
لبنان يغرق في فوضى الازدحام المروري… واحتلّ المرتبة 15 عالميّاً
مع كل صباح، يبدأ اللبناني يومه متسلحًا بجدول مهامه، محاولًا الوصول في الوقت المحدد رغم ظروف الطريق غير المضمونة.
تنظيم الوقت هنا ليس مجرد ترتيب للأعمال، بل ضرورة للتعامل مع الزحمة المرورية المفاجئة والخانقة، التي أصبحت جزءًا من الروتين اليومي.
التحضير الجيد يتجاوز حساب مدة الرحلة أو المسافة، ليشمل دائمًا وقتًا إضافيًا لمواجهة الاختناقات المرورية، التي قد تزداد سوءًا في أوقات الذروة.
لبنان بين أكثر الدول ازدحامًا
لبنان، الذي شهد خلال السنوات الأخيرة أزمة مرور متفاقمة، أصبح من بين أكثر دول العالم ازدحامًا بالسيارات، حيث يحتل المرتبة الخامسة عشرة عالميًا من حيث الازدحام المروري وفق أحدث إحصاءات موقع Numbeo.
أسباب الفوضى المرورية
هذا التصنيف يعكس مشكلة أعمق من مجرد كثافة المركبات، فهو مؤشر على خلل بنيوي في منظومة النقل والبنية التحتية. فالفوضى المرورية ليست مجرد نتيجة للعدد المتزايد من السيارات، بل تنبع أساسًا من ضعف تطبيق قوانين السير، إذ تبقى المخالفات اليومية شائعة بلا رادع حقيقي، ويزيد تعطل إشارات المرور في معظم المناطق من صعوبة التنقل ويخلق فوضى مستمرة على الطرقات.
إضافة إلى ذلك، تعاني الطرقات من الحفر والتعديات العشوائية على المساحات المخصصة للمرور، ما يقلص قدرتها على استيعاب حركة السيارات ويزيد من حدة الاختناق، خصوصًا في المدن الكبرى مثل بيروت. الطرقات الحالية لم تواكب النمو السريع في أعداد السيارات خلال العقد الأخير، بينما يظل غياب وسائل النقل العام شبه الكامل عاملًا إضافيًا يزيد الضغط على الشبكة المرورية، في وقت كان من شأن الحافلات والقطارات الحديثة أن تخفف هذا العبء بشكل كبير.
تداعيات الازدحام على الحياة اليومية
الأزمة المرورية تنتج عنها مجموعة من النتائج المباشرة التي تؤثر على حياة المواطنين بشكل يومي، أبرزها: فقدان الوقت وزيادة التوتر النفسي نتيجة التأخير، ارتفاع استهلاك الوقود وزيادة التكاليف، تلوث البيئة والانبعاثات الضارة، ارتفاع معدل حوادث السير، وتراجع جودة الحياة بسبب طول الوقت المهدور في الزحمة، ما يؤثر على النشاطات اليومية والأسرة والمجتمع بشكل عام.
من هنا، يصبح واضحًا أن الازدحام المروري في لبنان ليس مجرد مشكلة نقل أو حركة مرور، بل نتاج منظومة متكاملة من الفساد والإهمال وسوء التنظيم الإداري.
أزمة السير اليومية لم تعد مجرد إزعاج للمواطن، بل انعكاس لأبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية أوسع، تدعو إلى حلول جذرية تشمل إصلاح البنية التحتية، تطوير وسائل النقل العام، وتطبيق قوانين السير بصرامة لإنقاذ اللبنانيين من هذا الاختناق المستمر. فهل سنشهد قريبًا خططًا فعلية لمعالجة هذه الأزمة؟
