أسرار الغاز وحدود السياسة… ماذا يخفي البحر بين لبنان وسوريا؟

أسرار الغاز وحدود السياسة… ماذا يخفي البحر بين لبنان وسوريا؟

الكاتب: فدى مكداشي | المصدر: اندبندنت عربية
9 تشرين الثاني 2025

اتفاق الترسيم مع قبرص ثبت حقوق لبنان البحرية وصحح تأخراً قانونياً، فيما يبقى الترسيم مع سوريا رهناً بالحسابات السياسية والتداخل الجغرافي، مما يجعل الملف رهاناً سيادياً وجيوسياسياً للبنان في شرق المتوسط.

لم يكن البحر يوماً ساحة هادئة في تاريخ لبنان، فمنه جاءت الغزوات وإليه تتجه اليوم أطماع الغاز وحدود السياسة، وبعد أن أقفل لبنان ثغرة عام 2007 مع قبرص وأعاد تصويب خرائطه البحرية تحت سقف القانون الدولي، وجد نفسه أمام سؤال أكبر من الخرائط: هل يملك ترف الانتظار شمالاً؟

ترسيم الحدود مع سوريا لم يعد تفصيلاً جغرافياً بل أصبح امتحاناً سياسياً بامتياز، يختبر علاقة بلدين يربطهما أكثر مما يفصل بينهما، ويفضح حدود النفوذ الإقليمي والدولي في لحظة إعادة رسم لمعادلات شرق المتوسط، فبين بيروت ودمشق لا تزال المياه غامضة كالتاريخ بينهما: تعاون حيناً وحذر حيناً آخر وصمت طويل في الملفات التي تتطلب قرارات لا بيانات، فلبنان الذي استعجل اتفاقه مع قبرص ليحصن حقه ويمنع إسرائيل من التلاعب بالخطوط، يدرك أن الاستحقاق الأصعب ينتظره شمالاً، فهناك تمتزج الجغرافيا بالسياسة وتتحول كل نقطة بحرية إلى ورقة في لعبة الأمم، والترسيم مع سوريا ليس مجرد توقيع على خريطة بل محاولة لإعادة تعريف السيادة في بلد اعتاد أن تُرسم حدوده بمداد الآخرين.

“قانون البحار” الأساس الذي انطلق منه لبنان

يؤكد مطلعون على مسار المفاوضات في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص أن “الاتفاق الذي أقره مجلس الوزراء أخيراً يمثل خطوة تقنية دقيقة، استند بالكامل إلى أحكام ‘القانون الدولي للبحار’ من دون أي تنازل عن الحقوق اللبنانية”، وأن ما أُثير في الإعلام من انتقادات لم يعكس وجهة نظر الدولة اللبنانية ولا حقيقة المسار القانوني الذي استند إليه الموقف الرسمي، وقد فضلت الجهات المعنية عدم الرد إعلامياً حرصاً على دقة الملف، ولأن الترسيم مسألة تقنية لا سياسية، تعالج بالحجج والخرائط لا بالشعارات.

وقد اعتمدت الدولة اللبنانية تقنية خط الوسط لترسيم الحدود البحرية، وهي القاعدة التي يعتمدها القانون الدولي لتحديد المناطق الاقتصادية الخالصة بين الدول ذات السواحل المتقابلة، وهنا يقول مصدر قانوني تابع هذا الملف إن “الخط الذي يبدأ من النقطة 23 جنوباً وصولاً إلى النقطة 7 شمالاً يعتبر تطبيقاً صريحاً لهذا المبدأ، ولم يتبين وجود أي ظروف خاصة تبرر الانحراف عنه”.

التسرع المزعوم: تصحيح تأخر

ورداً على من تحدثوا عن تسرع في إقرار الاتفاق، قال المصدر إن “هذا توصيف غير دقيق لأن لبنان في الواقع تأخر كثيراً، فقبرص وقعت اتفاقاتها مع مصر عام 2003 ومع إسرائيل عام 2010، فيما بقي لبنان مجمداً حتى اليوم، وما حصل ليس استعجالاً بل تصحيح تأخر لأكثر من عقد”. ورداً على الادعاءات القائلة إن الشاطئ اللبناني أطول من الشاطئ القبرصي وبالتالي يحق للبنان الحصول على مساحة بحرية أوسع، أكد أن هذا الطرح “خاطئ من أساسه لأن طريقة احتساب طول الشواطئ التي استخدمت في بعض الدراسات الإعلامية غير مطابقة للمعيار القانوني”، موضحاً أن “القانون لا يحتسب طول الشواطئ على أساس توازيها بل على أساس تداخل امتداداتها الساحلية، وبناء على هذا المعيار يتبين أن الشاطئ القبرصي أطول من الشاطئ اللبناني”، فيما لبنان كان أعلن موقفه رسمياً وقبرص اعتمدت عليه لترسيم حدود بلوكاتها النفطية والغازية، وأطلقت دورة التراخيص بناء على الإعلان اللبناني، وبالتالي لا يمكن للبنان أن يناقض نفسه الآن، والإنجاز الحقيقي في الاتفاق الجديد هو سد الثغرة التي وجدت في اتفاق عام 2007، والتي سمحت لإسرائيل بالمطالبة بالخط (1) واقتطاع نحو 860 كيلومتراً مربعاً من المياه اللبنانية والترسيم الحالي مد خط الوسط حتى النقطة 23 جنوباً وإلى النقطة سبعة شمالاً، مما يعني أن لبنان أغلق كل منفذ كان يمكن أن يستغل ضده مستقبلاً”.

تثبيت الحقوق المائية

من جهته أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أكرم سريوي أن “استعجال لبنان في توقيع اتفاق ترسيم الحدود مع قبرص جاء لتثبيت حقوقه البحرية بعد بدء البلدين أعمال التنقيب، ولتفادي أية محاولة إسرائيلية للتراجع عن اتفاقها مع بيروت، وأكد أن تعديل المرسوم (6433) كان سيُضعف الموقف اللبناني ويمنح إسرائيل مبرراً قانونياً لإلغاء الاتفاق، وربما يؤدي إلى خسارة إضافية في المساحة البحرية، خصوصاً عند النقطة رقم (3)”، معتبراً أن “توقيع اتفاق الترسيم مع قبرص عام 2024 خطوة أساس لترسيخ حق لبنان في منطقته الاقتصادية وفق ‘اتفاق قانون البحار’ لعام 1982، ولتأمين الاستقرار اللازم لجذب الاستثمارات وتعزيز موقعه التفاوضي في قطاع الطاقة”.

وفي ما يتعلق بملف ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا أوضح سريوي أن “هذا الملف مطروح على الطاولة وقد جرى بحثه خلال اللقاءات التي عقدت بين المسؤولين في البلدين، ولبنان أبدى جاهزيته للبدء فوراً بعملية الترسيم البري والبحري، لكن الجانب السوري لم يستكمل بعد استعداداته للانطلاق في هذه العملية”، مشيراً إلى أن “توقيع الاتفاق البحري بين لبنان وقبرص يعكس جدية الدولة اللبنانية في تسريع ملف التنقيب عن الغاز، إذ إن اكتشاف الثروات البحرية والانطلاق فعلياً بعمليات الاستخراج سيشكلان نقطة تحول في تاريخ لبنان، تمهيداً للخروج من أزمته الاقتصادية الخانقة وفتح الباب أمام تدفق استثمارات أجنبية مهمة”.

تاريخ الترسيم بين لبنان وسوريا والعقبات الجيوسياسية

وعن ترسيم الفرنسيين الحدود بين لبنان وسوريا، أشار سريوي إلى أنهم “اعتمدوا على خطوط القنن كخطوط فاصلة للحدود اعتباراً من مفرق المياه، أي الخط الذي يجمع رؤوس التلال الموجودة على الحدود، وفي الشمال جرى اعتماد مجرى النهر الكبير الشمالي”، لافتاً إلى أن “خط الحدود بقي مبهماً ولم تنجح محاولات ترسيم الحدود على رغم تشكيل لجان مشتركة عدة منذ الانتداب وحتى بداية الحرب الأهلية، وذلك لأسباب سياسية وتقنية منها تداخل السكان وملكية الأراضي في نقاط عدة بين البلدين، إضافة إلى مسألة أساس وهي عدم رغبة النظام السابق في سوريا بالاعتراف باستقلال لبنان”.

وأشار سريوي إلى أن “القرارات الدولية (1680) و (1701) دعت سوريا إلى الاستجابة لطلب لبنان بترسيم الحدود البرية والبحرية، واليوم أعلنت السلطات السورية الجديدة استعدادها البدء بعملية الترسيم، ودعا المبعوث الأميركي توم باراك البلدين إلى البدء بترسيم الحدود بإشراف الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية”.

وأوضح أن “مسألة ترسيم الحدود، وعلى رغم حسن النويات المعلن، لا تزال تواجه عوائق عدة، فهي ليست مسألة تقنية بحتة بل تتعدى ذلك إلى أهداف جيوسياسية واقتصادية وتنازع نفوذ”، مضيفاً أن “ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا سيبقى عالقاً بسبب وجود الاحتلال الإسرائيلي والأطماع الإسرائيلية المستجدة بالسيطرة على تلك المنطقة وعلى مرتفعات جبل الشيخ”.

وعن وجود نقاط خلافية عدة على الحدود بسبب تداخل الأراضي والسكان، لفت إلى أن “النقطة الأهم هي الخلاف على الحدود البحرية، إذ رسم كل من لبنان وسوريا حدودهما البحرية من دون أي تنسيق أو حوار، ووفق الخرائط اللبنانية فإن الترسيم السوري يقضم من المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان مساحة تقدر بـ750 كيلومتراً مربعاً، وهي جزء من البلوكين (1) و(2) التابعين للبنان، والبلوك رقم (1) السوري، وبالتالي لن تقبل أية شركة بالتنقيب عن النفط في هذه البلوكات طالما أنها مناطق متنازع عليها”، لافتاً إلى أن “تقسيم البلوكات لا يعني بالضرورة وجود ثروات نفطية، ولا يمكن التأكد من ذلك قبل انتهاء عمليات التنقيب، كما أن لا شيء يمنع ظهور بعض الحقول المشتركة بين الدول المتجاورة حتى بعد الترسيم، لكن إتمام عمليات الترسيم سيسهل لاحقاً تحديد حصة كل طرف في حال وجود حقول مشتركة”.

الأساس القانوني للترسيم البحري

وأوضح سريوي أن “ترسيم الحدود البحرية في القانون الدولي ينطلق من ترسيم الحدود البرية التي تشكل مع خط الساحل الأساس لأية عملية ترسيم”، مضيفاً أن “سوريا رسمت خطاً باتجاه النقطة رقم (5) استناداً إلى مبدأ خطوط العرض، وهذا لا يستقيم مع القانون الدولي ولا مع الموقع الجغرافي للبنان وسوريا، إذ ينحرف خط الساحل عن خطوط الطول”، متابعاً أنه “وفق الرؤية اللبنانية المدعومة بقرائن مهمة في ‘قانون البحار’ فيجب أن تكون النقطة رقم (7) هي نقطة الحدود الثلاثية بين لبنان وسوريا وقبرص، ولا بد من الأخذ بالاعتبار ملكية الجزر، وبخاصة جزيرة الأرانب اللبنانية التي تجعل خط الحدود البحرية ينحرف شمالاً”.

تثبيت الاتفاق مع قبرص والنقطة الثلاثية (23–7)

عام 2011 رسم لبنان حدوده البحرية مع سوريا بموجب المرسوم (6433) الذي أصدرته حكومة فؤاد السنيورة آنذاك، وبموجب هذا المرسوم يبدأ الخط من منتصف نهر الكبير الجنوبي ويمتد غرباً باتجاه النقطة (7)، فيما الاتفاق اليوم مع قبرص اعتبر النقطة (7) نقطة ثلاثية قابلة للمراجعة عند التوصل إلى اتفاق نهائي مع سوريا، وهذا يعني أنه في حال توافق لبنان وسوريا مستقبلاً على خط مختلف عن خط عام 2011، سواء شمال النقطة (7) أو جنوبها، فسيعدل الخط البحري ليتوافق مع النقطة الجديدة وهذا ما قبل به الجانب القبرصي خطياً في اتفاق عام 2025، والنقطة الثلاثية تبقى معلقة لحين إنجاز الترسيم بين بيروت ودمشق.

وكان الجانب السوري قد أبدى اعتراضه عام 2014 على الترسيم اللبناني من طرف واحد، ووجه رسالة إلى الأمم المتحدة عبر فيها عن رفضه للإحداثيات اللبنانية للحدود الشمالية البحرية التي لا تعكس الموقف السوري الرسمي.

الوضع السوري والامتياز الروسي والتداخل المحتمل

الجانب السوري بدوره لم يرسم بعد حدوده البحرية رسمياً، لا مع لبنان ولا مع أي من الدول المجاورة، سواء قبرص أو تركيا، ودمشق حتى الآن لم تمض بأي اتفاق ترسيم بحري رسمي”، وعلى رغم غياب الترسيم الرسمي لكن الأخيرة منحت عام 2021 امتيازاً للتنقيب في أحد البلوكات البحرية لشركة روسية، وهو البلوك الذي تمتد حدوده الجنوبية داخل المنطقة البحرية اللبنانية”، وهذا الواقع يعني عملياً أنه إذا اعتمدت سوريا مستقبلاً الخط الحدودي نفس الذي رسمته لتلزيم ذلك البلوك، فسيكون هناك تداخل واضح بين المياه اللبنانية والسورية يقدر بنحو 900 إلى 1000 كيلومتر مربع. وحل هذا الإشكال لا يمكن أن يحصل إلا عبر التفاوض المباشر للتوصل إلى خط مشترك منصف للطرفين، أو الاتفاق على الذهاب إلى التحكيم أو القضاء الدولي، سواء في محكمة العدل الدولية أو المحكمة الدولية لقانون البحار، هذا إن لم يرسم كل طرف حدوده مع جانب واحد وتطابق الخطان مع بعضهما بعضاً، فتعتمد الحدود تلقائياً بعد إيداع الإحداثيات لدى الأمم المتحدة.

مصدر أمني شارك في مفاوضات لبنان لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل عام 2022، فضل عدم الكشف عن اسمه، قال إن “لبنان وقبرص اختارا الطريق الثاني، فجلس الطرفان إلى طاولة المفاوضات وتوصلا إلى اتفاق ترسيم متكامل، أما مع سوريا فلا يزال الأمر في بدايته، إذ لم تصدر بعد أية مبادرة أو موافقة سياسية من الجانبين لبدء المفاوضات”، مشيراً إلى أنه “عندما يتخذ القرار السياسي لعقد المفاوضات بين بيروت ودمشق فعندها سيبدأ البحث في الخط الذي أودعه لبنان الأمم المتحدة عام 2011، وفي الخط الذي قد تعتمده سوريا مستقبلاً”، لافتاً إلى أنه “وبناء على هذا التفاوض فيمكن التوصل إلى صيغة عادلة ترضي الطرفين، ومن ثم يرسل الخط النهائي المشترك إلى الأمم المتحدة لاعتماده رسمياً كحدود بحرية بين البلدين”.

المساحات المتنازع عليها بين لبنان وسوريا

وعن المساحات البحرية المتنازع عليها بين لبنان وسوريا، اعتبر أن “الخط الذي تعتمده سوريا في تصوراتها الأولية للترسيم يتداخل مع البلوكين (1) و(2) من المنطقة الاقتصادية اللبنانية، فيما المنطقة مقسمة إلى 10 بلوكات بحرية، وهي مناطق مائية افتراضية فوق سطح البحر تخصص للتنقيب عن النفط والغاز، والبلوكين الشماليين لم يلزما بعد لأية شركة، ولم تجر فيهما أية عمليات استكشاف أو مسوحات زلزالية، مما يعني عدم توافر تقديرات دقيقة حتى الآن حول حجم المخزون النفطي أو الغازي فيهما”.

وتابع أن “تقدير وجود الغاز أو النفط لا يمكن أن يبنى على التوقعات بل على نتائج الحفر الفعلي، فحتى في البلوك رقم (9) جنوباً، والذي كانت الدراسات الزلزالية تتوقع وجود الغاز فيه، تبين بعد أن قامت شركة ‘توتال’ بالحفر لأكثر من شهرين أن البئر فارغة تماماً”، موضحاً أن “الاحتمالات الجيولوجية في البحر اللبناني تبقى واعدة، خصوصاً أن الاكتشافات في المياه القبرصية والإسرائيلية والمصرية المجاورة أثبتت وجود مكامن غاز كبيرة، لكن التأكيد العلمي لا يتحقق إلا عبر الحفر الفعلي، ومن المرجح أن تكون لدينا موارد واعدة ولكن لا أحد يستطيع الجزم قبل أن نبدأ الاستكشاف”.

التواصل الرسمي المعلق بين بيروت ودمشق

حتى الساعة لا توجد قنوات تواصل غير معلنة بين بيروت ودمشق في ملف ترسيم الحدود البحرية، وقد زارت وفود سورية وزارة الخارجية اللبنانية في أوقات سابقة، وجرى التطرق خلالها إلى ملفات عدة من بينها الحدود البرية والبحرية، لكن النقاش بقي عامّاً ولم يترجم بعد بخطوات رسمية أو عملية، كما أن اللجان المشتركة المعنية بالترسيم لم تعين بعدُ ولم تُشكل لجان رسمية لبدء المفاوضات، على رغم وجود نية مبدئية لدى الطرفين للبحث في الملف، وتحتاج المسألة إلى تواصل مباشر بين وزارتي الخارجية في البلدين أو بين رئيسي الجمهورية في بيروت ودمشق، للاتفاق على تشكيل اللجان وبدء المفاوضات الرسمية.

وتؤكد التصريحات اللبنانية ان بيروت جاهزة فوراً لبدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع سوريا، فيما الكرة الآن في ملعب دمشق بانتظار قرار سياسي لإطلاق المسار.

الترسيم البحري مصلحة مشتركة

وعن عقبات عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، يؤكد المصدر الأمني نفسه أنه “لا يجب أن تعتبر قضية خلافية أو سياسية لأنها تصب في مصلحة الطرفين معاً”، موضحاً أن “التحديد الدقيق للحدود يمكّن كل دولة من معرفة نطاق بلوكاتها النفطية التي يمكن تلزيمها للشركات العالمية، ويضمن بيئة قانونية واضحة وآمنة للاستثمار”.

وتابع أن “الشركات الدولية الكبرى لا تدخل إلى مناطق متنازع عليها، لأنها لا يمكن أن تخاطر باستثمارات بملايين الدولارات في منطقة لم تحسم قانونياً بين دولتين”، مضيفاً أن “الترسيم الواضح يفتح الباب أمام الاستكشاف والتنقيب في البلوكات اللبنانية الشمالية، كما يتيح للسوريين فعل الأمر نفسه في مناطقهم، وبالتالي فإن المصلحة الاقتصادية قائمة للطرفين من دون استثناء”، مشيراً إلى أن “تجربة الجنوب اللبناني خير دليل، فشركات ‘توتال’ و’إيني’ و’قطر إنيرجي’ لم تبدأ عمليات الحفر في البلوك رقم (9) إلا بعد توقيع اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل عام 2022، والذي أزال النزاع عن المنطقة”.

وأضاف أن “الأمر ذاته حصل في البلوك رقم (8) الذي كان الإسرائيليون يستحوذون على 40 في المئة منه، لكن بعد المفاوضات استعاد لبنان كامل المساحة وأُعيد تلزيمه رسمياً لـ ‘توتال’ و’إيني’ و’قطر إنيرجي’، وأن ما جرى في الجنوب يمكن أن يتكرر في الشمال، فكلما رُفع النزاع عن أي بلوك زادت جاذبيته للاستثمار”، مؤكداً أن “البلوكين (1) و(2) في الشمال سيبقيان غير قابلين للتلزيم ما لم تحسم الحدود مع سوريا”.