ما علاقة الغارة على عين الحلوة بالهجمات المتصاعدة في الجنوب؟

ما علاقة الغارة على عين الحلوة بالهجمات المتصاعدة في الجنوب؟

الكاتب: ابراهيم بيرم | المصدر: النهار
21 تشرين الثاني 2025

لم تكن الضربة الإسرائيلية الأخيرة لمخيم عين الحلوة الأولى من نوعها، إذ سبق للطيران الحربي الإسرائيلي أن نفذ عملية اغتيال لقيادي عسكري في إغارة على بقعة في المخيم، وسرى لاحقا أنه ينتمي إلى جناح معارض في حركة “فتح”، لكنه بقي على صلة بالحركة الأم، وتهمته أنه ينظم عمليات تهريب للسلاح إلى الضفة الغربية.

والحال أن المسيّرات الإسرائيلية نفذت عمليات اغتيال لأكثر من قيادي في حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” إبان عبورهم في محيط المخيم.
لكن الضربة التي حصلت أخيرا كانت الأكثر دموية، إذ أدت وفق الحصيلة النهائية إلى سقوط 14 شخصا ونحو خمسين جريحا.

ذريعة إسرائيل لارتكاب هذا الفعل، كانت أن الهدف معسكر تدريب أعدته حركة “حماس” في إطار برنامج تعبئة وحشد لمقاتلين جدد سعيا إلى تعزيز قدراتها العسكرية، وسارعت الحركة إلى تقديم سردية مغايرة تماما، إذ أبلغ الناطق بلسانها جهاد طه أن المكان المستهدف هو “ملعب رياضي يرتاده أبناء المخيم لممارسة هوايتهم الرياضية، وبذا يكون الفعل الإسرائيلي استهدافا واضحا للمدنيين، وتكون تل أبيب قد ارتكبت جريمة حرب تتعارض مع القوانين الدولية”.

في الظاهر، تتلاقى ذريعة إسرائيل تماما مع ذريعتها الدائمة لتسويغ هجماتها المتواصلة على أهداف في الجنوب، والتي اتخذت كما هو معلوم في الأيام القليلة الماضية نهجا مماثلا لذاك الذي التزمته إبان مواجهات “حرب إسناد غزة”، حيث كان التركيز الإسرائيلي على الضغط على بيئة الحزب عبر إجبارها على النزوح.

هذا يعني من الوجهة العسكرية أن إسرائيل ولجت لتوها مرحلة تصعيدية مختلفة إلى حد ما عن أدائها العسكري في مرحلة ما بعد سريان اتفاق وقف النار، تقوم على إعادة بث مزيد من عناصر الترهيب في نفوس قاطني البلدات الجنوبية. والجديد في هذا المجال أن إسرائيل قد وسعت أخيرا النطاق الجغرافي لاستهدافاتها، من بلدات الحافة الأمامية وبلدات الخط الذي يليها، إلى بلدات تعدّ ساحلية، في تكرار لنهج اتبعته إبان المواجهات، والقائم على إنذار سكان مبنى أو مربع سكني بالإخلاء في مهلة زمنية محددة، قبل الشروع في التدمير بحجة أنهم يقطنون في محيط ينظم الحزب نشاطا فيه.
وبحسب بعض التقديرات، فإن المضي في هذا النهج سيفضي إلى إعدام فرص العيش والاستقرار في معظم الجنوب، أو بالحد الأدنى بقاء أبناء المنطقة في حال من القلق والاضطراب.

وهكذا يتضح أن إسرائيل تتحكم في توقيت ضرباتها من حيث النوعية أو لجهة الحجم، وتسارع إلى تنفيذها وفق مقتضيات الضغوط على لبنان.

وفي أوساط “حزب الله” من ينظر إلى الأمر بعمق أكبر عندما يقول “إن هذا النهج الإسرائيلي الجديد نسبيا، والذي أدخل أخيرا الفلسطينيين في لبنان تحت “خيمتها” ترجمة عملانية لتوجه أميركي، يفضي إلى الاستناجات الآتية:

– علينا أن نتوقع مزيدا من أشكال التصعيد الإسرائيلي.

– إن تشدد واشنطن على لبنان هو في إطار الطوق الذي تفرضه على المنطقة عموما، وهي بالتالي لن ترحم لبنان، على الرغم من أنها تعتبر أن ثمة فريقا تولى الحكم أخيرا قد نال بركتها لحظة عبر إلى سدة الحكم.

وإذا كان الضغط الإسرائيلي العسكري على الحزب وبيئته، والمدعوم بضغط أميركي سياسي متأخر على الحكم في لبنان، قد دخلا مرحلة تصعيد جديدة، فإن الإغارة الإسرائيلية على عين الحلوة تأتي في سياق الأهداف نفسها، إضافة إلى أن لها صلة بحسابات المشهد الفلسطيني المنهك والمتصدع أيضا من خلال تغذية النزاعات الحاكمة له وإبقاء قضية السلاح الفلسطيني في دائرة الضوء، فضلا عن أن هناك من يضيف إلى ذلك، فيعتبر الغارة على المخيم الأكبر جزءا من حرب إسرائيل المفتوحة على “حماس” منذ عملية “طوفان الأقصى” إلى اليوم.