
التفاوض مبادرة رئاسية بحجم التحوّلات: واشنطن تؤيّد وتدعم بضغط على نتنياهو
أمام عظمة المشهدية التي ارتسمت إقليميًا في 13 تشرين الجاري مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنطقة، فهم لبنان الرسميّ أن عدّة العمل التي يستخدمها منذ اتفاق 27 تشرين الأول الماضي، لم تعد صالحة، وبأن عليه اعتماد أدوات جديدة لمواكبة التطوّرات، وإلّا دفع ثمن تخلّفه غاليًا، مِن أمنه واقتصاده، فخطا خطوة كبيرة نحو “تحديث” مقاربته شؤونه السيادية والاستراتيجية، تمثلت في انفتاحه على التفاوض مع تل أبيب.
ترحيب أميركيّ
الجيّد، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لبنانية رفيعة لـ “نداء الوطن”، أن الدولة اللبنانية اتخذت أخيرًا، قرارَ الانضمام إلى ورشة التبدّلات التي انطلقت في المنطقة. فحتى حركة “حماس” “أمّ الصبي” إذا جاز القول، تخلّت عن الخيار العسكري وذهبت نحو التفاوض، فهل نبقى نحن خارجه؟
رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بادر الاثنين الماضي، ومدّ يده، مبلغًا العالم استعداد لبنان للجلوس إلى الطاولة. هي رسالة موجّهة أوّلًا إلى الوسيط الأميركي. وبحسب المصادر، واشنطن تلقفت هذه الخطوة بارتياح، وهي تستعدّ في المرحلة المقبلة، خاصة مع مباشرة سفيرها الجديد ميشال عيسى عمله في بيروت، لتزخيم وساطتها بين لبنان وإسرائيل.
الضغط على نتنياهو
الرئيس عون يشترط وقف الاعتداءات الإسرائيلية قبل أي شيء آخر وقبل التفاوض. وهنا، لا تستبعد المصادر أن يفعل الأميركيون مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ما فعلوه معه عند طرح الرئيس ترامب خطّته لغزة، حيث ضغطوا عليه للسير بها. أي أن ترامب قد يُجبر نتنياهو على وقف الاعتداءات على لبنان، خاصة أن الأخير أعلن جهارًا نيته التفاوض.
هذا “الباس”، من شأنه أن يعزز موقفَ الدولة في حصر السلاح ويُضعف حجّة “حزب اللّه”. أي أنه سيخلط الأوراق لبنانيًا بحيث يُسكت “الحزب” ويُجبره على التعاون مع مسار جمع السلاح غير الشرعي. على أي حال، ليست تفصيلًا مطالبة رئيس الجمهورية “حزب اللّه”، بشكل غير مباشر، بإسناد نموذج هدنة غزة في لبنان. وقد بلغت أصداء مواقف عون هذه، واشنطن، فأشاد ترامب بأداء رئيس لبنان في عملية حصر السلاح، في خطابه أمام الكنيست.
تراجع سيناريو الحرب
ثمّة إذًا ما تبدّل إيجابًا في الأداء اللبناني بعد موافقة “حماس” على خطة ترامب وعقب انطلاق قطار السلام في غزة والمنطقة رسميًا في 13 تشرين. وبعد قلقٍ من انعكاس هذه التطوّرات سلبًا على لبنان، بحيث تعاظمت المخاوف من تجدّد حرب إسرائيل على “الحزب” للتخلّص من سلاحه، فإن المؤشرات الأولية التي صدرت عن “لبنان – الدولة” منذ غارة المصيلح، بدت متقدّمة وبحجم الحدث الإقليمي، وسكبت ماء باردًا على السيناريوات الساخنة، ودلّت على أن إبعاد كأس الحرب عن لبنان ممكن وعلى أن الخلاص ممكن أيضًا، اللّهم إذا تمسّك أهل الحكم بقرارَي التفاوض وحصر السلاح، ولم ينصتوا لجوقة التخوين والرضوخ التي ستنطلق ضدهم، تختم المصادر.