
ماذا ينتظر لبنان بعد سلام غزة؟
لماذا لم يُدعَ لبنان إلى قمة شرم الشيخ مع أنه المعني الأول “بالفصل الثاني” مما أقرته لإنهاء حرب غزة؟ ومن سيتولى هندسة إنهاء الحرب المشتعلة على الأرض اللبنانية بين إسرائيل وإيران؟
لماذا لم يُدعَ لبنان إلى قمة شرم الشيخ مع أنه المعني الأول “بالفصل الثاني” مما أقرته لإنهاء حرب غزة؟ ومن سيتولى هندسة إنهاء الحرب المشتعلة على الأرض اللبنانية بين إسرائيل وإيران؟
دبلوماسي شاركت دولته في إدارة قمة شرم الشيخ مع مصر والولايات المتحدة الأميركية قال إنّ لبنان لم يُدعَ لأنّ “المشهد اللبناني لم يكن واضحاً للمنظمين، فميليشيات إيران ما زالت تفرض خياراتها وتخرق قرارات الحكومة اللبنانية، ما يؤدي إلى إرباك في الإجابة عن سؤال: من يحكم لبنان، حكومة تتمتع بدعم دولي لتنفيذ مهمة نزع سلاح ميليشيات إيران وإستئصال الفساد أم “سلطة” تنسّق مع ميليشيات إيران لإيجاد تسوية تحفظ لها ماء وجهها ولا تظهرها مهزومة، وتتعاطى مع الفساد لا بمعالجة شاملة بل بوقف ما تضج فضائحه، من دون إتضاح مستوى عقوبات مرتكبيه، خصوصاً إذا كانوا من القطاع العام.”
وأوضح الدبلوماسي الأنغلوفوني أنّ معضلة لبنان تتلخص بأنه دخل حقبة تغيير كبرى في الشرق أطلقتها ثورة أسقطت تحالف نظام الأسد وإيران في سوريا، فيما بقي من سقط في سوريا يحظى بنفوذ في لبنان، خصوصاً حزب الله.
وشدد على أنّ الحروب تكون دموية جداً في نهايتها كما في بدايتها. بعد دموية النهايات تتسابق القوى المهزومة للتوافق مع المنتصر لتحصيل مساعدات وضمانات.
“wars are usually very bloody at their final stages as they were when they broke out. When the bloody final stages come to an end the vanquished factions join the winner to harvest aid and guarantees,” he said.
ولدى سؤاله عن أي مساعدات وضمانات يتحدث، قال الدبلوماسي: المساعدات هي ما يحصل عليه شعب غزة حالياً بعد وقف إطلاق النار، أما الضمانات فهي ما طلبته “حماس” لتأمين الراغبين من قياداتها بمغادرة غزة بأمان.
وهل حصلت “حماس” على ضمانات لمغادرة القياديين الراغبين بسلام ومن دون ملاحقات إسرائيلية؟
قال الدبلوماسي: إشترطت مصر لقبول مرورهم الحصول على نسخ عن موافقة الدول التي ستستضيف قيادات حماس كي تضمن عدم بقائهم في مصر، وتتولى تأمين تسفيرهم إلى الدول التي تقبل باستضافتهم.
ولدى سؤاله عما يمكن توقعه في لبنان في ضوء ما انتهت إليه حرب إسرائيل-حماس في غزة، قال: معضلة لبنان تكمن في أنه يحتسب عدد صيصانه قبل أن تفقس من البيض ومرادفها المثل اللبناني كمن يشتري السمك في البحر”.
“Lebanon’s dilemma is that it counts its chickens before they hatch. You have an equivalent Lebanese saying about a person who buys fish that are still in sea,” said the diplomat in answering a question about his expectations for Lebanon.
وكان مستشار وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط نائب الأدميرال إدوارد ألغرين والوفد العسكري المرافق قد بحث مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون التطورات بعد الإعلان عن اتفاق إنهاء الحرب في غزة، ومقررات قمة شرم الشيخ.
وشكر الرئيس عون للوفد البريطاني التعاون القائم بين الدولتين لا سيما إنشاء شبكة أبراج مراقبة على الحدود اللبنانية مع سوريا ما يساهم في رصد وتعزيز إعتراض مختلف عمليات التهريب عبر المعابر غير الشرعية ويساهم في تعزيز التنسيق الأمني بين لبنان وسوريا بالإتجاهين.
وفي سياق التعاون السوري-اللبناني كشفت وزارة العدل اللبنانية عن تحقيق خطوات “متقدمة جداً” على طريق إنجاز مسودة إتفاقية قضائية لبنانية-سورية تتضمن متابعة ملف المخفيين قسراً، وتسليم ملفات الإغتيالات السياسية التي جرت في لبنان في حقبة سطوة تحالف نظام الأسد وأذرع العصابات الفارسية، والبحث عن الفارين من العدالة اللبنانية إلى سوريا وتسليمهم إلى السلطات اللبنانية كما البحث عن السوريين المطلوبين للقضاء في سوريا والهاربين إلى لبنان وتسليمهم للسلطات السورية. إضافة إلى حل مسألة الموقوفين والمحكومين السوريين في السجون اللبنانية البالغ عددهم 2،300 شخص الذين يتوقع أن يتم توافق بشأنهم مع استثناء المتهمين بعمليات قتل واغتصاب.
وكان وزير العدل اللبناني عادل نصار قد أعلن أنّ مناقشة صياغة الاتفاقية قطعت خطوات كبيرة نحو إنهاء نصها القانوني.
وأعلنت وزارة العدل اللبنانية في بيان، أنه في ضوء الاجتماع الذي عقد قبل يومين في لبنان بين الوفد اللبناني برئاسة الوزير نصار والوفد السوري برئاسة وزير العدل مظهر الويس، والذي استمر حوالي الساعتين، في المقر السابق لرئاسة الحكومة، “تم تحقيق خطوات متقدمة جداً لجهة إنجاز مسودة اتفاقية قضائية بين البلدين”.
وفي سياق العلاقات بين دمشق وبيروت ذكرت إحصائية صادرة عن غرفة ادارة الكوارث في محافظة عكار أنّ عدد أتباع نظام الأسد البائد الهاربين من سوريا إلى شمال لبنان بلغ 14,595 شخصاً موزعين على 3،661 عائلة.
وذكرت مصادر مطلعة أنّ هذه الشريحة النازحة موزعة على 35 قرية وبلدة. أعضاؤها يقيمون في منازل ضمن القرى والبلدت كما في مخيمات خاصة في المشاعات تتلقى مساعدات مالية وصحية وغذائية إضافة إلى ملبوسات من منظمات دولية غير حكومية وجمعيات “خيرية”.
من جهتها ذكرت وزارة المالية أنّ وفد لبنان إلى اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي برئاسة وزير المالية ياسين جابر عرض خططاً إصلاحية في مسعى لحشد الدعم اللازم لتعافي لبنان الاقتصادي.
وقد شارك جابر في الاجتماع الوزاري لمجموعة الأربع والعشرين الذي يضم في عضويته لبنان ومصر، فيما تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة بصفة مراقب.
وأوضح الوزير جابر أنّ كلفة الحرب التي عاشها لبنان قُدّرت بأكثر من 11 مليار دولار، فضلاً عن الخسائر البشرية وموجات النزوح. وشدد على أنّ لبنان “يقف عند مفترق طرق، ويواجه تحديات هائلة، لكنه مصمم على شق طريق التعافي”، داعياً المجتمع الدولي إلى الإسراع في تقديم المساعدات وعدم تغليب السياسة على الاحتياجات الإنسانية.
وختم جابر كلمته بالتوضيح أنّ ما يطلبه لبنان من المجتمع الدولي “ليس صدقة، بل شراكة حقيقية تعيد بناء الثقة في مؤسسات الدولة واقتصادها وتمنح الشعب الأمل بمستقبل أفضل”.
فأي مستقبل ينتظر لبنان؟ “الأفضل” الذي نسبه جابر إلى أماني الشعب اللبناني، أم إحتساب عدد الصيصان قبل أن تفقس من البيض الذي توقعه الدبلوماسي الأنغلوفوني؟