من المجتمع الدوليّ، أو الذهاب إلى العمل.