بعدما وفى ترامب بوعده لقطر …سوريا والسعودية على الطريق!؟

بعدما وفى ترامب بوعده لقطر …سوريا والسعودية على الطريق!؟

الكاتب: جورج شاهين | المصدر: الجمهورية
8 تشرين الثاني 2025

بعد افتتاح “مركز قيادة مشترك للدفاع الجوي” القطري – الأميركي في قاعدة “العديد” ينتظر المراقبون شكل الاتفاقيات السعودية والسورية الأميركية المشتركة. وهو امر يدعو الى انتظار القمتين السورية والسعودية – الأميركية في 11 و17 تشرين الثاني الجاري.

منذ تسلّمه مهمّاته مطلع السنة الجارية، يصرّ المراقبون على رصد مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من مجموعة الأزمات الدولية. فهو لم يترك أزمة إلّا وأجرى المقاربة التي تحاكي تطوراتها، سعياً إلى إنهاء النزاعات الدولية، قبل وبعد تسمية من نالت جائزة نوبل للسلام التي تمناها ولم يدركها. وعليه، فإنّ أي جردة بإنجازاته لا يمكنها أن تتجاهل نجاحه في وقف حرب غزة، في انتظار قدرته على تنفيذ تعهداته لكل من الدوحة والرياض ومعهما دمشق.

لم يخضع أي رئيس أميركي في كل إشارة او حركة او موقف يُقدم عليه، للرصد الدقيق، بمقدار ما تعرّض له ترامب منذ تسلّمه مهامه الرئاسية في 20 كانون الثاني الماضي خلفاً للرئيس السابق جو بايدن. ولذلك ما يبرّره على أكثر من مستوى، فهو وإن اعتبرت أنّه يمضي الدورة الرئاسية الثانية التي يستحقها أي رئيس أميركي – على رغم من استراحة السنوات الأربع التي ملأها خصمه اللدود بايدن – كان طبيعياً أن يكون ترامب تحت المجهر في الداخل والخارج، وهو صاحب الموقع الأول في إطلاق المفاجآت، من دون قدرة أحد على ترقّب قراراته او أي ردة فعل له تجاه أي حدث في العالم.
على هذه الخلفيات، يمكن القول إنّ الأشهر العشرة الأولى من سنة العهد الاولى له كانت حافلة بالمحطات المهمّة، سواء تلك التي ورثها عن سلفه، أو تلك التي أحدثها بقراراته المفاجئة، ولا سيما منها تلك التي لجأ إليها عن سابق تصور وتصميم، مؤكّداً انّه يرغب الحروب الجمركية خصوصاً والاقتصادية، بديلًا من الحروب التقليدية، التي تسخّر الولايات المتحدة الأميركية فيها أسلحتها التي تتفرّد بها، معتبراً انّ هناك حلولاً أخرى يمكن اللجوء إليها في مواجهة الأزمات الدولية التي انخرطت فيها بلاده مباشرة، او شكّلت قوة دعم كبيرة لأي طرف من أطرافها. ولكنه بمعزل عن إصراره على “الحروب الصامتة” البديلة من “قرقعة السلاح”، فإنّه اضطر مرّة أخرى إلى تزويد حلفائه إسرائيل وأوكرانيا بمزيد منها، بعد انتقاداته القاسية لسلفه، الذي خصّص عشرات المليارات لدعم أوكرانيا في المواجهة المفتوحة مع روسيا، وصدّ العدوان عليها بطريقة اقتربت فيها قيمة مساعداته العسكرية غير التقليدية في أشهر قليلة ما أنفقه سلفه في عامين تقريباً.
وعلى رغم من هذه المفارقات، فقد توقف المراقبون امام مسلسل التعهدات التي قطعها ترامب للأطراف المنخرطة في الحروب، ولا سيما منها في قطاع غزة، توطئة للانتقال إلى مرحلة اتفاق ثابت وشامل للنار، بغية رصد الجزء المتصل بقدرته على تنفيذ تعهداته الضامنة لأي اتفاق، قبل الانتقال إلى قياسها في حروب أخرى، سواء تلك الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، التي تناسلت وتوسعت على خلفية الحرب في قطاع غزة، كما في اوروبا الشرقية، بعدما طالت فصول الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بعد التجارب السريعة التي قادها ترامب لوقف الحرب بين الهند وباكستان، وما يجريه من تعديلات على مواقفه الحادة من الأزمة بين الصين وتايلاند، وما يجري في اميركا اللاتينية من مظاهر التدخّل المحتمل بالقوة العسكرية الحاسمة، إن شاء المضي في حربه على بعض الأنظمة على خلفية مواجهة تجارة المخدرات.
وبالعودة إلى تعهدات ترامب التي سبقت مشروع وقف الحرب في غزة وتلته، لا يمكن تجاهل الموقف الأميركي الحاد من الهجوم الإسرائيلي على وفد “حماس” في الدوحة، وما تسبب به من غضب أميركي مسّ بعلاقاتهم المميزة مع الإمارة. وهو ما ترجمه ترامب بانتزاع اعتذار نتنياهو كخطوة أولى من تعهّداته بحماية قطر، والتزامه الاتفاقيات السابقة المعقودة معها، قبل التوصل إلى الإعلان الأميركي – القطري المشترك عن افتتاح “مركز قيادة مشترك للدفاع الجوي” في قاعدة “العديد” الأميركية التي تستضيفها قطر منذ سنوات، رافقت مجموعة الحروب في الخليج العربي.
وعليه، فقد اعلنت وزارة الدفاع القطرية ومعها القيادة الأميركية الوسطى، عن افتتاح هذا المركز من أولى الخطوات الكبرى التي التزم بها ترامب تجاه قادتها، وهو ما ترجمه الاحتفال الذي حصل في 3 تشرين الثاني الجاري عن افتتاح هذا المركز المشترك، في حضور كل من رئيس أركان القوات المسلحة القطرية جاسم المناعي وقائد القيادة المركزية الأميركية تشارلز برادفورد كوبر.
وفي الوقت الذي لا يمكن لأي كان التشكيك في ما انتهت إليه المشاورات الأميركية ـ القطرية من إنجازات حصدتها الدوحة، للتعويض عن “الجريمة” الكبرى التي ارتكبها نتنياهو بغارته عليها بهدف اغتيال الوفد الفلسطيني المفاوض، والتي أحرجت القيادة الأميركية على مختلف مستوياتها القيادية والسياسية والعسكرية والديبلوماسية، لا يمكن تجاهل ما يقوم به ترامب وأركان قيادته لترميم العلاقات مع المملكة العربية السعودية، التي سبقت أن سلّفته مئات المليارات من الدولارات التي ستستثمرها في المشاريع الأميركية الكبرى الخاصة بالصناعات الثقيلة والذكاء الاصطناعي، وحجم الرساميل الموضوعة في البنوك الأميركية، عدا عن تلك التي انتقلت من الولايات المتحدة إلى المؤسسات السعودية الكبرى بالشراكة بين الدولتين، التي تمّ انشاؤها في الأراضي السعودية من ضمن خطة التنمية السعودية وفقاً لرؤية 2030 الجاري تنفيذها، والتي يُحتمل ان تمتد لتصل إلى رؤية 2040، على طريق التخلّي عن المصادر المالية المتأتية من الثروة النفطية ومشتقاتها فحسب، وتنويعها على المستوى الصناعي والزراعي والمشاريع السياحية والشركات العملاقة الكبرى المتخصصة في صناعة السيارات والآليات الكبرى والمفاعلات النووية السلمية الجاري تنفيذها في أكثر من موقع في مختلف أنحاء المملكة.
وإلى ان تظهر مفاعيل الورشة القائمة على طريق تعزيز العلاقات السعودية – الاميركية، تنتظر الأوساط العليمة القمة المرتقبة في 17 الجاري بين ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي، في وقت ستكون هناك فسحة للعلاقات السورية ـ الأميركية بوجوهها المختلفة السياسية والديبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، في الزيارة المقرّرة بعد غد الاثنين للرئيس السوري احمد الشرع إلى البيت الأبيض للقاء ترامب، في زيارة وصفت سلفاً بأنّها “تاريخية”، بعدما رفع مجلس الأمن اسمه عن لائحة العقوبات الدولية ومعه وزير داخليته، في الأيام القليلة الماضية، لتظهر معالم صورة العلاقات المقبلة وشكلها ومضمونها بين دمشق وواشنطن، بما لم تعرفه العاصمة السورية في العقود السابقة بأي وجه من وجوهها المتقدّمة من تاريخها.