
الحزب يحاول استعادة مستودعات الأسلحة من سوريا عبر التهريب
بالرغم من جهود الحكومة السورية الحثيثة لوقف عمليات تهريب السلاح، لا تزال حركة التهريب نشطة ومستمرة بحسب ما رصدت “المدن”. وتشير المعلومات إلى وجود ربط مباشر بين عمليات التهريب ومحاولات حزب الله اللبناني الحصول على مستودعاته السرية في سوريا، بالموازاة مع عمليات شراء الأسلحة التي تقف وراءها خلايا تابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
مستودعات سرية
وأفاد مصدر من الاستخبارات السورية، “المدن”، بأن ملف تهريب السلاح لا يزال غير مضبوط من قبل الدولة، نظراً لكثرة المهربين المنتظمين ضمن مافيات لم تتم السيطرة عليها أو تحييدها حتى الآن.
وكشف عن وجود شخصيات كانت سابقاً ضمن الجيش الحر وبعض الفصائل الثورية، تنشط في مجال تهريب السلاح طمعاً بجني المال، بينما تنتشر بعض العصابات بريف دمشق لتهريب السلاح نحو لبنان، وأخرى تتمركز في الشمال السوري حيث يتم تهريب بعض الأسلحة والذخائر نحو شرقي الفرات لصالح “قسد“.
وأكد المصدر وجود مستودعات سرية لحزب الله، خصوصاً في المناطق التي كانت تحت سيطرته سابقاً مثل القصير التي تشكل حالياً الثقل الأساسي لعمليات التهريب، لافتاً إلى أن حزب الله يحاول الحصول على هذه المستودعات عبر وسطاء وتجار سلاح، لكن الدولة غالباً ما تحبط عمليات التهريب معتمدةً على رصد تحركات المهربين وتوزيع العناصر الأمنيين في الاماكن المشبوهة.
طرقات سرية ومافيات
تتشابه طرقات تهريب السلاح مع الشبكات السرية لتهريب المخدرات، خصوصاً المتعلقة بالتهريب نحو لبنان، حيث تشكل المناطق الحدودية في ريفي حمص ودمشق، كمضايا وسرغايا والقصير، محطات أساسية لتهريب السلاح، وفقاً لما رصدته “المدن”، استناداً إلى مصادر استخباراتية وأمنية.
ولفتت المصادر إلى أن طريق التهريب باتجاه جبل الشيخ، بات شبه معطل بعد التمدد الإسرائيلي في الجنوب السوري، مشيرة إلى أن الطرقات المعتمدة حالياً في تمرير السلاح والمخدرات، تتم انطلاقاً من المناطق الحدودية في حمص وريف دمشق.
وترجح المصادر أن حزب الله، يلجأ في عمليات استرداد مستودعاته، إلى التنسيق مع خلايا من الفلول في كل من الساحل وحمص، بالتوازي مع وسطاء ضالعين في عمليات التهريب، وسط جهود تبذلها وزارة الداخلية لمكافحة هذه العمليات، لكنها لا تزال تفتقر إلى المعلومات الكافية حول أماكن المستودعات ومخابئ الأسلحة.
عمليات موسعة
ومؤخراً، اعلنت وزارة الداخلية إحباط مخطط لتهريب شحنة كبيرة من الاسلحة في منطقة القصير بريف حمص الغربي، حيث تم ضبط كمية من قذائف الـ”آر بي جي” والهاون ومجموعة من الرشاشات، بالتوازي مع ضبط مستودع ضخم يضم أكثر من 200 صاروخ غراد.
وفي دريكيشن، أعلنت الداخلية تنفيذ حملة تمشيط واسعة استهدفت المرتفعات الجبلية والأحراش، أسفرت عن العثور على أسلحة متنوعة وذخائر كانت مخبأة داخل أحد الأحراش، بينما ضبطت القوى الأمنية بالتعاون مع وزارة الدفاع، كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة بريف دمشق الغربي، إلى جانب ذخائر متنوعة كانت معدة للتهريب خارج البلاد.
وفي نوى، أعلنت الداخلية ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة تبين أنها مسروقة من الثكنات العسكرين إبان سقوط النظام البائد، وكانت معدة للتجارة غير المشروعة.
خلايا تابعة لـ”قسد“
بدورها، تعمل “قسد” على استجرار السلاح من المناطق التي تديرها الحكومة السورية، مستندة إلى شبكة من الخلايا التابعة لها، وفق حديث أحد تجار السلاح الخفيف الذين تمكنت “المدن” من التواصل معهم. وأكد المصدر أنه قام بعقد صفقات لبيع مسدسات وبندقيات كلاشينكوف، لأحد وسطاء “قسد” وسط دمشق.
ولفت إلى أن هؤلاء الوسطاء مستعدون لدفع مبالغ كبيرة ثمناً لأي قطعة سلاح، حيث يقومون بتمريرها ضمن طرقات سرية نحو شرقي الفرات، مضيفاً أن المرابح الكبيرة التي تجنيها فكرة الإتجار بالسلاح، حفّزت عدداً كبيراً من الأشخاص، بينهم أمنيون وعسكريون، على بيع الأسلحة الفردية، خصوصاً التي كانت ضمن مستودعات النظام السابق، والتي حصلوا عليها كغنائم عقب عمليات التحرير.
وفي العموم، يشكل استمرار عمليات تهريب السلاح خرقاً لمبدأ حصر السلاح بيد الدولة الذي أقره الإعلان الدستوري، وسبق أن أعلنت السلطة السورية عزمها على مكافحة السلاح المنفلت ومحاسبة المهربين، لكن لا تزال هذه النشاطات الحكومية في حاجة إلى معلومات استخباراتية أوسع، وفقاً للمصدر العامل في الاستخبارات السورية الذي تحدث لـ”المدن“.