هل تنتهي في غزة وتستمر في لبنان؟!

هل تنتهي في غزة وتستمر في لبنان؟!

الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
5 تشرين الأول 2025

انشغلت أوساط سياسية عدة في الساعات الأخيرة في محاولة الإجابة عن السؤال كيف سيؤثّر إنهاء الحرب في غزة والموافقة المبدئية لكل من إسرائيل و”حماس” على اقتراح ترامب لوقف الحرب في غزة على لبنان.

انشغلت أوساط سياسية عدة في الساعات الاخيرة في محاولة الإجابة عن السؤال كيف سيؤثّر إنهاء الحرب في غزة والموافقة المبدئية لكل من إسرائيل و”حماس” على اقتراح الرئيس الأميركي لوقف الحرب في غزة على لبنان.

يسود ذلك وسط مخاوف لا يخفيها كُثر من احتمال حاجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إبقاء زخم مواجهته مع الأذرع الإيرانية ولا سيما “حزب الله” قائماً والمعلومات الاستخباراتية عن سعي الأخير إلى إعادة تأهيل نفسه بالاضافة إلى تبجّحه بذلك وكذلك تبجّح إيران به أيضاً. هذا بغض النظر عن واقع الانتظار الحذر لمسار التطبيق لاتفاق وقف النار في غزة وماهيته وما إذا كانت موافقة حماس على طريقة “نعم ولكن” هي مقاربة لحفظ ماء الوجه وعدم الظهور بموقع الاستسلام الكلي، أم أنّه يعكس توجّهاً معهوداً لا سيما في الاتفاقات مع أسرائيل سواء في غزة أو حتى في لبنان حول بدء التنفيذ في البنود الأولى والذهاب الى المراوحة والعرقلة في البنود الاخرى. وهذا تماماً ما حصل بالنسبة إلى اتفاق وقف الاعمال العدائية في تشرين الثاني الماضي الذي وافق فيه الحزب على ما لم يعتقد أحد أنّه يمكنه القبول به من أجل وقف الحرب عليه لتبدأ العرقلة من جانبه كما من جانب اسرائيل بالمقدار نفسه أو أكثر.

ومن الواضح بالنسبة إلى كُثر أنّ الحركة سعت إلى التصرف على نحو أذكى من الحزب بموافقته على شروط وقف النار كليّاً في وقت ذهب لاحقاً إلى تفسير محتواه أو فرض تفسيره الخاص على الدولة اللبنانية إن حول القرار 1701 أو نزع سلاحه وتسليمه للدولة اللبنانية. ردّ “حماس” لم يتضمّن الموافقة على جميع النقاط العشرين التي تضمّنها اقتراح الرئيس الاميركي ولا سيما في شأن مستقبل غزة ومستقبل حماس نفسها، إذ إنّها ترى نفسها جزءاً من إطار وطني فلسطيني جامع ستكون هي من ضمنه، ولم تُعلّق على نزع السلاح، وهي خطوة رفضتها سابقاً، بينما ذكرت خطة ترامب أنّ حماس لن يكون لها أي دور في حكم غزة وأشارت إلى عملية نزع السلاح من القطاع كليا فيما ان الدول العربية والغربية وافقت على انهاء اي دور ل” حماس” في غزة. والعقبات المرتقبة بالإضافة الى مدى حاجة الجميع الى انطلاق عملية وقف النار في غزة من اسرائيل الى ” حماس” وصولاً إلى الادارة الاميركية نفسها بالاضافة إلى الدول العربية يجعل من الحذر كبيراً جدّاً حول ما اذا كانت هذه التطورات ستؤدي إلى إنهاء الحرب في غزة في الأيام أو الأسابيع المقبلة، باعتبار أنّ كله يتوقف في النهاية على مسألة نزع سلاح حماس، وكذلك على تسلسل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وانسحاب قوات الدفاع الإسرائيلية من غزة.

 

قطاع غزة (أ ف ب).

قطاع غزة (أ ف ب).

 

لبنان المتعثّر تبعاً لحرب غزة بالذات التي دخلها “حزب الله” تحت شعار إسنادها بات تحت وطأة حقائق جديدة إضافية إذا كانت الحرب في غزة تتّجه إلى إنهائها فيما تبقى الحرب فيه قائمة وإن بوتيرة مختلفة عن شهرَي أيلول وتشرين الاول من العام الماضي. إذ لا يعقل أن يبقى في نزاع مسلّح مع إسرائيل مسبّباته الفعلية تتصل بالفلسطينيين فيما يتم إخراج هؤلاء من حال النزاع المسلح معها. فمن جهة يُعوّل الحزب أكثر فأكثر على نجاح ” حماس” في منع بند سلاحها لكي يكتسب ذريعة جديدة تقوي منطقه وحججه فيما بلغ لبنان الرسمي أكثر من مرة أنّ إسرائيل لن تتهاون في فرض مقاربتها لتوفير أمنها، ما يعني عملانيّاً الاحتمال الكبير ليس لتوسيع حربها على لبنان بل لاستهدافات مؤلمة وكارثية تفرض عليه ما يرفضه الحزب ويسعى إلى فرضه على الدولة اللبنانية.

والمعلومات الاستخباراتية التي يكشفها بعض المسؤولين في الخارج أمام من يلتقيهم من السياسيين اللبنانيين تتحدّث على وجود معامل لتصنيع المسيرات في مناطق الحزب وهي غير إعادة تمويل الحزب من إيران ومن مصادر أخرى، من شأنها أن تُمهّد لذلك خصوصاً أنّ الدولة اللبنانية فشلت اقله بالنسبة إلى الخارج وليس فقط بالنسبة إلى اسرائيل في امتحان تنفيذ ما التزمت به حول تطبيق حصرية السلاح. ويخشى بعض هذا الخارج أنّه إذا استمرت الدولة اللبنانية على مسارها المتعثّر والمتردّد، فإنّها مهدّدة بالتراجع أمام إعادة فرض الحزب نفسه عليها تماماً كما يحصل مثلا بالنسبة الى موضوع الانتخابات النيابية التي سينجح الحزب ومعه رئيس المجلس نبيه بري في فرض إلغاء تصويت المغتربين في الخارج، علماً أنّ هناك مستفيدين آخرين منه أيضاً. ما يعني محاولة إعاقة أيّ تغيير سياسي أيضاً في المدى المنظور. ما أدخل الدولة منذ الآن في مأزق يعتقد كُثر أنّ لبنان ما بعد غزة قد يكون ملزماً بإنتاج مبادرة ما توفّر عليه الذهاب في الطريق التي لن يرغب في الذهاب فيها وعدم إنهاء مسار استعادة الدولة ومؤسساتها أو استعادة مسار إدارة الأزمة فحسب. وهناك مسعى من نواب في هذا الإطار تردّد أنّه قد يتبلور هذا الأسبوع إزاء اظهار الدولة رغبتها لدى الأميركيين من اجل الاضطلاع بوساطة بينه وبين إسرائيل والتفاوض غير المباشر من أجل وضع اتفاق وقف الأعمال العدائية موضع التنفيذ مجدّداً التزامه بنوده من جهة ومجدّداً تنفيذ القرار 1701 كليّاً وليس وفق التفسيرات التي تجتزئه والاهم التاكيد الى الرغبة في تطبيق اتفاق الهدنة لوقوعها ضمن الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، وكونها مصدّقة من مجلس الأمن . وهذا مطلب من وزراء سابقين ونواب حاليين لا يرون مخرجاً سوى باصرار لبنان على ذلك باعتباره الحد المقبول البديل من اتفاق أمني أو سياسي مع اسرائيل قد يكون مكلفاً للبنان أو عاجزاً عن الذهاب اليه. وهذا الامر الاخير مثير للقلق لدى البعض في ضوء رؤية الرئيس الأميركي لاتفاق غزة من زاوية تحقيقه السلام في الشرق الاوسط وليس أقل من ذلك.