
صرف الأموال للجيش بعد إنهاء “الإغلاق” الأميركي..
بعد “ترحيب” الحكومة بخطّة الجيش، رحّبت بالتقرير الشهريّ الأوّل للمؤسّسة العسكرية تنفيذاً لقرار حصريّة السلاح، وسط تراكم مؤشّرات التوتّر على أكثر من جبهة: بين رئيسَي الجمهوريّة والحكومة، بين الرئيس نوّاف سلام و”الحزب”، بين الحكومة ومجلس النوّاب، وبين المعسكرين المتضادّين داخل البرلمان نفسه في شأن “وجهة” قانون الانتخاب.
ربّما الخلاصة الأساسيّة التي أنتجتها جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، في شقّها العسكريّ المرتبط بعرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل للخطّة، أنّ الجيش مستمرّ بالقيام بمهامّه، وفق المطلوب منه وبإمكاناته المحدودة، لكنّ المشهد المُقابل يزداد سوءاً لجهة الخلافات بين أهل السلطة، وعدم وصول المساعدات المطلوبة للجيش حتّى الآن، وتعقُّد المشهد الإقليميّ، وإمعان العدوّ الإسرائيلي في تجاوز كلّ الخطوط الحمر، بما في ذلك قتله المدنيّين بغارات جوّية على الرغم من قدراته العسكريّة المتفوّقة في إمكان التفريق بين عنصر من “الحزب” وبين مدنيّ. حتّى استهداف أعضاء من “الحزب” شكّل من اليوم الأوّل لاتّفاق وقف الأعمال العدائيّة خرقاً فاضحاً للاتّفاق راكم من خلاله اغتيال أكثر من 300 عنصر.
تقول مصادر رسميّة لـ”أساس” ردّاً على تأخّر وصول المساعدات إلى الجيش إنّ “رزمة الدعم التي أقرّتها الولايات المتّحدة الأميركية بقيمة 230 مليون دولار، بنسبة 190 مليون دولار للجيش و40 مليون دولار للقوى الأمنيّة، والتي ارتبطت بتمويل قرار حصريّة السلاح، هي الأضخم منذ عهد الرئيس الأسبق أمين الجميّل، وهي رسالة سياسيّة بالغة الأهميّة فيما تقلّص إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حجم المساعدات الخارجية لدول العالم. وهي رزمة مساعدات تضاف إلى إقرار الخارجيّة الأميركية 14.2 مليون دولار مساعدات للجيش”.
تضيف المصادر: “حالَ الإغلاق الحكومي shut down في الولايات المتّحدة الأميركيّة، الذي دخل أسبوعه الثاني، حتّى الآن دون صرف الأموال”، فيما ذكرت وكالة “رويترز” سابقاً أن “الإفراج عن التمويل في الكونغرس تمّ قبل انتهاء السنة الماليّة في 3 أيلول”.
“تفهّم” أميركيّ!
في المقابل، تتحدّث أوساط مطّلعة عن “ما مجموعه 14 زيارة لموفدين أميركيّين للبنان خلال أقلّ من ثلاثة أشهر، تُظهر الدعم المستمرّ من الولايات المتّحدة الأميركية، وكان مفترضاً أن تُستكمل بزيارة لوفد أميركيّ قبل أيّام، لكنّ الإغلاق الحكوميّ أدّى إلى تأجيلها”، مشيرة إلى “تفهّم أميركي للمسار الذي تنتهجه السلطة الحاليّة في شأن نزع السلاح، في مقابل ضغط إسرائيليّ هائل.
ينقل زوّار قصر بعبدا وجود قناعة لدى الرئيس جوزف عون بأن “المسار سيقود في النهاية إلى تنفيذ القرار 1701، واتّفاق 27 تشرين الثاني، والورقة التي أقرّتها الحكومة، وبالتالي تطبيق خطّة حصريّة السلاح من دون حصول صدام أو تفجير في الداخل، مع الضغط المستمرّ لدفع إسرائيل إلى الانسحاب ووقف اعتداءاتها”.
على الرغم من هذه المشهديّة، لم تتوقّف الأصوات الأميركية من مورغان أورتاغوس إلى توم بارّاك والضبّاط الأميركيّين الملحقين بـ”الميكانيزم”، وصولاً إلى رئيس فريق العمل الأميركي من أجل لبنان إدوارد غابريال، خلال حديثه أمس إلى محطّة “الجديد”، عن مطالبة لبنان بالتفاوض المباشر مع إسرائيل، والإيحاء بأنّ دعم الجيش مشروط بنزع السلاح. كان غابريال واضحاً بالقول: “على لبنان التفاوض بشكل مباشر مع إسرائيل لحلّ الخلافات، ولا يمكن لأميركا لعب دور الوساطة بينهما إلى الأبد”.
جلسة “الخطّة”
تُحاط خطّة الجيش، وتقاريره المرفوعة إلى مجلس الوزراء بسرّيّة تامّة. لكنّ المؤكّد وفق معلومات “أساس” أنّ التقرير الشهريّ الأوّل حصد إعجاباً وزاريّاً من خلال المعطيات التي عرضها قائد الجيش على شاشة كبيرة، مُدعّمة بمعلومات وخرائط وأرقام وتواريخ، مع تأكيد العائق الإسرائيليّ، عبر احتلال النقاط الخمس والاعتداءات اليوميّة، الذي يحول دون تمكين الجيش من تنفيذ انتشاره الكامل.
أشار التقرير إلى أكثر من 4 آلاف مهمّة أو “واجب” task ضمن الشهر الأوّل لتنفيذ الخطّة جنوب الليطاني شملت دوريّات ومهامّ انتشار وإقامة نقاط مراقبة وتفتيشاً واستطلاعاً وضبط “أهداف”، من ضمنها مهامّ “اليونيفيل” و”ميكانيزم”، وهذه مهامّ مختلفة بطبيعتها عن التعبير العسكري mission، كمهامّ حفظ الأمن وحفظ السلم الأهليّ.
منذ موافقة مجلس الوزراء على الخطّة في 5 أيلول، وضع ضبّاط الجيش الخطط التنفيذيّة والخطط البديلة، وأعدّوا التحضيرات اللوجستيّة ومهامّ الاستطلاع وتوزيع القوى. ما يمكن تأكيده، وهو ما ورد في تقرير الجيش، أنّ في العشرة أيّام الأخيرة بات الجيش يعمل على كامل مساحة جنوب الليطاني، فلم يعد ينتظر، كما جرى الاتّفاق سابقاً في اتّفاق 27 تشرين وفي “الورقة الأميركية” بغطاء وموافقة الحكومة اللبنانية، وصول إشعارات أو تعليمات من “اليونيفيل” و”ميكانيزم”، بل بات يتحرّك نحو أهداف معيّنة من تلقاء نفسه، وبناء على خطط وضعها وسط تجاوب كبير من الأهالي، وبتعاون واضح من “الحزب”، وهذا ما أكّده العماد هيكل في تقريره، مع تسجيل حاجة الجيش إلى تدعيم إمكاناته العسكريّة للقيام بكلّ المهامّ المطلوبة.
لكن خطّة الجيش لا تقتصر فقط على مواقع “الحزب”، بعدما بات جنوب الليطاني منطقة مقفلة تماماً عسكريّاً لناحية عبور السلاح منها وإليها، بل أيضاً التنظيمات الفلسطينية، والمجهود الأمنيّ والعسكريّ اللافت للجيش ومخابراته في مداهمة أوكار المخدّرات وتوقيف كبار عصاباتها، خصوصاً على الحدود الشرقية.