
أميركا تتعهد عدم تشكيل “الحزب” تهديدًا للبنان والمنطقة .. هجمة مرتدة لسلام: القرار للدولة ولا كلام
أراد «حزب الله» أن يكون كتابه الأسود الأخير انقلابًا على مسار الأحداث، لكن الحكم على مدى يومين اعتبر الكتاب وكأنه لم يصدر. وبالتالي، فإن موقف «الحزب» لن يغيّر من اتجاهات رياح الحكم في السير بالمفاوضات والمضي قدمًا في ثلاثية حصر السلاح وتثبيت معادلة استعادة الدولة قرار الحرب والسلم، إضافة إلى إجراء الانتخابات على قاعدة منح المغتربين حق الاقتراع لـ 128 نائبًا.
توازيا، تواصلت الاتصالات أمس لاحتواء أي تصعيد ممكن، ودخلت واشنطن على الخط لعدم توسيع رقعة الحرب، في حين هناك تخوف جدي داخل أروقة الدولة اللبنانية من نية إسرائيل توسيع الحرب خصوصًا أنها لم تبد أي إيجابية تجاه طرح رئيس الجمهورية جوزاف عون التفاوض.
من جهة ثانية، يغادر الرئيس عون الإثنين إلى بلغاريا في زيارة رسمية تستمر يومين، على أن ينصرف اليوم وغدًا إلى تركيز الاتصالات على المواضيع المهمة قبل سفره المرتقب.
سلام: كلام الحرب والسلم للحكومة فقط
من جهته، رد رئيس الحكومة نواف سلام على بيان «حزب الله» بالأمس قائلًا: «نحن قلنا إن الحكومة استردت قرار الحرب والسلم، ولا كلام لأحد في موضوع الحرب والسلم إلا للحكومة، ولا أعتقد بأن هناك موقفًا أوضح من هذا». وتحدث سلام على هامش مؤتمر «قمة لبنان للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي» أمس عن خطة حصر السلاح: «تقدمنا كثيرًا في شمال الليطاني، وفي مرحلة الأشهر الثلاثة الأولى حاولنا احتواء السلاح، أي منع كل أعمال نقل السلاح واستخدامه… ويسجل انتشار أكبر للجيش اللبناني مع إقامة حواجز أكثر في شمال الليطاني، ولكننا في بداية الطريق، والمهم أننا قلنا كلامًا نعمل على تنفيذه، وهذا التنفيذ سيأخذ وقتًا».
خياران أمام «الحزب» لتسليم السلاح
إلى ذلك، قرأت أوساط سياسية عبر «نداء الوطن» أن رئيسي الجمهورية والحكومة تعاملا مع موقف «الحزب» بالتأكيد على مواقف الحكم من دون الرد عليه. وبدا الرئيس عون في تأكيده على مبدأ التفاوض وكأن كتاب «الحزب» الأسود لم يصدر، علمًا أن الأخير هدد الدولة وخوّن الرئيسين عون وسلام بالقول:
1- «إن ما ارتكب في 5 آب خطيئة ويخدم العدو».
2- قال «الحزب» لرئيس الجمهورية «الأمر لي في موضوع التفاوض وليس لك».
3- قال «الحزب» لرئيسي الجمهورية والحكومة أنا ماضٍ في أعمالي العسكرية كمقاومة بالرغم من كل القرارات الحكومية.
4- يقول «حزب الله» لإسرائيل أيضًا إن المواجهة معها مستمرة ولن يسلم السلاح؟
وسألت الأوساط نفسها: لماذا قال «الحزب» ما قاله؟ هل هناك مفاوضات ما جارية معه وهو يرفع سقفه لتحسين شروطه؟ وتضيف: «كأن «الحزب» يقول لإسرائيل في هذه اللحظة إنه إذا كانت هناك من تحولات فيجب الحوار معه، كما إن قرار تسليم السلاح والتفاوض والمواجهة عنده وليس عند الدولة».
وخلصت الأوساط إلى القول: «إن «حزب الله» يسيء التقدير كما أساء التقدير في حرب الإسناد وفي عدم الخروج منها، وذلك من خلال بيانه الأخير والذي سيدفع إسرائيل إلى مزيد من رفع منسوب المواجهة لأنها ليست في وارد التفاوض مع «الحزب» ولن تترك له أية مساحة، كما إنها لن تعود إلى قواعد الاشتباك معه. وبات «حزب الله» أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الدخول في مواجهة يستسلم بنتيجتها، وإما أن يعلن بالفم الملآن انتهاء مشروعه المسلح على غرار ما قامت به حركة «حماس».
«الحزب» ورفض التفاوض
في المقابل، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله: «بلغت الوقاحة عند المهرولين حدًّا خارجًا عن كل الحسابات الوطنية عندما يستنكرون رفضنا التفاوض السياسي مع العدو الخارج عن أي إجماع أو مصلحة وطنية وهل يتوقع أحد في لبنان أننا سنقبل معه أي استسلام للعدو».
واشنطن ستمنع «الحزب» من تهديد لبنان
في غضون ذلك، وبعد فرض الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على شبكة تدعم «حزب الله» ماليًا، أكدت السفارة الأميركية في بيروت أن الولايات المتحدة ستمنع «حزب الله» من تهديد لبنان والمنطقة. وشددت السفارة في تعليق مقتضب نشر على حسابها عبر «إكس» أمس مرفق بقرار وزارة الخارجية حول فرض عقوبات جديدة على «الحزب»، على أن «أميركا ستواصل استخدام كل أداة متاحة لضمان عدم تشكيل هذه الجماعة الإرهابية تهديدًا للشعب اللبناني أو المنطقة على نطاق أوسع».
كرة الانتخابات في ملعب بري
وفي انتظار قرار رئيس مجلس النواب نبيه بري في شأن إحالة الحكومة أول من أمس مشروع قانون بصيغة تعليق المادة 112 من قانون الانتخاب التي خصّصت ستة مقاعد للمغتربين، قالت مصادر نيابية بارزة لـ «نداء الوطن» إن الرئيس بري «أصبح في «بوز المدفع». فالمشكلة أصبحت عنده وبات اليوم داخليًا وخارجيًا في موقع المعرقل الذي لا يريد تصويت المغتربين مخالفًا الدستور بعدم وضع مشروع قانون الحكومة على جدول أعمال الهيئة العامة». وأكدت «أن المواجهة مع بري ستستمر وسيتم تحميله المسؤوليات انطلاقًا من أن الخلاف السياسي حق لكن مخالفة الدستور خطيئة».
الجنوب بعد يوم عاصفة الغارات
في الميدان، شهدت القرى الجنوبية هدوءًا ملحوظًا، واقتصر «النشاط» الإسرائيلي على قصف الأطراف الشرقية لبلدة شيحين في قضاء صور بعدد من القذائف، تزامنًا مع عمليات تمشيط كثيفة بالأسلحة الرشاشة استهدفت المنطقة.
وأعلن المتحدث باسم «اليونيفيل» داني غفري، أن «أكثر من 7,000 خرق جوي إسرائيلي و2,400 نشاط سُجّل شمال الخط الأزرق، ما يشكّل مصدر قلق بالغ». أضاف «تم إبلاغنا مسبقًا بالغارات التي نفذت (أول من أمس) لكننا لم نتلق أي إشعار يتعلق بإخلاء ثكنات تابعة للجيش اللبناني». وتابع: «لم نرصد أي نشاط جديد لـ «حزب الله» في منطقة عملياتنا».
في السياق، دعا الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى وقف انتهاكاتها للقرار 1701 واتفاق وقف النار كما دعا كل الفاعلين في لبنان وبخاصة «حزب الله» إلى التحفظ عن أي عمل يؤجج الوضع.
ودعت الخارجية الفرنسية في حديث لقناة «العربية» إلى انسحاب إسرائيل من النقاط الـ 5 في لبنان. ودانت «كل الضربات الإسرائيلية التي توقع ضحايا مدنيين جنوبي لبنان». وأشارت إلى أن «تجريد «حزب الله» من السلاح هو مهمة القوات المسلحة اللبنانية» وهو أمر صعب يتطلب جهدًا يوميًا». وأعربت عن دعمها للجيش اللبناني في مهمة نزع السلاح، كما لخطة الحكومة اللبنانية لاستعادة السيادة في الجنوب.
