«ألما»: «الحزب» يعيد «مصنع» إنتاج الأسلحة إلى لبنان

«ألما»: «الحزب» يعيد «مصنع» إنتاج الأسلحة إلى لبنان

المصدر: الراي الكويتية
5 تشرين الثاني 2025

نشر مركز «ألما» للبحوث والدراسات الاسرائيلي تقريراً تحت عنوان «حزب الله – إنتاج الأسلحة بشكل مستقل، عقيدة هجينة في ضوء الحاجة الاستراتيجية»، أضاء فيه على تبدُّل مفهوم «بناء القوة» لدى الحزب وانتقاله من التهريب إلى «نقل المصنع الى لبنان».

وبحسب التقرير المفصّل فإنه «مع سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، خسر حزب الله جزءاً كبيراً من ممر التهريب من إيران، سواء عبر القوافل البرية من إيران عبر العراق ومن ثم إلى سوريا ولبنان، أو عبر التهريب الجوي عبر المطارات السورية. وفي لبنان نفسه، حظرت الحكومة الجديدة أيضاً على الطائرات الإيرانية الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، الأمر الذي أدى إلى إغلاق طريق إمداد مباشر آخر».

وإذ زعم التقرير أن «حزب الله يواصل تهريب الأسلحة عن طريق البر من خلال سوريا، فيما حاول إنشاء طرق إمداد بديلة»، أوضح أن «من المرجح أن تكون تلك الخطوط بحرية في المقام الأول وهي خاضعة لجهود المنع الإسرائيلية»، مضيئاً كذلك على التضييق الذي بات يُفرض على التهريب من الجانب السوري كما في ظل تشديد لبنان الرسمي الإجراءات على المرافئ البحرية كما في مطار رفيق الحريري الدولي.

وأضاف: «من هنا برزت الحاجة الاستراتيجية الواضحة وهي تحويل مركز الثقل من التهريب إلى التصنيع. فالوضع الجديد يتطلب من حزب الله إعادة المصنع إلى الوطن في لبنان، والفهم أن القدرة على إنتاج الأسلحة محلياً هي الضمانة الأساسية لمستقبله كقوة عسكرية مهمة وكوكيل لإيران».

ووفق التقرير فقد «أدى هذا الواقع الجديد إلى تحويل التصنيع المحلي للأسلحة من حاجة تكميلية لقدرات المنظمة إلى ضرورة إستراتيجية وجودية لمواصلة بناء القوة، على نحو يذكّر جزئياً بانتقال حماس في قطاع غزة إلى صناعة محلية لتصنيع الأسلحة بدعم إيراني، بعد أن أصبح التهريب أكثر صعوبة عبر ممر فيلادلفيا، لكنه استمرّ رغم كل ذلك».

وتابع: «في تقديرنا، يعمل حزب الله على تطوير استراتيجية عسكرية صناعية هجينة تجمع بين مبادئ التصنيع المحلي التي أظهرتها حماس، ولكنها تضيف جهوداً لإنتاج قدرات متطورة ودقيقة عالية المستوى (صواريخ دقيقة، وطائرات من دون طيار متقدمة، وصواريخ مضادة للدبابات)، بدعم من المعرفة التكنولوجية الإيرانية المتقدمة».

وأكمل: «رغم أن هذه الجهود ليست جديدة، فإننا نعتقد أنه نظراً لوضع حزب الله المعزول إقليمياً، فإنه سيلجأ إلى تصنيع الأسلحة محلياً على نطاق لم نشهده من قبل». وأردف: «كذلك، أنشأت حماس شبكة من الورش والمصانع المحلية، كثير منها تحت الأرض، قادرة على إنتاج مجموعة متنوعة من الأسلحة. أيضاً، طوّرت حماس قدرة منهجية لتحويل المواد ذات الاستخدام المزدوج، والتي تبدو مدنية، إلى احتياجات عسكرية».

وذكر التقرير أن «من الأمثلة البارزة على ذلك استخدام أنابيب المياه الفولاذية لإنتاج أجسام الصواريخ، والمركبات الكيميائية البسيطة، مثل السكر ونترات البوتاسيوم (سماد شائع)، المستخدمة في إنشاء وقود الصواريخ الصلب. مع هذا، فقد بُنيت صناعة الأسلحة في غزة بتمويل وتوجيه إيراني، وفي الواقع، بُني برنامج حماس التسليحي على الاقتصاد المدني».

ولفت التقرير إلى أنه «رغم أن حزب الله يتربع على قمة سلسلة وكلاء إيران، فإنه يستطيع أن ينظر إلى قطاع غزة ويستخلص الدروس ذات الصلة بالجوانب الموصوفة أعلاه في سياق إعادة تأهيل وبناء بنيته التحتية الإنتاجية بطريقة تسمح له بالصمود في وجه حملة جوية إسرائيلية مستدامة في المستقبل».

وتحت عنوان «عقيدة الانتشار الإيرانية: من مورد أسلحة إلى وسيط معرفة»، قال التقرير نفسه: «لن يكون انتقال حزب الله إلى الإنتاج الذاتي ممكناً دون تحول إستراتيجي موازٍ في عقيدة دعم إيران لوكلائها. ويبدو أن طهران قد انتقلت تدريجاً على مر السنين من كونها مورداً أساسياً حصرياً لأنظمة أسلحة كاملة إلى دور أكثر تطوراً كوسيط للمعرفة العسكرية الصناعية. وهذا التحول هو الممكّن الأساسي لنموذج الإنتاج المحلي، سواء لحماس أو حزب الله».

وأضاف: «يمكن تتبع تطور نموذج الدعم الإيراني. كان الدعم يتميز بنقل مباشر لأنظمة أسلحة جاهزة، بين عامي 2013 و2015، عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان. وقد تم إحباط معظم محاولات التهريب هذه. ففي عام 2016، بدأت إيران وحزب الله مشروعاً لتحويل الصواريخ الموجودة في مخازن حزب الله في لبنان إلى صواريخ دقيقة. وكجزء من هذه الخطة، أنتجت إيران صواريخ غير موجّهة في موقع في مجمع SERS في شمال غرب سوريا، وهرّبت مكونات الدقة بشكل منفصل إلى لبنان، حيث قامت فرق فنية بتحويل الصواريخ إلى أسلحة دقيقة في مواقع عبر لبنان، بما في ذلك في بيروت. وعندما فشل هذا البرنامج أيضاً في تحقيق النتائج المأمولة في طهران والضاحية، منذ عام 2019، أطلقت إيران وحزب الله برنامجاً طموحاً لتصنيع صواريخ دقيقة على الأراضي اللبنانية، بما في ذلك مواقع الإنتاج والتحويل (إلى صواريخ دقيقة). وأنتجت هذه المواقع محركات الصواريخ، والزعانف، وأنظمة الملاحة والتحكم، والرؤوس الحربية».

وتابع: «بالفعل في سبتمبر 2019، كشف الجيش الإسرائيلي عن موقع لتصنيع صواريخ دقيقة في بلدية نبي شيت في منطقة البقاع. ولعب الحرس الثوري الإيراني دورا حاسما في نقل المعرفة لهذه الجهود من خلال وحداته التكنولوجية، مثل الوحدة 340 على سبيل المثال، والفرقة 8000».

وأورد أن «التحول في العقيدة الإيرانية بدأ حتى قبل الحرب، وبالتالي هناك حاجة ماسة لمراقبة وتعطيل هذه الجهود في عصر ما بعد الحرب. إذ لا يساعد التصنيع المحلي حزب الله فقط في تقليل نقاط التعرض والتعطيل في عملية بناء قوته، بافتراض عدم اكتشاف المواقع، بل يمحو أيضاً بصمات إيران ويسمح لها بالحفاظ على الإنكار.ويقلل هذا النهج أيضاً بشكل كبير من التكلفة والتعقيد اللوجستي لإيران في دعم شبكة وكلائها».

وتحت عنوان «المركبات الجوية غير المأهولة (UAVs) والكوادكوبتر: تهديد السرب» أورد التقرير:

«الوحدة الجوية المخصصة لحزب الله، الوحدة 127، مسؤولة عن تطوير وإنتاج وتجميع مجموعة الطائرات من دون طيار المتنوعة للمنظمة. وكشفت الضربات الإسرائيلية على مرافق الوحدة 127 في حي الضاحية الجنوبية لبيروت وفي جنوب لبنان، في منطقة النبطية، عن مواقع إنتاج وتخزين لمئات بل آلاف الطائرات من دون طيار على الأراضي اللبنانية. الطموح الاستراتيجي لحزب الله، المستمدّ من «النموذج الروسي» في أوكرانيا، هو الانتقال من الضربات التكتيكية بطائرات بدون طيار فردية إلى إطلاق «أسراب» بكميات كبيرة، مصممة لمواجهة وإرهاق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية.و سيسعى حزب الله إلى إعادة تأهيل قدرة الإنتاج التسلسلي هذه على الأراضي اللبنانية وتحويل جهد الطائرات من دون طيار والكوادكوبتر إلى جهد ناجح كبير في الحملة المقبلة ضد إسرائيل».

وأضاف: «قدرة إنتاج أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات على الأراضي اللبنانية غير واضحة في الوقت الحالي. خلال عملية«مع الأسود»، هاجمت القوات الجوية موقعا في إيران لتصنيع صواريخ مضادة للدبابات مخصصة لحزب الله، وتم الإبلاغ عن تهريب مئات قاذفات الصواريخ المضادة للدبابات إلى حزب الله من إيران. وفي العملية نفسها، هاجم الجيش الإسرائيلي مصانع في منطقة طهران تنتج صواريخ ومحركات صواريخ ومكونات ملاحة للصواريخ، والتي تم إرسال منتجاتها إلى حزب الله في السنوات السابقة».

وتابع: «بالتوازي مع طموحاته التكنولوجية، قد يتبنى حزب الله الدرس من حماس في شأن الإنتاج الجماعي للصواريخ البسيطة وقذائف الهاون الثقيلة (كما بدأ حزب الله في فعله مع صاروخ «بركان»، الذي استخدمه بشكل متكرر خلال الحرب الأخيرة)».

وختم: «التهديد المستقبلي الذي يشكله حزب الله هو تركيب خطير لنموذجين. وفي تقييمنا، من ناحية، ستسعى المنظمة إلى تبني الصمود واللامركزية والقدرة على إنتاج كميات كبيرة من الذخائر البسيطة، كما أظهرت حماس. ومن ناحية أخرى، ستواصل تطوير ومحاولة إنتاج أنظمة أسلحة استراتيجية وموجَّهة بدقة وقادرة على تهديد البنية التحتية الحيوية لدولة إسرائيل. قد يكون مسرح هذه العقيدة العسكرية الصناعية الهجينة الأنفاق اللبنانية تحت الأرض، التي تشمل بالفعل أنفاق تهريب داخلية استراتيجية، وهي أكثر صلابة بكثير من الأنفاق في غزة. وإسرائيل، بالطبع، تستعد لاستمرار الصراع مع حزب الله دفاعياً وهجومياً، على نطاقات تتطلب تحليلاً في مقالة منفصلة. لكن في هذه المرحلة، السؤال المباشر هو إذا كانت الضربات اليومية في لبنان تُلحق الضرر بغالبية جهود حزب الله لبناء بنية تحتية إنتاجية محلية؟».