
بعد عام… مصالح إسرائيل و”الحزب” أم مصلحة لبنان؟
يقترب اتفاق وقف العمليات العسكرية بين “حزب الله” والعدو الإسرائيلي من طي عامه الأول، ليبقى حبرًا على ورق، من دون أن تدخل بنوده فعليًا حيّز التنفيذ على أرض الواقع.
فلا إسرائيل أوقفت هجماتها العدوانية أو تراجعت عن تحويل القرى المتاخمة لجبهتها الشمالية منطقة محروقة، ممنوع إعادة إعمارها وعودة أهلها إليها. ولا “الحزب” نفذ ما يتعلق به لجهة تسليم سلاحه وفكفكة دويلته والانخراط في الدولة كمكوِّن لبناني، وليس ذراعًا إيرانية، وفق بنود الاتفاق الذي سعى إليه بعد هزيمته وخسارته قادته ونخبة مقاتليه.
فالبنود التي نشرها “الحزب” عبر موقع المنار في حينه، ولم يلتزم بها، تدينه، وتحديدًا بشأن “الاعتراف بأن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 يدعو أيضًا إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن السابقة له، بما في ذلك نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان”.
أيضًا يتجاهل “الحزب” أن الاتفاق ينص على أن “الولايات المتحدة ستدفع لمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان من أجل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البرية”.
بالطبع، لا يلغي انتقاد “الحزب” وممارساته إدانة كل ما تقوم به إسرائيل التي بدورها تعتبر نفسها فوق العقاب والمساءلة، وتواصل التقدم في تحقيق نقاط تصب في مصلحة مشاريعها عبر الاغتيالات والضربات العدوانية التي لا توفر البشر والحجر.
لكن العدوان لا يلغي أن شلل التقدم في لبنان يساهم به “حزب الله” الواقف على أطلال نفوذه، والرافض للمراجعة النقدية لما أصابه بفعل “حرب الإسناد” الغبية التي شنها بحسابات واهية وباعتداد متضخم بقوته، وكأن ما يهمه هو الاحتفاظ بمنبره وبما تيسر من دولارات وأسلحة مهربة تعينه على البقاء بالحد الأدنى.
فالواضح أن الطرفين المدمنين الحروب والمواجهات الدموية، انقلبا على الاتفاق، ليواصلا تحقيق المزيد من متطلبات بنك أهدافهما، لا يشغل بالهما أنهما يعيقان أي قيامة مفترضة للبنان، حتى يستطيع الخروج من أزماته، ويتوجه لبناء دولة قادرة على النهوض بأعبائها وحلحلة عقد أزماتها.
وإذا كان مفهومًا ما يقوم به العدو الإسرائيلي لمنع هذه القيامة، فهو العدو الموصوف، ولا جدال بذلك، لا يمكن تجاهل ما يقوم به “حزب الله”، وتحديدًا عندما يعتبر تسليم سلاحه للدولة، “ذلًّا” لا يليق به، مستغلًا اصطياد إسرائيل شباب “الحزب” ليبرر تعنته، ومشددًا على “أننا في خطر وجودي حقيقي، من حقنا أن نقوم بأي شيء لحماية وجودنا… وأي ثمن يبقى أقلّ من ثمن الاستسلام”.
ربما يحتاج الحزب الإلهي إلى من يشرح له أن الذل هو التمسك بسلاح لا يحمي مقاتليه حتى، والانتماء إلى وطن أجدى من البقاء في حيّز التبعية لإيران… والتفاوض المرفوض بالمطلق قد يعطي لبنان أرضه ويحفظ حدوده الدولية ويصون سيادته… أم أن العِزة تتناقض مع السيادة؟
