
الرئاسات محكومة بالتوافق..والحزب “لا لتحدي رئيس الحكومة”
أحد أهم ما يمكن قوله على خلفية جلسة مجلس الوزراء المنتظرة، انها حُكمت بالتوافق قبل أن تبدأ حتى. فقرار تعليق جمعية “رسالات” بانتظار انتهاء التحقيق، كان نقطة الالتقاء بين كل القوى. تحديداً بين الحزب ورئيس الحكومة نواف سلام وبين الأخير ورئيس الجمهورية. في اللقاء الأخير بين عون وسلام لم يكن بالإيجابية التي تم التسويق لها، بل كان اشبه بالاتفاق على الخلاف في مقاربة تداعيات حادثة الروشة. في هذه الجلسة أصر رئيس الحكومة على ان القانون يعلو فوق كل شيء. فكان قرار تعليق الجمعية بانتظار التحقيقات هو الحل الأمثل. أما خطة الجيش، فقدمت من دون اي مفاجآت.
في عهود سابقة، كانت المشكلة الأكبر التي يعاني منها لبنان، ورعاته الإقليميين والدوليين، هي سوء العلاقة التي تحكم قصر بعبدا بالسراي الحكومي. وهو ما كان يشكل العائق الأكبر أمام حسن سير حكم البلاد، بالإضافة إلى ما يسببه من شحن طائفي مذهبي على خلفية تداخل الصلاحيات بين الطوائف المناطة بها الرئاسات الثلاثة.
احتواء التصادم
اليوم يبدو المشهد مختلفاً، ليس لأن علاقة الرئيسين عون وسلام بأحسن أحوالها، وليس لأنهما متفقان على المسار نفسه من الحكم والإصلاحات، بل لأن رعاة لبنان الإقليميين، قد قالوا كلمتهم في ضبط هذه العلاقة وحكموا عليها بالتوافق مهما كانت الاختلافات عميقة.
جلسة مجلس الوزراء التي ناقشت بند حل جمعية رسالات على خلفية مخالفتها الترخيص المعطى لها في فعالية الروشة، قررت تعليق الجمعية بانتظار استكمال التحقيق، وهو أفضل الحلول بناء على أكثر من اعتبار:
أولاً: الحكومة أثبتت أنها قادرة على اتخاذ قرار من دون “غلبة” الثنائي عليه. وهي واحدة من الرسائل التي يحاول لبنان تأكيدها للمجتمع الدولي.
ثانياً: اتخاذ هذا القرار هو تأكيد من الحكومة على أهمية عمل القضاء، وإحالة القضية إلى حيث يجب ان تكون، تأكيدا على عمل المؤسسات.
ثالثاً: جاءت الجلسة ترجمة لأجواء عدم التصادم التي بثها الوزراء المحسوبين على الثنائي، بحيث أكدوا أن “لا رغبة او ارادة بالتصادم مع رئيس الحكومة”.
رابعاً: وزير الصحة ركان ناصر الدين اعترض على القرار اعتراضا مؤسساتيا، وأبقى الوزراء على قرار عدم التصعيد، إذ ان التصعيد سيكون حتما بوجه رئيس الحكومة، وهذا ما لا يريده الوزراء، لا سيما بعد كلام الشيخ نعيم قاسم عن فتح صفحة جديدة مع السعودية.
خامساً: قناعة فريق في الحزب بأن ما جرى من استعراض وكلام في فاعلية الروشة كان مهينا أولا للذكرى قبل ان يكون موجها إلى رئيس الحكومة.
سادساً: عند عرض رئيس الحكومة البند لمناقشته وتعليق عمل الجمعية، رفع ١٩ وزيرا يده موافقا، بقال سلام ان الأمر ليس مطروحاً على التصويت بل فقط لاستمزاج الآراء. فكان ذلك كفيلاً للاستنتاج بأن أحداً لا يريد التصعيد.
الجيش: تقرير بلا مفاجآت
بعد شهر من جلسة الخامس من أيلول، عرض قائد الجيش رودولف هيكل تقريره الأوّل على طاولة جلسة مجلس الوزراء. وفي التقرير الذي قرر المجلس ان يبقي عليه سرياً، شرح تفصيلي لعمل الجيش جنوب الليطاني وشماله أيضاً.
في معلومات “أساس” ان “قائد الجيش أكد ضرورة انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها جنوباً ووقف اعتداءاتها من أجل استكمال انتشار العناصر جنوبي نهر الليطاني” كما أكدت مصادر عسكرية ان “تقرير الجيش تضمّن أيضا مهاما قام بها خلال هذا الشهر، والعمليات النوعية، سواء على صعيد المخيمات الفلسطينية، أو على الحدود مع سوريا”. وفي المعلومات أن قائد الجيش وضع خريطة جنوب الليطاني مقسمة إلى قسمين. قسم أوّل انتهى عمل الجيش فيه وقسم ثانٍ لا يزال العمل قائماً عليه.
بعض الوزراء وصفوا التقرير بالممتاز، إلا ان مصادر وزارية قالت لـ”أساس” أن لا مفاجآت جاء بها هيكل، بل كل ما عرض كان متوقعا. مصادر دبلوماسية أكدت ان لبنان دخل في مسار العمل المؤسساتي وهذا امر مهم، ولكن الأهم هو في استكمال عمل الجيش تنفيذا لقرارات مجلس الوزراء. وبالتالي، ان لبنان أمام فرصة لتطبيق خطته ما قبل نهاية العام، وإلا فإن الحساب سيكون مختلفاً.
في التقييم العام، تقول المصادر الدبلوماسية إن ما يمنع الجيش من الانتشار ليس فقط الاحتلال الإسرائيلي، بل لأن الجيش لا يزال عاجزاً عن ضبط حركة الحزب الذي يعيد التموضع، وعليه فإن التصعيد الذي يشهده الجنوب والبقاع سيستمر من دون توقف، حتى تنتهي فترة السماح المعطاة لتطبيق الخطة.