أولويات اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي في واشنطن

أولويات اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي في واشنطن

الكاتب: د. فؤاد زمكحل | المصدر: الجمهورية
13 تشرين الأول 2025

يتوجّه الوفد الرسمي اللبناني خلال أيام إلى العاصمة الأميركية واشنطن، للمشاركة في اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي، التي ستجري ما بين 13 و18 تشرين الأول 2025، حيث العناوين الكبيرة ستكون الملفات المالية والنقدية والتنموية العالمية. فما أبرز الرسائل التي سيحملها الوفد اللبناني في الإجتماعات الفرعية؟

إنّ اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي، ستجمع وفوداً سياسية، مالية، أكاديمية وإقتصادية من جميع بلدان العالم، وسيشارك حكّام المصارف المركزية، وزراء المالية، وممثلون من كل المنظمات الدولية والتمويلية والتصنيفية، تحت رعاية صندوق النقد والبنك الدوليَين.
إنّ أولويات وجدول أعمال هذه الإجتماعات المهمّة، ستبدأ بالجلسة العامة، التي ستُركّز على التغيّرات الإقتصادية الدولية، ومن ثم ستُركّز جلسة أخرى على السياسات الإقتصادية للتمويل والإنماء. كما ستُسلَّط الأضواء على التضخُّم المفرط الذي يهزّ العالم، إنهيار العملات، تحفيز العملات الرقمية، التغيُّر المناخي، محاربة الفساد، تمويل الإرهاب، محاربة الفقر، والتمويل لخلق الإنماء.
وستكون هناك جلسات عدّة للجان، متخصّصة لإعادة الإنماء، وتنمية الإقتصاد العالمي، لخلق وظائف والحدّ من البطالة الخانقة التي تضرب معظم بلدان العالم. وستكون هناك اجتماعات فرعية لإعادة تمويل البلدان المتعثّرة، وإعادة الإعمار من بعد الحروب في مناطق عدة.
وستُعقد جلسة مخصّصة للأمور المالية والنقدية، وسحب وضَخّ السيولة، للتمكن من ضبط التضخّم، كما سيكون هناك درس معمّق لتحويل السيولة النقدية إلى السيولة الرقمية، ومراقبة دقيقة لمكافحة الفساد وتمويل الأموال.
أمّا بالنسبة إلى الجلسات الإقليمية، فستكون مقسّمة بحسب المناطق، وستُعقد جلسات فرعية عدّة للبنان لمتابعة التوصيات المرجوّة. وستنتهي هذه الإجتماعات الخريفية للصندوق بمؤتمر صحافي سيُقدِّم الخلاصات والتوصيات للمرحلة المقبلة، وأهم بنود الملاحقة لإجتماعات الربيع في العام 2026.
بالنسبة إلى الإجتماعات الفرعية المتخصّصة للبنان، سيتابع فريق صندوق النقد الإقليمي متطلّبات وتوصيات، جرّاء زيارة وفوده إلى لبنان، التي زارته مرّتَين خلال العام 2025 (آذار وحزيران). وسيتطرّق المسؤولون إلى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والقوانين المرجوّة، وحتى إلقاء النظر على مسوّدة موازنة العام 2026 التي تُبحث في اللجان.
فالوفد اللبناني سيُركّز على تنفيذ قانون محاربة الفساد وتبييض الأموال الذي أُقرّ في العام الماضي، وسيتطرّق إلى مشروع إعادة هيكلة المصارف والتعليلات المطلوبة من المجلس الدستوري، وسيعرض عناوين مشروع الفجوة المالية، الذي من دونه لا مجال لإعادة الدورة الإقتصادية وإعادة بناء الثقة خطوة بخطوة.
من جهة أخرى، سيتطرّق الصندوق إلى خطته وتنفيذها، لإخراج لبنان من القائمة الرمادية بحسب مجموعة العمل الدولي FATF، ومن القائمة السوداء بحسب المفوّضية الأوروبية.
في المحصّلة، من المهمّ جداً للبنان المشاركة في هذه الإجتماعات الدولية، لكن من الأهم ليس فقط المشاركة والتصفيق، لا بل المشاركة الفعلية، والتنفيذ والملاحقة للوعود والإستراتيجيات المطروحة. إنّنا لا نزال بعيدين جداً من أي إتفاق جدّي مع الصندوق للتمويل من خلاله. فهل مشاركة الوفد اللبناني هي فقط لرفع العتب وللصورة الجماعية، أم أنّ هناك نيّة حقيقية لتنفيذ الإصلاحات وإعادة بناء وإنماء بلدنا الحبيب؟
نتمنى على الوفد اللبناني أن يعرض ليس خطة ونيّة، لكن رؤية موحّدة وجامعة حيال مستقبل لبنان، ونيّتنا الحقيقية للإصلاح، وخطتنا لبناء دولة قوية تفرض هيبتها على كل لبنان وكل اللبنانيِّين من دون إستثناء. على الوفد اللبناني أن يُمثل لبنان الواحد والجامع، وليس لبنان المنقسم ودُوَيلات المافيات.