تحضيراً للحملة الانتخابيّة: التيّار يحرّك ملفات ماليّة شائكة

تحضيراً للحملة الانتخابيّة: التيّار يحرّك ملفات ماليّة شائكة

المصدر: المدن
1 تشرين الثاني 2025

على مسافة أشهر من الموعد المُفترض للانتخابات النيابيّة، باشر التيّار الوطني الحرّ تحريك بعض الملفّات الماليّة الشائكة والإشكاليّة، في محاولة لإحراج خصومه الانتخابيين المشاركين في الحكومة، ومُستغلًا عدم تحمّله مسؤوليّة المعالجات القائمة. وفي هذا السياق بالذات، وجّه نوّاب التيّار ثلاثة أسئلة في شكلٍ متزامن للحكومة، مع التلويح بتحويلها إلى استجوابات في حال عدم الحصول على أجوبة مقنعة.

ومن الواضح أنّ هذا المسعى يتكامل مع الملامح العامّة لحملة التيّار المقبلة، التي بدأت تتّضح في شكلٍ تدريجي. إذ يتّجه التيّار إلى ترشيح المحامي وديع عقل عن المقعد الماروني في قضاء جبيل، وهو المحامي المعروف بمتابعته بعض الملفّات المصرفيّة بالتنسيق مع القاضية غادة عون. وبدأ عقل منذ الآن جولة من المحاضرات التي ينظّمها التيّار في المنطقة، مع تركيز كبير على القضايا المرتبطة بحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.

“المدن” تفنّد مضمون الأسئلة الثلاثة التي وجّهها نوّاب التيّار للحكومة، مع خلفية القضايا التي تحاول هذه الأسئلة إثارتها.

 

قضيّة الـ 16.5 مليار دولار

يشير السؤال الموجّه من قبل نوّاب التيّار إلى أنّ مصرف لبنان لحظ في العام 2023 في ميزانيّته ديناً جديداً مُستحقاً لمصلحته بذمّة الدولة اللبنانيّة. ويسأل النوّاب وزارة الماليّة عن موقفها من هذا الزعم، خصوصاً بوجود معلومات متداولة عن عدم اعتراف الوزارة بهذا الدين. ويسأل النوّاب عمّا إذا هذا الدين “هندسة حسابيّة جديدة” في مصرف لبنان، وعن مدى “أحقيّة هذا الدين إن وجد”، معتبرين أنّه من حقّ النوّاب معرفة حقيقة أرقام الدولة اللبنانيّة الماليّة.

من الواضح أنّ السؤال الموجّه يحاول إحراج وزارة الماليّة، عبر دفعها لاتخاذ موقف علني من هذه القضيّة الشائكة، من دون أن يبادر طارحو السؤال إلى إبداء أيّ رأي أو ميل بخصوص هذه المسألة. ومن المعلوم أنّ هذه القضيّة باتت منذ العام 2023 موضوع خلاف بين وزارة الماليّة ومصرف لبنان، بعدما أضاف سلامة هذا الدين في ميزانيّة المصرف المركزي، مرتكزاً إلى إعادة نظر في عمليّات سابقة حصلت في العام 2007.

وتجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الماليّة تتعامل بحذر شديد مع هذه القضيّة، تفادياً لأي مساءلة قانونيّة يمكن أن تتعرّض لها الدولة اللبنانيّة أمام حملة سندات اليوروبوند، في حال الاعتراف بديون جديدة لم تكن ملحوظة في إصدارات السندات قبل الأزمة. إذ يمكن أن يعتبر حملة السندات أن الدولة تحايلت بإخفاء هذه الديون، التي يزعم مصرف لبنان أنّها استحقّت على مراحل منذ العام 2007.

وتفادياً لأي سقطة قانونيّة، قامت وزارة الماليّة بتشكيل لجنة ثلاثيّة تضم ممثلين من الوزارة ومصرف لبنان وشركة تدقيق أجنبيّة، للبت بشأن قانونيّة هذا الدين. ولهذا السبب، يأتي سؤال نوّاب التيار في إطار محاولة حشر الوزارة، ودفعها لاتخاذ موقف من قضيّة حسّاسة لم تتم دراستها بشكلٍ وافٍ بعد.

 

أوبتيموم والـ 8 مليار دولار

طرح نوّاب التيّار سؤالاً حول العمولات التي حطّت في حساب الاستشارات في مصرف لبنان، والتي تم تحويلها إلى جهات غير معروفة بعد، وهي بقيمة 8 مليار دولار أميركي. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه العمولات نتجت عن 45 عمليّة قام بها المصرف، خلال حقبة رياض سلامة، مع شركة أوبتيموم، بموجب هندسات معيّنة، ما أنتج ربحاً لم تتضح هويّة المستفيدين منه.

ومن المعروف أنّ القضاء اللبناني كان قد أوقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمدّة تقارب السنة، بعدما تبيّن أنّ سلامة استفاد شخصياً من قرابة الـ 42 مليون دولار أميركي من هذه العمولات. إلا أنّ التحقيق لم يبيّن بعد الإطار الأوسع للمُخطّط الذي جرى، كما لم يبيّن وجهة سائر العمولات التي حققتها عمليّات “أوبتيموم”.

 

كفالة رياض سلامة

السؤال الثالث يرتبط بالكفالة التي سدّدها رياض سلامة نقداً، ليتمكّن من الخروج من سجنه، والتي تجاوزت قيمتها الـ 14 مليون دولار أميركي. إذ سأل النوّاب عن كيفيّة قبول كفالة بهذه الضخامة، قبل أن يُنجز القضاء التدقيق في مصدر هذه الأموال. كما سألوا عن كيفيّة إيداع هذه الأموال لإتمام إخلاء السبيل. وسأل النوّاب الحكومة عن الخطوات التي ستقوم بها وزارة العدل، لكشف هويّة الأشخاص الذين غطّوا هذه المخالفة، إذا كانت هناك أي مخالفة.

وبمعزل عن السؤال، كانت “المدن” قد كشفت في وقتٍ سابق عن تحقيقات قامت بها النيابة العامّة التمييزيّة لتبيان مصدر هذه الأموال. وكشفت المعلومات عن تورّط المصرفي مروان خير الدين في تأمين هذا المبلغ لمصلحة سلامة، حيث زعم خير الدين بأنّه أقرض الحاكم السابق الأموال مقابل رهونات على ثلاثة عقارات.