غارات المصيلح: لا أمن ولا إعمار قبل التّفاوض مع إسرائيل

غارات المصيلح: لا أمن ولا إعمار قبل التّفاوض مع إسرائيل

الكاتب: جوزفين ديب | المصدر: اساس ميديا
12 تشرين الأول 2025

على الرغم من أنّ اللبنانيّين اعتادوا الغارات الإسرائيليّة المتكرّرة، إلّا أنّ الغارات التي استهدفت مجموعة من الجرّافات في المصيلح شمال الليطاني، تعتبر مفصلاً في السلوك الإسرائيليّ لِما فيها من رسائل سياسيّة واقتصاديّة وأمنيّة على حدّ سواء. وإذا أردنا أن نقرأ في الرسائل، فلا بدّ من التوقّف جدّيّاً عند ما وصل إلى لبنان من رسائل دبلوماسيّة في الأيّام الأخيرة.

 

بالعودة إلى الكلام الأميركيّ الإسرائيليّ عن إعادة بناء “الحزب” لقوّته، تتحدّث مصادر دبلوماسيّة عن الأمر على أنّه لا يقتصر على العسكر والأمن، بل يشمل أيضاً البيئة وإعادة تنظيمها من حيث المسكن والعمل ومحاولات إعادة الحياة في الجنوب إلى شبه طبيعتها قبل الحرب. تقول المصادر الدبلوماسيّة عن هذا الأمر إنّه “ممنوع حتّى انتهاء الحرب والوصول إلى اتّفاق نهائيّ مع لبنان”. ولذا الرسائل التي أرادت إسرائيل تثبيتها في هذه الغارات وفي غيرها هي على الشكل التالي:

– أوّلاً: لا إعادة إعمار، ولو بالحدّ الأدنى، ليس فقط في القرى الحدوديّة بل في الجنوب كاملاً، قبل الوصول إلى اتّفاق نهائيّ يضمن نزع سلاح “الحزب” وتثبيت أمن الحدود.

– ثانياً: رسالة سياسيّة إلى الرئيس نبيه برّي الذي يطالب بإعادة إعمار الجنوب، ورسالة أمنيّة إلى “الحزب” بأنّ كلّ البيئة مكشوفة ومعرّضة.

– ثالثاً: لا خطوط حمراً بالنسبة إلى إسرائيل، ولا قدرة لأحد على ردعها، ولا قدرة لـ”الحزب” على الردّ مهما بلغ حجم التوغّل الإسرائيلي في الغارات وصولاً إلى بيروت.

– رابعاً: بدء إسرائيل باستهداف المواقع الاقتصاديّة والأرزاق المحيطة بمنازل مدنيّة.

تُشرع هذه الرسائل باب التصعيد في الجبهة الجنوبية بعد التوصّل إلى اتّفاق في غزّة. إذ يعني الاتّفاق هناك فتح الطريق للاتّفاق في لبنان، وهنا الإشكالية الكبرى في الرسائل الدوليّة التي تدعو: التوصّل إلى اتّفاق في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل والأرجح أن تكون تحت النار. وأمّا لبنان فموقفه معروف في رفضه للتفاوض المباشر، لكن كيف سيقارب هذه الضغوطات؟ هذا هو الامتحان الأكبر.

رسائل دوليّة: التّفاوض المباشر مع إسرائيل 

في معلومات “أساس” أنّ الرسائل التي تدعو لبنان إلى التفاوض المباشر مع إسرائيل ليست بجديدة، لكنّها اليوم تبدو أكثر جدّيّة. في المقابل، يجيب المسؤولون أنّ بين لبنان وإسرائيل حرباً ودماراً وعدواناً وحدوداً محتلّة، فالأجدى هو الذهاب إلى حلّ هذه البنود قبل التوصّل إلى الكلام عن تفاوض مباشر.

من جهتها تذكّر مصادر دبلوماسيّة بخطاب رئيس الحكومة الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في الأمم المتّحدة، لا سيما لجهة كلامه عن التفاوض والسلام مع لبنان، وإلّا الحرب، متحدّثةً عن عرض تلقّاه لبنان شبيه بما حدث في سوريا وغزّة، ويتمثّل بانسحاب إسرائيل وتثبيت الحدود وإعادة الإعمار، لكن بعد حصر السلاح والتفاوض مع إسرائيل.

تحدّثت رسائل أميركية عدّة عن أنّ الولايات المتّحدة الأميركية لن تبقى طويلاً تلعب دور الوسيط، وإنّما ستنسحب إذا بقي الوضع على حاله لأنّ صبر ترامب قصير جدّاً وسيترك لبنان يحلّ مشكلته مع إسرائيل.

بالعودة إلى غارات المصيلح، تتحدّث المصادر عن أنّها رسالة أيضاً للدولة وليس فقط لـ”الحزب” لمزيد من الضغط بهدف الإسراع في التفاوض وحلّ ملفّ لبنان، لا سيما أنّ إسرائيل تسعى إلى حلّ ملفّات المنطقة وفق أولويّاتها الأمنيّة.

سوريا وإسرائيل والحدود واللّاجئين

بعدما أثارت زيارة وزير الخارجية السوريّ أسعد الشيباني للبنان انتقادات كثيرة لجهة عدم الكلام فيها عن ملفّ اللاجئين السوريّين أو الحدود بشكل جدّيّ وكامل، بما فيها مزارع شبعا، قالت مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ ملفّ الحدود لا يرتبط فقط بسوريا ولبنان بل بإسرائيل أيضاً، وملفّ اللاجئين هو واحد من الملفّات المطروحة ضمن حزمة البنود في التسوية الأخيرة بشأن لبنان. لذا كانت زيارة الشيباني مركّزة على حلّ الملفّ صاحب الأولويّة السوريّة، وهو ملفّ الموقوفين. أمّا لبنان فينتظر مقاربة شاملة وواضحة وخارطة طريق تحاكي مطبّات المرحلة المقبلة لأنّ تأجيل بتّها لا يعني سوى الهروب إلى الأمام.