
تفاصيل اختراق إسرائيلي لإيران على طريقة «البيجر»
• «الموساد» اعترض شحنة كاميرات مراقبة متجهة لطهران وزرع فيها فيروساً
• مكّن عملاء الجهاز من تتبع جميع التحركات داخل المؤسسات الحكومية الإيرانية
• من بين الأجهزة المخترقة وكالة الطاقة الذرية ووزارة الأمن وشرطة المرور
• ربط جميع كاميرات المراقبة ب «النهي عن المنكر» عمّق أثر الاختراق
توصلت «الجريدة» إلى معطيات حصرية تكشف أن إيران تعرضت، في الأيام الأولى من حربها مع إسرائيل في يونيو الماضي، لعملية اختراق إلكتروني واسعة تشبه إلى حد كبير عملية «البيجر» التي استهدفت «حزب الله» في لبنان، إذ استطاعت الاستخبارات الإسرائيلية اعتراض شحنة كاميرات مراقبة موجهة إلى طهران، وزرعت فيها فيروسات مكّنتها من التجسس على شبكات المراقبة ورصد التحركات داخل البلاد.
لكن المفارقة، وفق المعلومات التي حصلت عليها «الجريدة»، أن ثغرة داخلية إيرانية ساهمت في تعميق أثر الاختراق، بعدما قرر مجلس الشورى (البرلمان) الذي يهيمن عليه الأصوليون، ربط جميع كاميرات المراقبة في مؤسسات الدولة بمركز معلومات منظمة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» لتمكينها من متابعة النساء المخالفات لقانون الحجاب الإلزامي.
وفي تصريحات علنية، أكد رئيس منظمة الدفاع غير المتقارن الإيرانية العميد غلام رضا جلالي فراهاني، الأسبوع الماضي، أن منظمته قامت بفحص كاميرات مراقبة استوردتها إيران من الخارج منذ مدة، وتبين أنها كانت تحتوي على فيروس يقوم بإرسال المعلومات والصور إلى «جهاز استخبارات أجنبي عدو»، في إشارة إلى «الموساد الإسرائيلي».
وتجنب جلالي تأكيد ما إذا كان هدف استيراد هذه الكاميرات هو مراقبة التزام النساء بالحجاب من جانب «الأمر بالمعروف». وكشف تقرير تحت عنوان «بزشكيان ينال دعم خامنئي ضد النهي عن المنكر بعد تقارير عن اختراقات أمنية إسرائيلية كبيرة عبر المنظمة» نشرته «الجريدة» في 22 أكتوبر الماضي، أن إسرائيل تمكنت من اغتيال عشرات القياديين الإيرانيين خلال حرب ال 12 يوماً في يونيو الماضي من خلال اختراقات أمنية كبيرة عبر كاميرات هذه المنظمة.
ومن بين مؤسسات وأجهزة الحكومة التي كانت كاميراتها مرتبطة بمركز معلومات المنظمة وكالة الطاقة الذرية الإيرانية ووزارة الأمن وشرطة المرور، الأمر الذي سمح لجهاز الموساد الإسرائيلي بتتبع كبار الشخصيات الأمنية والعلماء النوويين.
وقال مصدر ل «الجريدة»، إنه بعد التحقيقات تبين أن من بين الشخصيات التي استطاعت إسرائيل الوصول إليها عبر كاميرات «الأمر بالمعروف» العميد أمير علي حاجي زادة قائد سلاح الجوفضائي في الحرس الثوري وعدد من العلماء النوويين الإيرانيين الذين قاموا بتغيير أماكن إقامتهم في بداية الحرب، لكن تم استهدافهم في الأماكن الجديدة التي نقلوا إليها.
وتُظهر الحادثة أوجه شبه واضحة مع عملية «البيجر» الإسرائيلية ضد «حزب الله» في لبنان، التي وقعت في سبتمبر 2024 وأسفرت عن تفجير مئات أجهزة النداء الآلي المزروعة ببرمجيات وأجهزة تجسّس تم تهريبها إلى لبنان عبر قنوات استيراد مدنية.
وتكشف الواقعتان عن أسلوب متطور من الحرب السيبرانية والاستخباراتية، يقوم على استغلال سلاسل التوريد والمعدات الإلكترونية المدنية لاختراق الأمن الداخلي، سواء عبر التجسس أو التخريب الموجّه عن بُعد. ويعكس ذلك التحول المتزايد في طبيعة الصراع الحديث، حيث ينتقل من الميدان العسكري التقليدي إلى الفضاء الإلكتروني والمعلوماتي، لتصبح الأجهزة المدنية نفسها جزءاً من أدوات المواجهة.
