مؤتمر «بيروت 1» استعداداً لـ «اليوم التالي»

مؤتمر «بيروت 1» استعداداً لـ «اليوم التالي»

المصدر: الراي الكويتية
18 تشرين الثاني 2025
– «حزب الله»: انتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني… تَنازُل

بين ضوضاء الحرب على لبنان التي «تُقرع طبولها» في إسرائيل بوصْفها باتت محكومةً بسؤال «متى» تقع وليس «هل»، و«الأضواء الكاشفة» التي يَضعها مؤتمر «بيروت 1» على «اليوم التالي» للإخماد النهائي لـ«ملعب النار»، مزيجٌ من «انفصامٍ» قد يبدو في ظاهره مؤشراً لـ«انفصالٍ عن الواقع» يعيشه المسؤولون في «بلاد الأرز»، ولكنه في عمقه يعبّر عن المرحلةِ المفصلية التي يمرّ بها الوطنُ الصغير في طريقه لخروج صار «مسألة وقت» من النفق المُظْلِم وآخِر حلقاته التي قد تكون… أخطرها.

ورغم الإشارات المُقْلِقة جداً من إسرائيل إلا أن «مسرح عمليات» الحرب الجديدة و«الأخيرة» مع «حزب الله» بات جاهزاً، وهو ما عبّر عنه تقرير صحيفة «معاريف» عن أن «الجيش الإسرائيلي يُدرك أنَّ جولة أخرى من القتال مع الحزب ليست قضية» إذا «بل» متى، معتبراً أن «الجيش اللبناني عاجز عن تنفيذ التزاماته بموجب اتفاق وقف النار ونزع سلاح الحزب الذي يحاول تكديس الأسلحة، بل بنى خط دفاعه الجديد شمال الليطاني»، فإنّ «ناقوس الخطر» العسكري لم يَحجب الأنظارَ عن مؤتمر «بيروت 1» الذي يُفتتح غدا برعاية وحضور الرئيس جوزف عون بحضور أكثر من 900 مشارك و150 مستثمراً من مختلف الدول.

ويشكّل هذا المؤتمر الذي يُعقد تحت عنوان «بيروت تنهض من جديد» منصةً تضيء على فرص المستقبل لـ «لبنان الجديد» «حقول الاستثمار» الممكنة ما أن تُكمّ أفواه المَدافع، ويكمل قطارُ الإصلاحات محطاته الماراثونية المتسلسلة، وينجح لبنان في استعادة مقومات «الدولة الطبيعية» وخصوصاً لجهة حصرية السلاح بيد الشرعية وفق معادلة «دولة واحدة، جيش واحد».

وعشية المؤتمر، ارتسمت بوضوحٍ معالم مسار«الخطوة مقابل خطوة» من الخارج، خصوصاً دول الخليج، وفي مقدمها السعودية، بإزاء لبنان وما تقوم به حكومته على صعيد مثلث الإصلاح المالي والهيكلي، والتقدم في سحب سلاح «حزب الله».

وليس عابراً أن تبادر السعودية قبل يوم من المؤتمر، إلى تفعيل مسار استعادة التبادل التجاري مع لبنان وتسريع اجتياز «الأمتار الأخيرة» مع رفْع الحظر عن الصادرات اللبنانية بعد نحو 4 أعوام من منْعها.

وإذ وصل إلى بيروت الموفد السعودي المكلف الملف اللبناني الأمير يزيد بن فرحان، الذي باشر عقد لقاءات -ومعه اللجنة الفنية السعودية المولجة متابعة آخر الإجراءات ما قبل إعلان رفع الحظر- بدءاً من رئيس الحكومة نواف سلام، فإن البارز أيضاً كان حرص الرياض على إيفاد مساعد وزير الاستثمار إبراهيم المبارك لترؤس وفد المملكة إلى مؤتمر بيروت 1 الذي تشارك فيه أيضاً وزيرة الدولة في وزارة الخارجية الإماراتية المعنية بالشؤون الثقافية نورة الكعبي إلى جانب وفود من الكويت وقطر وغيرها من الدول الخليجية والعربية والغربية.

وخلال استقباله «الوفد السعودي الزائر للبنان لمناقشة إجراءات استئناف الصادرات اللبنانيه للمملكة العربية السعودية» بمشاركة يزيد بن فرحان، طلب سلام «من كل الجهات المعنية العمل السريع لإنهاء اي عوائق لعودة هذا الرافد المهمّ لاقتصاد لبنان».

وأكد أن «هذا التحرك جاء استجابة لِما دار في لقاء الرئيس جوزف عون ولقائي مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية. فمواقف سموه والمملكة في دعم لبنان واستقراره يشهد لها الجميع. فلهم منّا كل التقدير والشكر ودوام المحبة».

وإذ تحدثت تقارير صحافية عن أن البحث تناول أيضاً الإجراءات في مطار رفيق الحريري الدولي تمهيداً لاستئناف الخطوط الجوية السعودية رحلاتها إلى لبنان، أطلّ عون بدوره على العلاقات مع دول الخليج خلال استقباله وفداً رفيع المستوى من شركة «مورغان ستانلي» ضم 14 مستثمراً دولياً يزورون لبنان للمشاركة في المؤتمر وللاطلاع مباشرة على التطورات الاقتصادية والسياسية وفرص الاستثمار في المرحلة المقبلة.

وقد اعتبر أن «المشاركة الواسعة» دليل واضح «على عودة الثقة الدولية بلبنان وبالاستقرار النسبي الذي بدأ يتعزّز»، قبل أن يتوقف عند «العلاقات مع الدول الصديقة وفي مقدمها السعودية وفرنسا والولايات المتحدة».

وشدد عون على أن «لبنان ملتزم بوقف الأعمال العدائية وفق الاتفاقات المعلنة، فيما يعمل الجيش اللبناني على مراقبة الوضع ميدانياً والمحافظة على الهدوء». وأضاف «أن الدولة لا ترى أي مصلحة في التصعيد، وأن الأولوية تبقى لحماية المدنيين وتثبيت الاستقرار».

ولم يحرف الاحتضانُ السعودي – الخليجي المتجدد لبنان، الأنظار عن «اليوم الأميركي» في بيروت لمناسبة تقديم ميشال عيسى أوراق اعتماده.

وقد بدأ السفير الأميركي اللبناني الأصل، يومه الطويل متنقلاً بين الخارجية، والقصر الجمهوري، ثم مقرّ رئيس البرلمان نبيه بري والسرايا الحكومية حيث كان لقاءان تَعارُفيان، بعد تقديم أوراق اعتماده.

وكان لافتاً ما كتبتْه السفارةُ الأميركية عن لقاءاته، وكان أطولها مع بري (استمر زهاء نصف ساعة) الذي نُقل عنه وصفه الاجتماع بأنه «كان جيداً وصريحاً»، إذ نشرت عن الاجتماع مع عون: «تشرّف السفير الأميركي لدى الجمهورية اللبنانية بتقديم أوراق اعتماده إلى الرئيس جوزف عون، وتأكيد دعم الولايات المتحدة للبنان سيّد، آمن، ومزدهر».

ونشرت عن اللقاء مع بري أن عيسى أكد خلاله «دعم الولايات المتحدة لسيادة لبنان، وسلامه، وازدهاره»، قبل أن تُعطي أول إشارة سياسية في معرض ما كتبته عن لقاء السفير الجديد مع سلام إذ ذكرت أن عيسى «جدد تأكيد دعم الولايات المتحدة لحكومة لبنان في إعادة بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، لما فيه مصلحة جميع المواطنين».

ورحب عون بالسفير، متمنياً له التوفيق في مهامه «لاسيما أنه من أصل لبناني»، مشددا على «أهمية العلاقات بين لبنان والولايات المتحدة».

أما سلام فأهدى عيسى نسخةً من كتابه «لبنان بين الأمس والغد».

ولم يكن جفّ بعد حبر الترحيب الرسمي بالسفير الأميركي حين أطلّ الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم وعاجَلَ لبنان الرسمي والولايات المتحدة بوابل من«الهجمات» الناعمة والخشنة.

وإذ وصف الولايات المتحدة بأنها «المصيبة الكبرى» و«ليست وسيطاً بل هي المعتدي وراعية العدوان الإسرائيلي والتي توجّهه»، أخذ على الحكومة اللبنانية «خطة حصرية السلاح التي قررتموها، والتي عدّلتم فيها بعد أن وجدتم أنها خطر وخطأ كبير وخطيئة، ‏وبعدما أعلنت المقاومة والشعب اللبناني بأنه لا يقبل بهذا الاتجاه، ومع ذلك لم يتجاوبوا معكم بأي شيء».

وأضاف: «الانتشار الذي يحصل في جنوب نهر الليطاني (للجيش اللبناني) رغم العدوان المستمر هو تَنازُل. وإعلان الاستعداد للتفاوض هو تَنازُل. إقرار ‏مبادئ ورقة (الموفد الأميركي توم) براك المخزية هو تنازل.‏ كل هذه التنازلات ولم تنفذ إسرائيل أي خطوة، ولم يعط الأميركي أي ضمانة (…) وأنا أنصح بأن نتوقف. دعونا نقول لا، جرّبوا قول لا على أساس حقوق لبنان».

وتابع «قبل أيام، أُرسل وفد من الخزانة الأميركية هدفه أن يضيق مالياً على حزب الله. ولديه مشكلة مع القرض الحسن. فليعلم، القرض الحسن مؤسسة اجتماعية، هي لكل ‏الناس وهي رئة التنفس الاجتماعي في هذا الوضع الصعب لتيسير حياة عموم الناس والفقراء والمحتاجين. لا يملك أحد ‏سلطة منْع الخير والمساعدة والتكافل. ولا أحد يدخل بعدوان مجدَّد، لا أحد يكون أداة».‏

أضاف: «أنصح الحكومة وحاكم مصرف لبنان وكل المعنيين: أوقِفوا الإجراءات التي لا تضيق على حزب الله ولا ‏على جمهوره فقط، بل على كل اللبنانيين».