ثغرةٌ لبنانية… مفتاح “الحزب” للتمويل!

ثغرةٌ لبنانية… مفتاح “الحزب” للتمويل!

الكاتب: سينتيا سركيس | المصدر: موقع mtv
13 تشرين الثاني 2025

فيما يتّجه العالم إلى المدفوعات الرقمية والانتقال إلى مرحلة قد يصبح فيها “الكاش” من الماضي، ها هو لبنان يحلّ في المرتبة الاولى عربيا والسابعة عالميا من حيث التعامل بالنقد خلال المعاملات اليومية، ولذلك بالطبع دلالاته السلبية اقتصاديا.

الإكثار من التعامل من خلال “النقد” يُعتبر في العادة إشارة واضحة إلى خلل في النظام الاقتصادي أو المالي، وانعداما للثقة بالقطاع المصرفي، وبالتالي فإن الدول التي تكثر من استخدام “الكاش” تكون متأخرة اقتصاديا، تماما كحال ميانمار وإثيوبيا وغامبيا، في حين تميل الدول المتقدمة إلى استخدام الدفع الرقمي مثل سويسرا وسنغافورة وهونغ كونغ والإمارات التي تتصدّر القائمة في مجال المدفوعات الرقمية، وهي تعتبر رائدة في مجال العملات المشفّرة والابتكارات فيها.
مما لا شكّ فيه أن تراجع الثقة بالنظام المصرفي اللبناني، خصوصًا بعد الإطباق على جنى العمر وتجميد أموال المودعين منذ عام 2019 وحتى يومنا هذا، دفع المواطنين إلى النأي بأنفسهم عن أي تعامل مصرفي، فبات “الكاش” هو الملك. إلا أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى ترسّبات اقتصادية متفرّعة ومتعدّدة غير صحّية للنظام المالي في البلاد، والذي يؤثر بالتأكيد سياسيا واجتماعيا.
إذ ان استخدام “الكاش” بكثرة يسهّل التهرّب الضريبي والتجارة غير الشرعية، لأنه يصعّب عمليّة تعقّب المعاملات النقدية أو مراقبتها من قبل السلطات المالية، كما أن ذلك يساعد على تسهيل إخفاء مصدر الاموال أو حجم الأرباح، الامر الذي يُضعف الرقابة المالية ومكافحة الفساد… فـ”الكاش” كما يُقال لا يتركُ أثرًا… ولا دليلا. وفي لبنان يساعد ما تقدّم في تعزيز التهريب والسوق السوداء، ويستفيد منه حزب الله، بحسب بعض التقارير الغربية.
فقد شدّد الوفد الاميركي الذي زار بيروت في الأيام الماضية، على ضرورة الشروع بإصلاحات مالية عاجلة، لوقف “اقتصاد الكاش” الذي يستفيد منه “حزب الله” لإعادة ترميم بنيته التحتية، مشيرا إلى ان ملايين الدولارات التي وصلت إلى “الحزب” في الفترة الأخيرة تمّت بطريقة غير شرعية ومن خلال الاستفادة من “اقتصاد الكاش”.
أضف إلى ما تقدّم، أن التحوّل نحو الدفع المباشر يحدّ من تطوّر الاقتصاد الرقمي ويُبقي مواطني البلاد في منأى عن التطور العالمي في هذا المجال، فيزيدُ من التقوقع الاقتصادي.

باختصار، الاقتصاد الذي لا يمكن تتبّعه، لا يمكن تطويره… والدائرة النقدية المغلقة التي نحن عالقون فيها تعقّد أكثر مهمّة الإصلاح المالي وتصعّب علينا التقدم بخطوات إلى الامام. والخروج من “جمهورية الكاش” يتطلّب أكثر من إجراءات تقنية… المطلوب أولا استعادة الثقة من خلال إصلاح جذري للنظام المصرفي ووضع خطة واضحة وعادلة تعيدُ أموال المودعين، وإلا فلن تعود الثقة أبدا؛ وسيبقى “الكاش” مرآة لعدم الاستقرار… وسبيلا لتعزيز “الدويلة” على حساب الدولة.