البيطار وغريتشوشكين أمام القضاء الأسبوع المقبل

البيطار وغريتشوشكين أمام القضاء الأسبوع المقبل

الكاتب: طوني كرم | المصدر: نداء الوطن
28 تشرين الأول 2025

لا يزال لبنان يترقب موقف السلطات البلغارية من طلبه استرداد مشغل سفينة “روسوس”، الروسي – القبرصي إيغور غريتشوشكين، التي نقلت نيترات الأمونيوم المتفجّر إلى مرفأ بيروت. ويتوقف على هذا الموقف تسريع ختم التحقيق في تفجير المرفأ، مع طرح القضاء اللبناني أيضًا خيارًا آخر، يتمثل في السماح للمحقق العدلي باستجواب غريتشوشكين على الأراضي البلغارية في حال تعذر تسليمه إلى بيروت، بعد توقيفه في صوفيا منذ الخامس من أيلول 2025، من دون أن يتلقى لبنان حتى تاريخه أي إشارة، سلبية كانت أو إيجابية.

يأتي هذا الترقب بعد أن أنجزت وزارتا العدل والخارجية جميع الخطوات المطلوبة منذ تلقي لبنان إخطارًا من السلطات البلغارية حول توقيف غريتشوشكين، استنادًا إلى النشرة الحمراء الصادرة عن الإنتربول بناءً على طلب لبناني عام 2020. وقد أرسل لبنان إلى صوفيا ملفًا قضائيًا متكاملًا يضم ملخّص الدعوى والأدلة والوقائع ودور الموقوف فيها، وهي المستندات نفسها التي استند إليها المحقق العدلي حينها القاضي فادي صوان حين أصدر مذكرة التوقيف بحقه وعممها عبر الإنتربول. كما استكمل لبنان الطلب بتقديم تطمينات رسمية طُلبت بموجب اتفاقية التعاون القضائي بين البلدين، مؤكدًا أن غريتشوشكين سيحظى بمحاكمة عادلة ولن يتعرض لعقوبة الإعدام، التي أوقف لبنان تنفيذها منذ سنوات رغم بقائها في النصوص.

ووفق معلومات “نداء الوطن”، فإن القضاء البلغاري بصدد تحديد موعد جلسة لاستجواب إيغور غريتشوشكين الأسبوع المقبل، تمهيدًا للبت في طلب استرداده، في حين أن البت في الاستنابة القضائية التي حولها المحقق العدلي عبر النيابة العامة التمييزية إلى بلغاريا لم يتم البت بها أيضًا أو ربما تم إرجاء الإجابة عليها وفق متابعين، إلى حين البت في طلب التسليم، والذي إن تم إيجابًا، تنتفي حاجة المحقق العدلي إلى استجواب غريتشوشكين في بلغاريا.

ومع مثول غريتشوشكين أمام محكمة صوفيا في 7 أيلول، قررت الأخيرة احتجازه لمدة أقصاها أربعون يومًا، وهي المهلة القانونية المخصصة لتقديم المستندات المبررة لطلب التسليم. ومع انتهاء هذه المهلة من دون صدور قرار بحقه، أوضح مصدر قضائي لـ “نداء الوطن” أن القانون البلغاري يجيز تمديد الاحتجاز طالما تقدمت الدولة الطالبة، أي لبنان، بطلب استرداد رسمي ضمن المهلة، ليُصار بعدها إلى دراسة الملف ضمن مهلة غير محددة زمنيًا.

وأكد المصدر القضائي أن لبنان تعامل بجدية مطلقة مع الملف لتفادي أي تأخير عبر القنوات الدبلوماسية، إذ كُلّفت المحامي العام التمييزي القاضي إميلي ميرنا كلاس بنقل ملف الاسترداد شخصيًا إلى صوفيا وتسليمه باليد، قبل أن تعود لاحقًا في زيارة ثانية، لتوضيح بعض النقاط التي أثارتها السلطات البلغارية. وتشير المعطيات إلى أن الجانب البلغاري يبدي تعاونًا دوليًا ملحوظًا لا بل مميزًا مع لبنان، ولم يصدر عنه أي مؤشرات سلبية حتى الساعة، فيما اختار الجانب اللبناني أن يتقدّم بطلب موازٍ لاستجواب غريتشوشكين على الأراضي البلغارية عبر القنوات الدبلوماسية، كخيار بديل يضمن استكمال التحقيق في حال تعذر التسليم.

ويرى متابعون أن هذا المسار يهدف إلى منع مزيد من استنزاف الوقت في تحقيقات تفجير مرفأ بيروت، وتمكين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار من إنهاء التحقيق تمهيدًا لإحالة الملف “شبه المنجز” إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها قبل صدور القرار الاتهامي وإحالته إلى المجلس العدلي.

وفي موازاة الجهود القضائية، يواجه القاضي البيطار استحقاقًا قضائيًا، يتمثل في مثوله للمرة الأولى الأسبوع المقبل أمام القاضي حبيب رزق الله في الدعوى المقامة ضده من النيابة العامة التمييزية منذ عام 2023، بجرم “انتحال صفة محقق عدلي واغتصاب السلطة”، وهي الدعوى التي كانت قد قُدمت خلال ولاية النائب العام التمييزي السابق غسان منيف عويدات وترافقت مع قرار منع سفر البيطار  وضمّ إليها عويدات حينها دعوى مشابهة تقدّم بها النائب علي حسن خليل وسلكت المسار نفسه لادعاء النيابة العامة التمييزية.

مصادر قانونية وصفت هذه الدعوى بأنها محاولة كيدية لعرقلة التحقيق، مشيرة إلى أن البيطار لم يسعَ إلى رفع قرار منعه من السفر، تاركًا الكلمة الفصل للقضاء للبت في الدعوى من أساسها. وتطرح أوساط قضائية تساؤلات حول المآل الذي ستسلكه القضية في ظل استئناف التعاون بين النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي منذ نيسان الماضي، وما إذا كان القاضي رزق الله سيكرّس الاجتهاد الذي اعتمد عليه البيطار لمواصلة عمله أو يقرّ بجرم انتحال الصفة، ما يعني نسف تحقيقات المرفأ منذ مطلع العام 2023.

وفي انتظار ما ستسفر عنه جلسة الاستماع إلى البيطار الأسبوع المقبل، تؤكد المصادر أنه ماضٍ في إنهاء التحقيقات وعدم التوقف عند الشكليات، وأنه سيتقدّم بطلب رفع قرار منعه من السفر “إذا اقتضت الحاجة” انتقاله إلى بلغاريا لاستجواب غريتشوشكين، وهذا ما لم يفعله حتى تاريخه.

ويبقى الرهان الأساسي في لبنان على تجاوب السلطات البلغارية، إذ لم يتلقّ لبنان حتى الآن أي رد رسمي على طلبَي الاسترداد أو الاستجواب. وفي هذا السياق، يستعد وفد من أهالي ضحايا تفجير المرفأ للقاء وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي اليوم، طالبين منه تفعيل الاتصالات مع صوفيا لتسريع الإجراءات وضمان تسليم غريتشوشكين ومحاكمته إن ثبت ضلوعه في الشبكة التي تسببت بتفجير الرابع من آب 2020.