
خاص- السعودية ترعى تسوية لموضوع السلاح في لبنان
تتوّج زيارة وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لواشنطن نضوج الدور السعودي، الذي تحضّر له المملكة منذ سنوات، لتكون الرياض مركز القيادة الأقليمية في الشرق الأوسط. ويشكّل اللقاء بين الرئيس دونالد ترامب وبن سلمان، والذي أحيط بحفاوة بالغة، إعلاناً للمكانة التي تحتلّها السعودية، والتي تؤهّلها للعب الدور المحوري في حلّ المشاكل في المنطقة، ولأن تكون المركز للازدهار المرتقب، بعد انتهاء الحروب، والذي يتباهي الرئيس الأميركي بأنّه راعيه الأوّل.
ويمتدّ الدور السعودي الإقليمي إلى المجالين الاقتصادي والسياسي، في ظلّ ما تخطّط له الولايات المتّحدة من مرحلة استثمارات واسعة أوّلاً، وفي خضمّ الحروب والمشاكل التي تحتاج إلى حلول، من لبنان إلى غزّة وسوريا والملفّ الإيراني، وصولاً إلى مستقبل عملية السلام في المنطقة. ويبدو أنّ الرئيس ترامب أعطى وليّ العهد الضوء الأخضر لقيادة كلّ هذه المهامّ الصعبة، لاعتقاده أن لا بديل من الرياض في لعب هذا الدور المؤثّر.
في الاقتصاد والشراكة الاستثمارية مع واشنطن، جاء إعلان بن سلمان عن رفع قيمة الشراكات الاقتصادية بين البلدين إلى تريليون دولار، ليشكّل مفاجأة أكبر من المتوقّع ومن الحجم الذي اتُّفق عليه خلال زيارة ترامب للرياض في أيّار الماضي. وستركّز هذه الشراكات خصوصاً على قطاعي الذكاء الاصطناعي والطاقة. ويبدو أنّ الطرفين قد حلّا المسائل المتعلّقة بالأمن القومي حول نقل التكنولوجيا والبيانات والرقائق. كما تحتاج مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي إلى طاقة هائلة لتشغيلها.
أمّا في المجال العسكري، فكان الحدث في إعلان ترامب أنّه سيبيع الرياض طائرات من طراز أف 35، لتكون السعودية، في حال تمّت الصفقة، أوّل دولة عربية تحصل على هذا النوع من الطائرات، ما سيثير مشكلة الحفاظ على التفوّق العسكري لإسرائيل في المنطقة. وكان سبق لترامب في نهاية ولايته الأولى أن وقّع عقداً مع الإمارات لبيعها هذا النوع من الطائرات، لكن إدارة بايدن علّقت العمل به.
وتعني الصفقة مع السعودية أنّ واشنطن وافقت على نقل المزيد من المسؤولية الأمنية إلى شركاء إقليميين موثوقين، مع العلم بأنّ تسليم الطائرات، في حال لم تتعثّر الصفقة، سيستغرق سنوات. ولكن، ترى واشنطن أنّ الدور الأمني للسعودية سيكون إيجابيّاً في أمكنة عدّة، منها اليمن وكبح جماح الحوثيين الذين ما زالوا يشكّلون خطراً على الملاحة الدولية.
والدور الأهمّ للمملكة سيكون في موقعها إزاء التوصّل إلى حلول تتعلّق بالوضع في غزّة ولبنان وسوريا والاتّفاقات الإبراهيمية.
وهنا عرفت السعودية كيف تسخّر موقعها المهمّ للحصول على مقابل من الولايات المتّحدة، سواء في التكنولوجيا أو الأمن أو طبعاً الاقتصاد. ففي غزّة، يُنتظر منها أن تلعب دوراً أساسيّاً في عملية إعادة الإعمار. ولكنّها لن تنخرط في هذه العمليّة قبل التأكّد من أمور عدّة، أوّلها سحب سلاح حركة “حماس”، والحصول على تعهّد بمستقبل موثوق للفلسطينيين. وهذه الضمانات ربّما تفتح المجال أمام الانخراط في عملية التطبيع من جديد. ولملاقاة المطلب السعودي هذا، صوّت مجلس الأمن قبل أيّام على خطّة ترامب للسلام في غزّة، والتي تنصّ على نشر قوّة دوليّة وعلى مسار لدولة فلسطينية.
وكما ستضطلع الرياض بدور بارز في سوريا الجديدة. وهذا يبدو شديد الوضوح، إذ أعلن ترامب نفسه أنّه قرر رفع العقوبات عن دمشق بناء على طلب من وليّ العهد السعودي.
أمّا بالنسبة إلى لبنان، فهناك معلومات يتمّ تداولها عن دور للمملكة يتمّ العمل عليه، ويهدف إلى قيادة الحلّ، تماماً كما حصل عند إقرار اتّفاق الطائف. وتقوم الصيغة المطروحة على إيجاد مخرج لمعضلة السلاح، يجنّب لبنان ضربة إسرائيلية جديدة وقاسية. وحسب المعلومات، فإنّ إيران قد وُضعت في جوّ الصيغة التي تتمّ بلورتها. وتقوم على وساطة لدمج “الشيعة” أو “الحزب” في إطار الدولة، عبر تسوية سياسية تعتمد على تطبيق اتّفاق الطائف بكلّ ما يتضمّنه من نزع السلاح وإلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس الشيوخ. وثمّة من يرى أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي هو من يهندس الإخراج للوصول إلى هذه التسوية. ومن هنا تُفهم الزيارة غير العادية التي يقوم بها الوزير السابق علي حسن خليل لطهران، حيث يحاول أن يفهم موقف القيادة الإيرانية حول مستقبل “الحزب”، وضرورة تجنيب لبنان الحرب، والتشديد على أهمّية الدور السعودي، حيث هناك مقترح لعقد مؤتمر في بيروت ينبثق عنه الحلّ المتعلّق بمسألة السلاح وتنفيذ الطائف.
