
خاص- نزع سلاح “الحزب” بالقوة؟
أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ “حماس ستتخلّى عن سلاحها. وإن لم تفعل، سنتكفّل نحن بذلك. ونزع هذا السلاح سيحدث بسرعة وربّما بعنف”. هكذا كان تعليق الرئيس الأميركي على تلويح الحركة بأنّها لن تسلّم السلاح. فالإعلان الأميركي عن انطلاق مسيرة السلام، في حضور أبرز رؤساء الدول، هو خطوة لا تراجع عنها، وستُستكمل في محاور أخرى، وفي مقدّمها لبنان.
ولم ينسَ ترامب الحديث عن لبنان، على رغم غياب تمثيله في قمّة شرم الشيخ. فأكّد أنه يدعم الرئيس جوزف عون في “عمله المتعلّق بسحب سلاح “حزب الله” وبناء دولة مزدهرة تعيش بسلام مع جيرانها”. ولم يتأخّر عون في تلقّف كلام ترامب، معلناً أنّه “لا بد من التفاوض مع إسرائيل لحلّ المشاكل العالقة بين الطرفين. فالجوّ العام اليوم هو جوّ تسويات، ولا بدّ من التفاوض”. وكان سبق لعون أن علّق على التوصل إلى اتّفاق حول غزّة بالقول: “طالما تمّ توريط لبنان في حرب غزّة، تحت شعار إسناد مُطلقيها، أفليس من أبسط المنطق والحقّ الآن، إسناد لبنان بنموذج هدنتها؟”
وينطلق كلام رئيس الجمهورية من إرادة لتجنيب البلد حرباً جديدة، والتوجّه بدلاً منها إلى التفاوض حول أمور أمنية مع إسرائيل، كما جرى في غزّة، وكما يجري في سوريا التي فتحت خطّ تفاوض على مستوى وزاري مع إسرائيل. وبما أنّ نموذج غزّة سيُطبّق على لبنان عاجلاً أم آجلاً، فالأفضل تطبيقه مع تقليص الخسائر، بدلاً من تطبيقه بخسائر إضافية وحرب جديدة.
فاتّفاق غزّة لم يتمّ التوصّل إليه إلّا بعد الهجوم العنيف والتدمير الهائل لمدينة غزّة، في المرحلة الأخيرة من الحرب. فهل على لبنان أن يتلقّى المزيد من الضربات والدمار، قبل أن يذعن لمسار الحلول الأميركية، والإسرائيلية طبعاً؟
الجواب عن هذا السؤال يتوقّف على ما سيفعله “الحزب”. فإذا بقي مصرّاً على رفضه تسليم السلاح، فإنّ خطر توسيع الحرب عليه من جديد سيرتفع، بحيث تتولّى إسرائيل بنفسها عمليّة التخلّص من السلاح، في حال لم تفعل الدولة اللبنانية ذلك. وهذا ما يقوله المسؤولون الإسرائيليون منذ فترة. كما أنّ واشنطن لن تعارض هذا الخيار في حينه، أي في وقت قريب جدّاً.
واستناداً إلى مصادر في العاصمة الأميركية، فإنّ واشنطن ستمارس في الفترة المقبلة، مع تسلّم السفير الجديد ميشال عيسى مهامّه في بيروت، ضغوطاً كبيرة على الحكومة اللبنانية، وستفعّل عمل لجنة الميكانيزم في الجنوب، من أجل الدفع في اتّجاه تنفيذ خطّة حصريّة السلاح في شكل جدّي. ولكن، إذا لم تنفع الضغوط، فلن يكون في وسع واشنطن أن تمنع إسرائيل من توسيع الهجمات على بيروت، كما حدث مع الغارات العنيفة التي استهدفت معدّات للبناء في منطقة المصيلح، مباشرة بعد إعلان التوصّل إلى اتّفاق في شأن غزّة.
كما تقول المصادر إنّ الأمور لن تتوقّف عند هذا الحدّ. فالرئيس ترامب يريد أيضاً الانتهاء من الملفّ الإيراني في أسرع وقت ممكن، إمّا عبر التوصّل إلى اتّفاق يوقف نهائيّاً عمليّات التخصيب وينهي أذرع طهران، وعلى رأسها “حزب الله”، وإلّا فإنّ اللجوء إلى الخيارات العسكرية من جديد لن يكون مستبعداً.
وهنا، يقف “الحزب” عند منعطف مصيري. فعليه أن يحدّد استراتيجيّته للمرحلة المقبلة، وأن يقتنع بالتحوّل إلى حزب سياسي من دون الجناح العسكري. وثمّة في الواقع وجهات نظر مختلفة داخل “الحزب” حول هذه المسألة، يميل بعضها إلى التحوّل إلى العمل السياسي المحض. ولا يمكن للحزب مواجهة التغيّرات المقبلة، إذا بقي عالقاً عند نقطة رفض التعاون والاستمرار في إنكار الواقع الجديد. فعندها ستُترك الحريّة لإسرائيل للتصرّف من دون رادع.
وفي المعلومات أنّ الخطط الأميركية المتعلّقة بلبنان باتت جاهزة. وقد وُضعت أفكار حول كيفية الولوج إلى اليوم التالي. ومن هذه الأفكار إرسال قوّات متعدّدة الجنسيّات إلى لبنان. فواشنطن ستكون مستعدّة، كما هي الحال في غزّة، لنزع السلاح بالقوة، إذا لم يتمّ تسليمه طوعاً.