خاص – الستاتيكو الجديد في لبنان يهتزّ.. وواشنطن تضع شروطها

خاص – الستاتيكو الجديد في لبنان يهتزّ.. وواشنطن تضع شروطها

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
4 تشرين الأول 2025

يبدو أنّ الآمال التي عُقدت بعد تسلّم العهد الجديد وتشكيل الحكومة بدأت تتلاشى. فالتركيبة اللبنانية الشديدة التعقيد، والتداخلات الإقليمية المتشابكة، تجعل عبور البلاد إلى دائرة الحلول أمراً صعباً. وعلى رغم القرارات الجريئة التي اتّخذتها الحكومة في موضوع السلاح، والمحاولات التي تقوم بها للإصلاح، فإنّ عملية النهوض تتعثّر.

والمؤشّرات إلى اهتزاز الوضع اللبناني كثيرة، سواء من حيث توقّف عملية حصر السلاح عند الجانب النظري حتّى الآن، أو من حيث ما استجدّ من توتّر بين الرئاستين الأولى والثالثة، أو بعد إعلان الموفد الأميركي توم برّاك ما يشبه سحب الولايات المتحدة يدها من الملفّ اللبناني، أو على الأقلّ وضع الشروط قبل تسليم المساعدات للجيش والقوى الأمنية.

والظاهر أنّ الأمور تغيّرت بعد التصريح الذي أدلى به برّاك عن أنّ “لبنان لا يفعل شيئاً سوى الكلام ولا شيء سوى الكلام”، واعتباره أنّ” السلام مجرّد حلم”. فكلامه يعبّر عن واقع حقيقي، وليس زلّة لسان، كما تؤكّد مصادر في واشنطن، أو على الأقلّ، فإنّ ما عبّر عنه برّاك هو وجهة نظر موجودة بالفعل داخل الإدارة الأميركية. وهي تعتبر أنّ المبادرة الأميركية لمساعدة لبنان على استعادة سيادته وقراره قد أخذت ما يكفي من الوقت. وقد بدأتها مورغان أورتاغوس، ثمّ برّاك، قبل أن تعود أورتاغوس مرّة جديدة، وتركّز اهتمامها على الجانب العسكري وكيفية تطبيق الجيش لقرار سحب السلاح. ولكن القرار الأخير للحكومة الذي رحّب بخطّة الجيش، ولكن من دون وضع سقف زمني، بدا وكأنّه مماطلة جديدة لن تصل إلى نتيجة.

وعليه، أطلق برّاك تصريحه الأخير، الذي وصفه محلّلون بأنّه تنصّل أميركي من أيّ التزامات تجاه لبنان، وإعلان عدم القدرة على تقديم ضمانات بعدم استمرار إسرائيل في هجماتها أو حتّى بتوسيع حربها من جديد. وهذا يعني أنّه إذا لم يستطع لبنان نزع السلاح، فإنّ واشنطن ستعطي الضوء الأخضر لإسرائيل من أجل أن تحلّ المسألة بنفسها. وهذا ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن غزّة، في حال لم تقبل حركة “حماس” بمشروع الحلّ الذي طرحه، وقال بنيامين نتنياهو إنّه وافق عليه.

ويبدو أنّ هذه الإشارة وصلت إلى “حزب الله”، الذي استغلّ الموقف كي يعلّي السقف، مستفيداً من “نفض الإدارة الأميركية يدها”. ويأتي في هذا الإطار التصعيد الأخير على خلفية الاحتفال الذي حصل عند صخرة الروشة، حيث أصرّ “الحزب” على تحدّي قرار رئيس الحكومة الذي منع أيّ شعارات أو صور سياسية على الممتلكات العامّة والمعالم التراثية والسياحية.

ويقرأ محلّلون تغيّراً واضحاً في اللعبة الداخلية. فـ”الحزب” عاد إلى خيار التحدّي والاستفزاز. وهذا ما تجلّى في ما حدث عند صخرة الروشة. كما أنّ التمايز بين موقفي رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام ازداد، خصوصاً على خلفية مطالبة سلام بمحاسبة المقصّرين في الأجهزة الأمنية والعسكرية عن القيام بواجبهم بمنع خرق القرار القاضي بعدم إضاءة الصخرة، ما استدعى ردوداً مباشرة وغير مباشرة، يأتي من ضمنها تكريم رئيس الجمهورية لقائد الجيش واعتبار المؤسّسة العسكرية خطّاً أحمر.

ولكن ما يقرَّش في الداخل لا يعني شيئاً بالنسبة إلى الولايات المتّحدة التي باتت تعتبر أنّ لبنان لا يقوم بتنفيذ عمليّة حصر السلاح، ويعمد إلى التذاكي والمماطلة. كما أنّ إسرائيل تراقب لبنان وتحرّكات “الحزب”، وتستعدّ، كما تشير معلومات من أكثر من مصدر، إلى أنّها ستعمد بعد الانتهاء من موضوع غزّة، إلى شنّ عمليّات واسعة في لبنان، ربّما تشمل اجتياحاً برّياً جديداً لاستكمال تدمير بنية “الحزب”، بضوء أخضر أميركي.

أمّا بالنسبة إلى ملفّ الإصلاحات والمساعدات ومؤتمرات الدعم، فقد شهدت بدورها فرملة قويّة. فصندوق النقد الدولي وضع ملاحظات كثيرة على الموازنة وعلى خطة الإصلاح المصرفي. كما أنّ فرنسا والسعودية أجّلتا إلى وقت غير محدّد عقد مؤتمر دعم الجيش الذي كان مقرّراً في المملكة، كما تأجّلت بالطبع أيّ مؤتمرات دعم أخرى.

وينظر الجميع إلى جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد الإثنين لعرض ما قام به الجيش خلال الشهر الأوّل من تطبيق الخطّة. وبعدها ستظهر ردود الفعل، وسيتبيّن مدى الالتزام الحقيقي بخصريّة السلاح.