قريباً جداً لن يكون ثمّة مهرب من نشوب حرب ثانية!

قريباً جداً لن يكون ثمّة مهرب من نشوب حرب ثانية!

الكاتب: علي حمادة | المصدر: النهار
23 تشرين الأول 2025

من المهم جداً التوقف عند ما ورد البارحة في صحيفة “جيروزاليم بوست”. فقد نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسؤولين وصفتهم بأنهم استخباراتيون غربيون، معلومات مفادها أن “الحزب” “زاد وتيرة بناء قوّته شمالي نهر الليطاني بسرعة تفوق سرعة نزع سلاحه جنوبي الليطاني”. ووفقاً للمعلومات تقول الصحيفة: “إن “الحزب” نجح في إعادة تسليح نفسه، بما في ذلك بالصواريخ، بالإضافة إلى تجنيد مقاتلين جدد في صفوفه، واستعادة مواقع وقواعد تابعة له”. وخلُصت الصحيفة إلى القول نقلاً عن المسؤولين الاستخباراتيين الغربيين: “إن الطريق إلى النزع الكامل لسلاح “الحزب” لا يزال طويلاً”!

 

تتزامن هذه المعلومات مع تأكيدات “الحزب” المتكررة أنه أعاد ترميم قوته العسكرية وصار جاهزاً لمواجهة إسرائيل في حرب جديدة. هذه التأكيدات تأتي على الرغم من أن “الحزب” أحجم حتى الآن عن الرد على عشرات الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل لتصفية مقاتليه، وقادته الميدانيين، والمتعاملين معه، فضلاً عن عن قصف إسرائيل عشرات المواقع والمنشآت والبنى العسكرية والاقتصادية المرتبطة بمسار ترميم قدراته العسكرية والأمنية! بمعنى آخر، يواصل “الحزب” إعادة بناء قوته العسكرية غير آبهٍ بالثمن الباهظ الذي يدفعه مع بيئته، وبقرارات الدولة اللبنانية، من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة الداعية إلى “حصر السلاح بيد الدولة”.

عملياً، ثمة توافق مثير للانتباه بين رواية “الحزب” عن ترميم قوّاته العسكرية، وتلك التي نشرتها “جيروزاليم بوست” التي تؤكد نقلاً عن مصادر استخباراتية غربية أن الحزب المذكور أعاد فعلاً بناء قدرات عسكرية جديدة شمالي نهر الليطاني، وتمكن من تجنيد مقاتلين جدد! وإذا ما أخذنا في الاعتبار المواقف الأخيرة التي أدلى بها قبل أيام المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان توم برّاك، والتي قال فيها ما معناه أنه إذا فشلت الدولة اللبنانية في نزع سلاح “الحزب” كما سبق أن تعهّدت، فإن “الحزب” سيجد نفسه أمام مواجهة كبرى (أي حرب كبرى) مع إسرائيل. ومن هنا خطورة المرحلة التي وصل إليها لبنان بعدما عجزت الدولة على مختلف مستوياتها عن التصدّي للاستحقاق الأهم الذي تبدأ منه عملية بناء “دولة القانون” حيث لا سلاح فيها سوى السلاح الذي تمتلكه الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية وحدها دون شريك.

يمكن رسم صورة المرحلة من خلال تشبيهها بالسماء التي تتجمّع فيها الغيوم قبل هبوب العاصفة. فكما أن موضوع نزع سلاح حركة “ح” أساسي لإطلاق المرحلة الثانية من صفقة وقف الحرب في غزة، فإن نزع سلاح “الحزب” في لبنان أساسي لاستكمال تطبيق كل مندرجات اتفاق “وقف الأعمال العدائية” الذي وقعته الدولة اللبنانية في تشرين الثاني ٢٠٢٤، بناءً على طلب “الحزب”. وعندما نتحدث عن مندرجات الاتفاق فإننا نعني بذلك تطبيق القرارات الثلاثة الرئيسية ذات الصلة بالوضع اللبناني أي القرارات ١٧٠١ و١٦٨٠ وخصوصاً القرار ١٥٥٩ الذي ينص صراحة على حلّ كلّ الميليشيات على الأراضي اللبنانية. وبالطبع فإن “الحزب” في المقدمة.

إضافة إلى كل ما سبق، فإننا عندما نسمع كلام أحد المتحدثين البارزين المقرّبين جداً والمعتمدين من “الحزب”، الذي قال “إن أحد القادة البارزين في “الحزب” أخبرني بأن احتمال احتلال المقاومة للجليل لا يزال ضمن خطط المقاومة”، فإننا لا نرى مهرباً من نشوب حرب كبرى في المدى المنظور!