
خاص- رؤية ترامب للسلام في لبنان مهدّدة بالفشل!
ليست الطرق سهلة ومعبّدة، كما يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يوحي، عندما يتكلّم على السلام ووقف الحرب، سواء في أوكرانيا أو غزّة، أو عندما يعطي الانطباع بقرب الازدهار في دول مثل لبنان وسوريا مثلاً.
فحتّى الآن، فشلت كلّ محاولاته لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، لأنّ تبسيط المشاكل وتسطيحها لم ينجحا، ولأنّ دعوة كييف إلى التخلّي عن أراضٍ بهذه البساطة ليست أمراً واقعيّاً.
وفي غزّة أيضاً، ليس اتّفاق وقف النار مفروشاً بالورود. فهو يأتي هشّاً وغير متماسك، وآليّة تنفيذه غير واضحة. وقد تمّ خرقه منذ اليوم الأوّل. ويعمل الأميركيّون على إنعاشه اصطناعيّاً، وهم لا يعرفون في الواقع الطريقة التي سيجبرون من خلالها “حماس” على تسليم السلاح.
أمّا في لبنان، فالأمور متشابهة. هناك معضلة اسمها سلاح “حزب الله” ما زالت تستعصي على الحلّ. ولم تنجح معها خطّة برّاك، ولا خطّة الجيش غير الموقوتة بزمن. وبات واضحاً أمام الأميركيين أن السلاح باقٍ، ما لم تُتّخذ خطوات خارجية، من جانب واشنطن، أو عن يد إسرائيل نفسها.
وقد حذّر توم برّاك في منشور على منصّة X من أن “فشل لبنان في نزع سلاح حزب الله قد يدفع إسرائيل إلى تحرك عسكري أحادي، والعواقب ستكون خطيرة للغاية. وسيكون الجناح العسكري للحزب في مواجهة كبرى مع إسرائيل في لحظة قوّة إسرائيل وضعف الحزب المدعوم من إيران، في حين سيواجه جناحه السياسي عزلة محتملة مع اقتراب الانتخابات”.
وكما أنّ اتّفاق غزّة مرشّح للانهيار في أيّ لحظة، فإنّ الوضع في لبنان يبدو هشّاً لدرجة توقّع تطوّرات عسكرية أو اضطرابات داخلية. وتهديد ترامب بأنّه سينزع سلاح “حماس”، وتالياً “الحزب”، بالقوّة إذا لم يتمّ تسليمه بالحسنى، ليست ترجمته على أرض الواقع بالسهولة التي يتخيّلها الرئيس الأميركي.
ولكن الأمر الأكيد هو أنّ من يدير اللعبة في المنطقة هم الإسرائيليون، وأنّ المواكبة الأميركية تصبّ في النهاية في ما تريده إسرائيل، حتّى لو اختلف أسلوب التعبير عن الوقائع. فبنيامين نتنياهو أعلن موافقته على الخطّة الاميركية لوقف النار في غزّة، مراعاةً لترامب، الذي يصفه بأنّه أكبر حليف لإسرائيل من بين الرؤساء الأميركيين جميعاً. ولكن في إمكان رئيس الوزراء الإسرائيلي العودة إلى الحرب في أيّ لحظة، والحجج لذلك متاحة بسهولة. وهو سيحظى عندها أيضاً بتأييد ترامب، على أساس أنّ الطرق الدبلوماسية لم تنفع مع “حماس”.
والوضع عينه ينطبق على لبنان. ففيما يشيد الرئيس الأميركي بما يقوم به الرئيس اللبناني، يخرج برّاك ليحذّر من أنّ “إسرائيل قد تتحرّك عسكرياً من جانب واحد، إذا استمرّت الحكومة اللبنانية في التردّد في تنفيذ قرارها القاضي بحصر السلاح بيد الدولة”.
وفيما أعلن الرئيس جوزف عون أنّه لا بدّ من التفاوض لحلّ المشاكل العالقة، لا تبدو إسرائيل مهتمّة بهذه المبادرة. فالزمام في يدها، والتفاوض بالنسبة إليها يعني فقط استسلام “الحزب”. فلا شيء تفاوض عليه، سوى فرض سحب السلاح. وإذا لم يحصل ذلك، فإنّ الآلة العسكرية الإسرائيلية ستظلّ، في أحسن الأحوال، تفعل ما تفعله اليوم من قصف لأهداف واغتيال قياديين ومنع “الحزب” من إعادة بناء نفسه. ولكن لا شيء يمنعها في الوقت عينه من العودة إلى الحرب الواسعة التي تشمل بيروت وضاحيتها الجنوبية.
كذلك، فإنّ القرار في مسألة السلاح يبقى خارج القدرة اللبنانية، وحتّى خارج إرادة “الحزب” نفسه. فالذي يقرّر في النهاية هي إيران، التي لا تزال تستعمل ما تبقّى من الورقة اللبنانية لتحسين شروطها في المفاوضات المفترضة مع الولايات المتّحدة. وما لم يجرِ حلّ معضلة الملفّ الإيراني، فإنّ من الصعب حلّ موضوع السلاح في لبنان. وثمّة معلومات تشير إلى أنّ الإدارة الأميركية تستعجل الحلّ على الخطّ الإيراني، سواء بالدبلوماسية أو بالخيار العسكري من جديد.
