
سقوط “بارون” المخدرات في لبنان: قرار أمني أم صفقة غامضة؟
التحقيقات المقبلة قد تكشف شبكات أوسع كانت تعمل تحت حماية طويلة الأمد
أعاد توقيف نوح زعيتر، أحد أبرز المطلوبين في قضايا المخدرات في لبنان، فتح ملف النفوذ الأمني والسياسي في البقاع، بعدما تمكن الجيش اللبناني من تنفيذ عملية دقيقة أسفرت عن اعتقاله من دون مقاومة. الحدث شكل تحولاً لافتاً، نظراً للمكانة التي مثلها زعيتر داخل شبكات التهريب والاقتصاد الموازي، وللغطاء الذي كان يحول دون توقيفه لسنوات.
لم يكن ملف المخدرات في لبنان يوماً مجرد ظاهرة محلية يضبطها الأمن أو تطاول صغار المروجين. فخلال العقدين الأخيرين، تحول لبنان فعلياً إلى منصة تصدير واسعة للمخدرات، خصوصاً “الكبتاغون”، بالشراكة الكاملة مع الشبكات السورية التي ازدهرت في ظل نفوذ النظام السابق وبتغطية أمنية وحدودية مشتركة.
ومع أن لبنان كان تاريخياً موطناً لزراعة الحشيش في البقاع شرقاً، فإن السنوات الـ 10 الأخيرة شهدت صعود منظومة جديدة: اقتصاد مخدرات عابر للحدود، يمتد من معامل الإنتاج في سوريا، إلى شبكات التعبئة في البقاع، مروراً بالمعابر غير الشرعية، وصولاً إلى مرفأ بيروت، ومنه إلى الخليج وأوروبا وشمال أفريقيا.
التقارير الدولية مصدلم تعد تتحدث عن “تجار” أو “مزارعين” بل عن اقتصاد منظم يدر مليارات الدولارات سنوياً. فقد ضبطت دول الخليج وأوروبا خلال عمليات أمنية في السنوات الماضية أكثر من 800 مليون حبة كبتاغون مصدرها سوريا ولبنان، وفق تقارير غربية، بقيمة تقديرية تراوحت بين 15 و20 مليار دولار ضمن فترة لا تتجاوز 10 سنوات، معظمها أتى من لبنان عبر الموانئ الرسمية وبأساليب مموهة ومعقدة.
ومن ضمن هذه العمليات الشحنة التي ضبطتها السعودية في أبريل (نيسان) عام 2021، وفيها 5.3 مليون حبة مخفية في بضائع آتية من لبنان، ما أدى إلى تعليق الصادرات والمنتجات الزراعية اللبنانية.
“غطاء رسمي”
هذه الأرقام لا تشير إلى “تهريب فردي”، بل إلى شبكة مترامية الأطراف يتداخل فيها الإنتاج السوري مع التوزيع اللبناني، في ظل حماية سياسية وأمنية واضحة، ودعم لوجيستي يسمح بحركة شاحنات كبيرة تعبر الحدود ليلاً ونهاراً، وتتجه إلى مرفأ بيروت، لتُشحن لاحقاً بحاويات صناعية وبحرية نحو الخارج. هذا النشاط الضخم ما كان ليترعرع لولا وجود “غطاء رسمي”.
وفي هذا السياق، جاء توقيف نوح زعيتر قبل ساعات في منطقة الكنيسة البقاعية، وهو يعد أحد أركان هذه المنظومة، ليشكل نقطة تحول، ليس فقط كإنجاز أمني، بل كإشارة سياسية إلى مرحلة جديدة تعيشها البلاد تحت ضغط خارجي غير مسبوق.
نوح أحمد زعيتر، الذي أصبح اسمه مرادفاً لاقتصاد المخدرات في البقاع، لم يكن يوماً مجرد “تاجر”، بل زعيم منظومة كاملة. حيث تحول إلى لاعب مركزي في شبكة تهريب تمتد من الزراعة إلى الإنتاج إلى التوزيع. ومع الحرب السورية، تضاعف نفوذه، بعدما تحولت سوريا إلى المصنع الأكبر للكبتاغون، بإدارة شبكات أمنية مرتبطة بشكل وثيق بالدائرة الضيقة حول عائلة الرئيس السابق بشار الأسد، وخصوصاً الفرقة الرابعة بقيادة شقيقه ماهر الأسد.
وقد أدرجت وزارة الخزانة الأميركية اسم نوح زعيتر على لائحة العقوبات عام 2023، لاتهامه بالارتباط بشبكات إنتاج الكبتاغون في سوريا، والتعاون مع أفراد من عائلة الأسد في تصنيع وتهريب المخدرات، وكذلك العمل كواجهة لعمليات تمويل النظام السوري بعملات صعبة، وتقديم خدمات لوجيستية في نقل بضائع ومقاتلين وسلاح بين لبنان وسوريا.
جسر حدودي
تكشف تقارير دولية متقاطعة أن “منظومة زعيتر” كانت تؤدي وظيفة مزدوجة: كمصدر تمويل نقدي لـ “حزب الله” عبر عمليات تهريب واسعة، ورافد مالي واقتصادي للنظام السوري الذي بنى جزءاً كبيراً من اقتصاد الظل على تجارة الكبتاغون.
وبسبب حجم النشاط الذي يديره، قدرت جهات أمنية أن شبكة زعيتر كانت تمتلك حصة وازنة من سوق التهريب، وأنها جزء من الثلاثي الأخطر الذي تولّى دور “الجسر الحدودي” بين مصانع سوريا وأسواق الخليج.
هذا النفوذ كان مغطى بحماية محلية، لنفوذ عشائري كبير، وميليشيات خاصة شكلها هو بنفسه وعُرفت باسم “لواء القلعة”، تضم عشرات المقاتلين المدججين بالسلاح، استخدمهم في حماية طرق التهريب، وفي فرض السيطرة على مناطق واسعة من البقاع الشمالي، وفي إبعاد الأجهزة الأمنية عن محيطه.
ظهوره العلني في فيديوهات يستعرض فيها السلاح والسيارات الرباعية الدفع لم يكن تعبيراً عن “جرأة شخصية” بقدر ما كان دليلاً على وجود شبكة أكبر من الدولة، تعمل وتربح وتتحرك بلا مساءلة، تحت حماية واضحة من “حزب الله” الذي يمسك زمام الأمور الأمنية والاقتصادية في تلك المناطق.
“حزب الله” بدوره لم يصدر أي موقف رسمي حتى الساعة حول توقيف نوح زعيتر، وكذلك لم يصدر عنه أي بيان في السنوات الماضية، يؤكد أو ينفي كل التقارير التي تحدث عن العلاقة التي جمعته بنوح زعيتر.
حماية الدولة
لفهم صعود نوح زعيتر وكيف أمكن لشبكات المخدرات أن تنمو من دون أن تُمسّ طوال سنوات، تشير مصادر ميدانية في البقاع إلى أن الجواب يتوزع على ثلاثة مستويات:
أولاً الحماية اللبنانية التي كانت الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا، إذ كانت هناك لسنوات طويلة منطقة نفوذ مشتركة بين قوى “ما فوق الدولة”، ما جعلها مساحة مثالية لمرور الشحنات. كما أن هناك مناطق لم تكن القوى الأمنية تجرؤ على دخولها من دون إذن سياسي أو تفاهمات مسبقة. هذا الواقع سمح بظهور عصابات قادرة على العمل بأمان، وبحجم يفوق قدرة أي جهاز أمني منفرد على ضبطه.
ثانياً الحماية السورية. فقد تحولت سوريا بعد عام 2013، رسمياً إلى مركز إنتاج الكبتاغون في الشرق الأوسط. وتشير تقارير غربية إلى أن الفرقة الرابعة كانت تشرف على عملية الإنتاج والتصدير بالتعاون مع رجال أعمال نافذين. وجود نوح زعيتر على الحدود، وفي مناطق نفوذ الحزب والنظام، جعل منه حلقة مثالية تربط ما بين المصنع السوري والموزع اللبناني.
ثالثاً الحماية الإقليمية – اللوجيستية. إذ إن الوصول إلى مرفأ بيروت لم يكن ليتحقق لولا وجود غطاء سياسي وإداري يسهل حركة الشحنات. فتهريب ملايين الحبوب يتطلب استخدام حاويات، معامل تغليف صناعية، تغطيات تجارية، وتسهيلات من موظفين كبار، أمنيين وإداريين، مسؤولين عن المرفأ والمرافق الحيوية.
لذلك، تعتبر تلك الأوساط أن نوح زعيتر لم يكن شخصاً واحداً، بل رأساً لشبكة سياسية – أمنية – اقتصادية سمحت بنمو اقتصاد مخدرات يقدر بعشرات المليارات من الدولارات خلال سنوات قليلة فقط.
التحول الإقليمي
ترى شخصيات سياسية أن تغير الرياح السياسية الإقليمية خلال السنتين الأخيرتين، وانعكاسها على لبنان عبر اشتداد الضغوط العربية والدولية وربط أي انفتاح اقتصادي أو عودة للعلاقات الطبيعية بوقف تهريب المخدرات وتفكيك مصانع الكبتاغون وضبط الحدود الشرقية، إضافة لإنهاء “اقتصاد الظل” الذي يمول “حزب الله”، كلها عوامل أسهمت في إطلاق حرب على المخدرات توجت بتوقيف نوح زعيتر.
وبدأت حسابات جديدة تُفرض على القوى السياسية في لبنان، التي باتت مضطرة للتخفيف من “عبء المخدرات” الذي يلاحقها دولياً، ويعرقل أية محاولة لعقد اتفاقات اقتصادية أو تفاوض مع الخارج.
ولعله من المفارقة أن الرجل الذي أفلت لعقود من كل محاولات التوقيف، سقط بلا طلقة واحدة، ومعه سقطت رواية الحماية “العشائرية” وحدها، ولم يبقَ إلا حقيقة أن الغطاء السياسي الذي كان يحظى به رُفع، والمطلوب أصبح متاحاً.
هل توقيفه صفقة للعفو العام؟
وبعيداً من كل ما تم تداوله حول توقيف زعيتر، بدأت تفوح في الساعات الماضية رائحة صفقة، على اعتبار أن التطور الأخير لا يمكن فصله عن الحديث المتزايد عن قانون عفو عام يجري بحثه في الكواليس. فالعفو العام في التوازنات اللبنانية يحتاج إلى توازن طائفي بين الجميع.
وفي التفاصيل فإن السنة في لبنان يريدون طي ملف الموقوفين الإسلاميين، المسيحيون بدورهم يريدون معالجة ملف 5 آلاف شخص من المبعدين إلى إسرائيل منذ عام 2000، أما الشيعة فيريدون إنهاء ملف عشرات آلاف مذكرات التوقيف في البقاع، المرتبطة بمعظمها بالمخدرات والسلاح والتي تلاحق المئات من أبناء بيئتهم.
وفي قراءة عامة، على أن تتضح التفاصيل في مرحلة لاحقة، بات من المؤكد أنه من الصعب تمرير عفو عام في لبنان من دون أن يوافق الجميع عليها وتطاول جميع الطوائف، وكذلك لا يمكن أن تحصل في ظل “بارونات مخدرات” كبار ما زالوا طلقاء، وفي ظل اتهامات عربية ودولية بأن لبنان يغطي شبكات تهريب ضخمة.
وبالتالي، فإن توقيف نوح زعيتر قد يكون مقدمة لإنجاز التسوية بعد فترة عبر تمرير عفو يشمل آلاف المطلوبين من مستويات أدنى، من دون أن يُقال إن الدولة تغطي كبار تجار المخدرات.
ألف مذكرة توقيف
وبالعودة إلى سياق توضيح الملابسات القانونية المرتبطة بتوقيف زعيتر، قدم محاميه أشرف الموسوي مداخلة موسعة ركز فيها على أن موكله مطلوب فعلاً بمئات الدعاوى وبحقه أكثر من 1000 مذكرة توقيف، لكن جميعها تتعلق حصراً بملفات المخدرات من زراعة وترويج وإتجار، إضافة إلى ما يسميه القانون بالعطف الجرمي، أي إدراج اسم زعيتر تلقائياً في ملفات يُوقف فيها آخرون يعملون في هذا المجال.
ويشدد على أنه لا توجد بحق نوح زعيتر أي أحكام أو مذكرات تتعلق بإطلاق النار على الجيش أو عمليات الخطف أو تشكيل ميليشيات مسلحة، معتبراً أن ما يُقال في هذا المجال مبالغات إعلامية وسياسية.
ويؤكد الموسوي أن التوقيف جرى “بطريقة احترافية ونظيفة” لم تشهد أي مقاومة من جانب زعيتر، وأن الأخير كان يناقشه منذ فترة في احتمال تسليم نفسه حين تتوافر ظروف قضائية واضحة ومحاكمة عادلة. ويوضح أن نوح “لم يكن يملك موكباً أمنياً ولا ميليشيات”، بل كان يعيش وضعاً قضائياً معقداً بانتظار مخرج قانوني يعيد تنظيم ملفه.
وعن علاقته بـ “حزب الله”، ينفي الموسوي بشكل قاطع وجود أي صلة تنظيمية أو تمويلية، مشيراً إلى أن نوح “كان من أشد المنتقدين لأداء الحزب في البقاع”، وأن ظهوره مسلحاً في فيديوهات قديمة كان في سياق مواجهة تنظيم “داعش” وجبهة “النصرة” على الحدود الشرقية، على غرار مئات من أبناء المنطقة. ويذكر بأن كل الأحكام الغيابية تسقط تلقائياً بمجرد توقيف المتهم، ما يعني أن المرحلة المقبلة هي مرحلة “محاكمات وجاهية وفق الأصول”، والقضاء وحده سيحسم صحة الاتهامات وحدودها.
ويختم الموسوي بالتأكيد أن زعيتر ليس قائداً ميليشيوياً ولا تاجراً دولياً، بل متهم بجرائم مخدرات سيُحاكم عليها أمام القضاء اللبناني، بعيداً من الضوضاء السياسية والملفات التي أُلصقت به ظلماً عبر السنوات، على حد تعبيره.
تسليم طوعي؟
من جهته، قدّم رئيس بلدية الكنيسة خضر زعيتر، وهو شقيق نوح، رواية مختلفة تماماً، قائمة على أن ما حصل لم يكن مداهمة ولا مطاردة، بل تسليم طوعي. وقال خضر إن شقيقه اتصل به وبالعائلة قبل ساعات من التوقيف، طالباً منهم عدم القيام بأي رد فعل، ومؤكداً أنه “اختار أن يضع نفسه تحت القانون اللبناني”.
ويشير خضر زعيتر إلى أن نوح كان محاصراً بملف قضائي مليء بالأحكام الغيابية، وأن الحل الوحيد كان المواجهة أمام القضاء. ويرى أن الدولة بدورها يجب أن تواجه الحقيقة الأكبر، وهي أن البقاع يعاني من عشرات المطلوبين والفارين، وأن معالجة هذا الواقع تحتاج إلى عفو عام شامل، لا إلى مداهمات متقطعة.
ويؤكد خضر أن عملية التوقيف جرت “بهدوء كامل” عند الثالثة والنصف بعد الظهر، وأن شقيقه كان في سيارته الخاصة ولم يقاوم، ونُقل مباشرة إلى وزارة الدفاع.
ويختم بالتأكيد أن العائلة تثق بالقضاء اللبناني، وأن نوح سيمثل أمام المحاكم وفق الأصول، آملاً في أن يشكّل هذا التوقيف بداية لفتح النقاش الجدي حول العفو العام.
“تضحية” وصفقة
الناشط السياسي أحمد ياسين اعتبر بدوره أن توقيف نوح زعيتر لا يمكن فصله عن السياق السياسي الأوسع الذي يضغط على “حزب الله”، وقال إن العملية ليست مجرد “إنجاز أمني”، بل حلقة في صفقة أكبر بين الحزب والولايات المتحدة، تقوم على “تسليم” تجار الكبتاغون مقابل تخفيف الضغط الدولي المتعلق بسلاح الحزب.
يقول ياسين إن نوح زعيتر كان لسنوات “محمياً بقرار سياسي وأمني”، إن توقيفه فجأة ومن دون مقاومة لا يمكن أن يكون مجرد مصادفة. ويعيد التذكير بحادثة اغتيال علي إسماعيل، أحد أكبر تجار المخدرات، وكيف اتهمت عائلته بشكل علني جهات داخل الحزب بأنها كانت “تشغله” ثم تخلّت عنه عندما اقتضت الظروف، لافتاً إلى أن السيناريو نفسه يتكرر اليوم، “الحزب يصنع هؤلاء ثم يقدمهم أضاحي عندما يضيق الخناق عليه”.
ويركز على أن أبناء منطقة بعلبك – الهرمل ليسوا مجرمين بالفطرة، بل ضحايا الإهمال وغياب الدولة، وأن الحزب استغل هذا الواقع ليحول المنطقة إلى “خزان بشري” من مقاتلين وتجار ممنوعات تحت سيطرته.
وفي تفسيره لتوقيت العملية، يقول ياسين إن الحزب “بحاجة إلى تقديم إنجاز ما” لإقناع القوى الدولية بأنه يتجاوب مع مطالبهم، وخصوصاً بعد وقف زيارة قائد الجيش رودولف هيكل إلى واشنطن وبروز تهديدات بعقوبات إضافية. وهنا، يرى أن توقيف نوح زعيتر جاء “كأكبر تضحية ممكنة” لتجميل صورة الحزب أمام الخارج.
متغيرات كبرى في الداخل
أما الصحافي أنطوان سالمون فيقدم مقاربة سياسية تُدرج توقيف نوح زعيتر ضمن صورة أكبر، معتبراً العملية دليلاً على تراجع نفوذ الحزب ودخول مناطق سيطرته في مرحلة مختلفة. ويرى أن ما كان محرماً على الجيش أي دخول مناطق الشراونة ومقنة والكنيسة ودار الواسعة أصبح اليوم فعلاً واقعاً، وهو ما يعكس تحولاً جذرياً في المشهد الأمني.
يذكّر بحادثة مقتل “أبو سلة” في أغسطس (آب) 2025، عندما انهار الغطاء عن عدد من المطلوبين وسقطوا في اشتباك مع الجيش، فيما خرجت أصوات من داخل البيئة نفسها تتهم الحزب بالتخلي عنهم. ويرى أن توقيف نوح زعيتر اليوم هو امتداد طبيعي لهذا التفكك في منظومة الحماية التي كانت تؤمنها القوى السياسية.
ويستعرض سالمون تاريخ نوح زعيتر، الممتد من صدور أحكام مؤبدة بحقه منذ 2006، ومئات المذكرات الغيابية، ظهوره في صور وفيديوهات مع مسؤولين في الحزب، مشاركته في مواقع عسكرية، وتصريحاته العلنية التي قدم فيها نفسه كجزء من “منظومة القتال ضد التكفيريين”. ويقول إن العلاقة بين الرجل والحزب كانت أبعد من مجرد تعاطف سياسي.
لكن الأهم بالنسبة إليه هو توقيت التوقيف. فالحزب يعيش “أضعف مراحله” في ظل العقوبات الدولية وتراجع التمويل الإقليمي. وبالتالي، لم يعد قادراً على حماية كل شبكاته اللوجيستية والاقتصادية، بما فيها شبكة المخدرات التي كانت جزءاً من النظام الموازي الذي يدير من خلاله نفوذه في المنطقة.
أجواء “حزب الله”
تقول مصادر سياسية قريبة من “حزب الله” إن الحملة التي ترافقت مع توقيف نوح زعيتر باتت “تتحول عمداً إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية”، مؤكدة أنّ الكثير مما يُطرح في الإعلام لا يمتّ للواقع بصلة، بل يستغل لحرف الأنظار عن طبيعة الملف. وتوضح المصادر أن الحزب لم ولن يكون في موقع حماية أي مطلوب بتهم جنائية أو من هو متورط في تجارة المخدرات، معتبرة أن ربط اسمه بهذه العمليات هو محاولة مكشوفة لإسقاط صورته عبر خلطها بملفات أمنية لا علاقة له بها.
وتشير المصادر إلى أن بعض الصور التي يظهر فيها نوح زعيتر إلى جانب عناصر من الحزب “تعود إلى فترات المواجهة مع الجماعات الإرهابية في مناطق حدودية بين لبنان وسوريا”، وأن وجوده في تلك المرحلة “كان جزءاً من حالة التعبئة الشعبية العامة التي شارك فيها أبناء المنطقة، وليس بصفة تنظيمية داخل الحزب”.
