
جلسة مجلس الوزراء بمستوى بلدي… الجيش يسحق الدويلة – فرع المخدرات
المشهد السياسي والأمني في لبنان يزداد ضبابية ويتجه نحو تصعيد مزدوج. ففي ظل توتر العلاقة بين بيروت وواشنطن، ومع احتمال أن تتخذ واشنطن خطوات تصعيدية إضافية بسبب سياسة المماطلة والتسويف، يبدو لبنان محاصرًا بين ضغوط دولية متزايدة ومخاطر أمنية متصاعدة على حدوده. وأمام الانسداد السياسي الحاصل، وبين الضعوط والمخاطر، برز أمس تهديد إسرائيلي وتحذير أممي وقلق فرنسي من انزلاق خطير للأحداث.
التهديد الإسرائيلي جاء على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أكّد أن إسرائيل لن تكتفي بالهجمات المحدودة على مواقع «حزب الله»، بل ستتجه نحو تصعيد أوسع يشمل موجات من الهجمات، تهدف إلى التأثير على «الحزب» وتهديد قدراته العسكرية. وأوضح نتنياهو أن التهديد الذي يمثله «حزب الله» على إسرائيل قد تغيّر تمامًا منذ 7 تشرين الأول الماضي، مشيرًا إلى أن الوضع الأمني شهد تحوّلات كبيرة في الأسابيع الأخيرة.
القلق الفرنسي ترجمه المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو، بالقول: إن «باريس قلقة في شأن تكثيف الهجمات الإسرائيلية في جنوب لبنان».
أما التحذير الأممي، فجاء خلال الإحاطة التي قدمتها المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس ‑ بلاسخارت، أمام مجلس الأمن، حيث شدّدت على أن الوقت أصبح حاسمًا، محذرة من استمرار لبنان في المماطلة بشأن الحوار وحصر السلاح بيد الدولة.
كباش وزاري
على الرغم من إعلان وزير الإعلام بول مرقص أن مجلس الوزراء الذي عقد جلسته في الأمس في بعبدا قد أقرّ مُعظم جدول أعمال الجلسة، إلا أن مصادر كشفت لـ «نداء الوطن» أن الجلسة كانت على غرار جلسة مجلس بلدي، حيث لم تناقش أي من المسائل السياسية، وعندما حاول بعض الوزراء إثارة موضوع ما جرى مع قائد الجيش رودولف هيكل على سبيل المثال، طوي الموضوع.
في المقابل، أثار وزير الصناعة جو عيسى الخوري التهديدات التي يتعرض لها عدد من المسؤولين، عندما يتخذون إجراءات جريئة تصب في مصلحة الدولة. فعل سبيل المثال، عندما منع وزير الأشغال والنقل فايز رسامني هبوط الطائرات الإيرانية لمصلحة لبنانية صرفة، تعرض لحملات ممنهجة، فلو حصل له وقتها أي مكروه من كان ليتحمل المسؤولية؟ كذلك عندما اتخذ وزير العدل عادل نصار بعض القرارات المهمة التي تصب في مصلحة الأطر القانونية للدولة اللبنانية لم ينج من الحملات. كما اتخذ حاكم مصرف لبنان كريم سعيد قرارات حتى لا يخرج لبنان من القطاع المصرفي العالمي، فإذا به يتلقى تهديدات مبطنة من مسؤولين وأيضًا على وسائل التواصل فمن يحميهم؟
وخلال الجلسة حصل كباش حول مقالع الترابة في كفرحزير وبدبهون، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة تضم وزارتي الصناعة والبيئة واتحاد بلديات الكورة، على أن تُقدّم اللجنة تقريرها إلى مجلس الوزراء خلال مهلة أقصاها 4 أسابيع.
وفي ما يتعلق بشركات الترابة المعنية، أبدت استعدادها للامتثال لكل الشروط البيئية اللازمة، بما في ذلك تركيب فلاتر للحد من التلوث. كما اتُفق على أن يكون لاتحاد البلديات مستشار مختص تتحمل الشركات تكاليفه لمراقبة عملية استصلاح المقالع وإعادة تجليلها وزراعتها، بما يضمن الحفاظ على الأثر البيئي ويحقق التزام الشركات بالمعايير المتفق عليها.
صمت الرئاسات الثلاث
في العودة إلى التهديدات التي تحاصر لبنان، وقدرة الدولة على ضبط المشهد الداخلي، توقفت جهات دبلوماسية غربية وعربية باهتمام أمام الصمت التام الذي التزمته الرئاسات اللبنانية الثلاث ووزير الخارجية عقب الاستهداف الإسرائيلي لأحد مقرات حركة «حماس» داخل مخيم عين الحلوة، معتبرة أن هذا الغياب المتعمّد حمل دلالات واضحة لدى المراقبين، أبرزها أن لبنان الرسمي تعمّد عدم منح أي غطاء سياسي أو معنوي للبؤر الأمنية داخل المخيمات الخارجة عن سلطة الدولة.
وتشير الأوساط الدبلوماسية نفسها إلى أن الرسالة التي وصلت إلى حركة «حماس» شديدة الوضوح، لا خيار أمامها سوى تسليم السلاح وضبط حضورها الأمني، لأن لبنان لن يتحوّل بديلًا لغزة، ولن يسمح بأن يصبح نسخة ثانية عن الضفة الغربية تحت وطأة السلاح المتفلت. وتؤكد المعطيات أن هذا الموقف غير المعلن تمّت قراءته إقليميًا ودوليًا كتحوّل مهم في مقاربة الدولة اللبنانية لملف المخيمات. وتكشف المصادر أن الصمت اللبناني الرسمي كان موضع تقدير لدى كثير من الدول العربية والغربية التي رأت فيه خطوة تعكس جدّية في منع توظيف الأراضي اللبنانية كساحة بديلة للصراعات، ورسالة بأن الدولة تتجه إلى إعادة ضبط القرار الأمني بعيدًا من الضغوط والمزايدات.
سقوط «بارون» المخدرات والسلاح
توازيًا، نجح الجيش اللبناني وفي هذا التوقيت الحساس، في تنفيذ واحدة من أدق عملياته الأمنية بتوقيف «بارون» المخدرات نوح زعيتر في كمين محكم داخل بلدة الكنيسة.
فقد استطاع الجيش أن يقتحم معادلة النفوذ هذه ويكسر إحدى أقوى حلقاتها، مثبتًا أن المشكلة في لبنان ليست في القدرة الأمنية بل في تمييع وتسويف القرار السياسي الذي يعطل قيام الدولة وفرض سيادتها بحجة الخشية على السلم الأهلي.
مصادر سياسية مطلعة علقت على توقيف زعيتر بالقول: «إن ما فعله الجيش في توقيف زعيتر لا يمكن قراءته كعملية أمنية ناجحة فحسب، بل كاختبار عملي لما تستطيع الدولة القيام به عندما يرفع الغطاء. في الأدبيات السياسية والأمنية، زعيتر كان واحدًا من أبرز رموز الاقتصاد الموازي الذي استفاد من البيئة التي ينشط فيها «حزب الله» ومع ذلك عندما حُسم القرار، سقط نوح بكمين عسكري نظيف».
تضيف المصادر: «تمامًا كما أمكن إسقاط واحد من أكثر المحصّنين شعبيًا وعشائريًا وأمنيًا، يمكن من حيث المبدأ تطبيق المقاربة نفسها على ملف السلاح غير الشرعي لـ «الحزب».
وتلفت المصادر إلى أن القبض على زعيتر حيًّا يفتح الباب أمام الحصول على معلومات تفصيلية حول الشبكات التي كان يشرف عليها والمتعاونين معه في الداخل والخارج. وتعتبر الجهات المعنية أن هذه العملية ليست سوى خطوة أولى في سلسلة متدحرجة ستطول كل الضالعين في هذا الملف.
الطريق إلى السعودية مشروط
إلى جانب ذلك، تتجه الدولة إلى تشديد غير مسبوق للرقابة على المعابر البرية والبحرية والجوية، سواء على المستوى التقني أو الأمني، بما يؤدي لاحقًا إلى استكمال الشروط المطلوبة لوضع قرار رفع الحظر عن الصادرات اللبنانية إلى السعودية موضع التنفيذ.
وفيما ساد اعتقاد واسع بأن القرار أصبح نافذًا فورًا، إلا أن المعطيات التي توافرت لـ «نداء الوطن» تشير إلى أن ما صدر هو قرار مبدئي يحتاج إلى استكمال إجراءات أساسية من الجانب اللبناني قبل وضعه موضع التنفيذ الفعلي. وفي هذا السياق، تبيّن أن فريق عمل الأمير يزيد بن فرحان، المكلّف متابعة الملف اللبناني، ناقش مع الجهات المعنية وفي طليعتها رئيس الحكومة نواف سلام سلسلة خطوات مطلوبة لضمان تطبيق القرار ضمن بيئة رقابية وأمنية موثوقة.
وتؤكد المعلومات بأن الشرط الجوهري الذي تم وضعه يتمثل في القضاء الكامل على بؤر المخدرات في لبنان، وبشكل خاص في منطقة البقاع التي تشكل مركزًا لنشاط الشبكات المرتبطة بتصنيع وتهريب الممنوعات. وتكشف المعطيات أن الحملة الأمنية الواسعة التي انطلقت خلال الأسابيع الماضية ستشهد تصعيدًا أكبر بهدف اجتثاث هذه الآفة وتفكيك الكارتيل المتشعب المرتبط بها.
انتهاء مهلة تسجيل المغتربين
في المقابل، يبقى ملف الانتخابات وتصويت المغتربين الاستحقاق الدستوري الأهم الذي من المتوقع أن يعيد ترتيب الأوراق ورسم التوازنات السياسية الداخلية. في الأمس انتهت المهلة المحددة لتسجيل المغتربين عبر المنصة الإلكترونية التابعة لوزارة الخارجية والمغتربين، وقد تخطى عدد الطلبات المسجلة 150 الفًا.
وكان وزير الخارجيّة والمغتربين يوسف رجّي قد أكد عبر الـmtv ضمن برنامج «صار الوقت» اهتمامه بالمغتربين وطمأنتهم وتمنى على الرئيس نبيه برّي أن يقرّ القانون الذي تقدّمنا به.
أضاف، «إذا كلّفني مجلس الوزراء بالتفاوض «فنحن حيث لا يجرؤ الآخرون» و»الخارجيّة رجعت لبنانيّة».
وفي هذا السياق، تمنى رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» الدكتور سمير جعجع، في خِلالِ لقائه وفدًا من مصلحة المهن القانونيّة في «القوّات» على الرئيس بري أن يكون قد استخلص العبر ممّا حَصَلَ في نقابة المحامين، وأن يدعو سريعًا إلى جلسةٍ تشريعيّةٍ يدرج فيها اقتراح القانون المقدَّم أصلًا من النوّاب لتعديل مادّةٍ واحدةٍ في قانون الانتخاب النافذ.
الذكرى 82 للاستقلال
وعشية الذكرى الثانية والثمانين للاستقلال، يوجّه رئيس الجمهورية جوزاف عون مساء اليوم رسالة إلى اللبنانيين يتناول فيها آخر التطورات وموقف لبنان منها، بعد أن عبّر في جلسة مجلس الوزراء في الأمس عن أمله بأن يحلّ عيد الاستقلال المقبل من دون أي شبرٍ محتلّ من الأراضي اللبنانية.
