سوريا “الناهضة” جسراً بين الغرب والشرق: نريد لبنان شريكاً

سوريا “الناهضة” جسراً بين الغرب والشرق: نريد لبنان شريكاً

الكاتب: منير الربيع | المصدر: المدن
22 تشرين الثاني 2025

تبدو سوريا كأنها تعيد تعريف نفسها. أو في محاولة لاكتشاف أي دور بإمكانها أن تلعبه على المستويين الدولي والإقليمي. تختار التركيز على الاقتصاد والاستثمارات، إضافة إلى استئناف الحيوية الاجتماعية والسياسية في الداخل، ولكن وفق منطلقات الخروج من “العقلية القديمة” التي حولتها ساحة لتصفية الحسابات وللثأر والانتقام، أو جعلت منها قوة ضاربة لأذية دول الجوار. سوريا اليوم بعيون مسؤوليها في إمكانها أن تنفتح على فرص استراتيجية، ولا يمكن إضاعتها. لذلك تبدو كأنها تخرج من حال إلى حال جديدة، بالانفتاح على كل القوى الإقليمية والدولية وفق نظرة براغماتية تتلاقى مع تطلعات المصلحة السورية؛ إذ لا يمكن البقاء في حالة أسر بمواقف قديمة. وفي هذا الإطار، يندرج الانفتاح على روسيا والصين، اللتين كانت لهما مواقف تتعارض مع توجهات السلطة الحالية. ويختصر المسؤولون السوريون المرحلة بالقول إنهم يريدون تحويل سوريا إلى منطقة تقاطع استراتيجية بين الشرق والغرب، ولديها كل المقومات للعب هذا الدور، وهو ما يحتاج إلى علاقات دولية جيدة، استقرار، وانفتاح ديبلوماسي، إضافة إلى العمل في الداخل على إرساء المصالحات وتطوير المؤسسات وإصلاحها.

 

صدمة” الخروج من المغلق إلى الانفتاح 

تعيش سوريا هذه الأيام حالة من “الصدمة” على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما ينعكس تحريراً لسعر الصرف، ورفعاً لأسعار استهلاك الكهرباء والاتصالات. ولكن، بالنسبة إلى المسؤولين، هذا إجراء لا بد منه للخروج من “النظام الاشتراكي المغلق” الذي كان قائماً، إلى “النظام الرأسمالي” والسوق المفتوحة. تبدو دمشق كمنتدى مفتوح لورش عمل استثمارية، في موازاة الجهود السياسية والديبلوماسية المبذولة في إطار تطوير العلاقات مع القوى الخارجية، والسعي إلى رفع العقوبات كلياً، وهو ما أصبح قريب التحقق عبر إلغاء قانون قيصر، وفق مسؤولين. ولا يغيب في دمشق الحديث عن التداول الجدي بأن فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس جدياً قيامه بزيارة العاصمة السورية ولقاء الرئيس أحمد الشرع، ليكون ذلك متزامناً مع إلغاء الكونغرس لقانون قيصر. ووفق التوقعات، فإن الزيارة يمكن أن تحصل بين عيدي الميلاد ورأس السنة، أو مع بداية السنة الجديدة. 

 

لبنان وسوريا: تكامل لا تنافس

تبدي دمشق ارتياحها للاحتضان الدولي والعربي الذي توافر لها، لا سيما من الولايات المتحدة الأميركية، أوروبا، المملكة العربية السعودية، قطر، تركيا، إضافة إلى الانفتاح على روسيا والصين. والقبلة الأساسية بالنسبة إلى السوريين هي أن تتحول سوريا دولة-مركز في خطوط التجارة والتصدير، إضافة إلى الاستثمار في كل المجالات، كالزراعة، النفط، الغاز، وإقامة مناطق صناعية. وهذا ما تريد دمشق للبنان أن يستفيد منه. فبالنسبة إلى القيادة السورية، يجب عدم النظر إلى التنافس بين البلدين، أو التفكير في أي دولة منهما ستسبق الأخرى؛ بل يجب أن تتكاملا. هناك فهم واضح لأثقال التاريخ في العلاقة بين البلدين، التي تسبب بها النظام السابق، ولكن هناك الآن فرصة جدية للانتقال نحو مستوىً جديد في العلاقات، وهي تبدأ بأن يقلع الطرفان عن النظر، إلى بعضهما بعضاً، وفق النظرة القديمة. وتعتبر القيادة السورية أنها منفتحة على الجميع، ولا تتعاطى بمنطق الثأر، والفرصة الآن للبناء وليست لتصفية الحسابات. 

 

سوريا ولبنان في قلب خطوط الاستثمار والازدهار

بالتزامن مع هذا الكلام، كان الأردن يشهد اجتماعاً ثلاثياً يضم مسؤولين أردنيين، سوريين ولبنانيين للبحث في كيفية نقل الغاز من الأردن إلى لبنان عبر سوريا. وهذا أحد النماذج حول التكامل والاستفادة المشتركة بين البلدين. وفي الفترة المقبلة، ترعى دولة قطر اجتماعاً سورياً لبنانياً للبحث في كيفية تفعيل خط تصدير بحري وبري بين سوريا ولبنان باتجاه دول الخليج، ومن دول الخليج عبر سوريا ولبنان باتجاه تركيا أو باتجاه أوروبا. ومثل هذا الخطّ من شأنه أن يحدث تغييراً استراتيجياً على مستوى خطوط التجارة في المنطقة. كذلك، هناك مباحثات عراقية سورية لإعادة إصلاح أنابيب النفط من العراق وتفعيلها باتجاه حمص وبانياس ومنها باتجاه لبنان، وباتجاه تركيا نحو أوروبا. كما أن هناك استثمارات كثيرة منتظرة في مجالات الزراعة، حيث ستستثمر دول عديدة في الأراضي السورية لتعزيز المنتجات الزراعية وتصديرها، إلى جانب استكشاف الفوسفات، والنفط أيضاً في شرق سوريا، خصوصاً بعد العمل على إنهاء المشكلة العالقة مع قوات سوريا الديمقراطية. و المسؤولين السوريين، فإن المشكلة في طريقها إلى الحلّ وفق اتفاق 10 آذار. 

 

ضغط إسرائيل على لبنان ينذر بانفجار

لا تخفي سوريا حجم الصعوبات التي تواجهها، على المستويات المختلفة، ولكن هناك إصرار على تجاوز كل العقبات، بما فيها مواجهة كل التحديات الإسرائيلية المتواصلة، والتي تكشف عن أطماع لا حدود لها، ولا بد من موقف عربي ودولي موحد لمواجهتها، خصوصاً أن إسرائيل أصبحت بعد الحرب الأخيرة كياناً لا يشبع، وهي تريد احتلال المزيد من الأراضي في سوريا ولبنان. وهذا أمر لا يمكن القبول به، ولا بد لها من العودة إلى اتفاقية العام 1974. وتعلم سوريا حجم الضغط الذي تتعرض له بيروت، وهو ضغط لا يحتمل، ويكاد يؤدي إلى أزمة داخلية أو انفجار. رؤية سوريا هنا مع الدول الخارجية هي ضرورة إيجاد مقاربة مختلفة لا تؤدي إلى انفجار الأزمة ولا إلى الصدام؛ إذ لا يمكن تحميل لبنان ما لا طاقة له به. 

 

خيارات جريئة.. عن اقتناع 

في المقابل، تعتبر دمشق أيضاً أن أمام لبنان فرصة لا تتكرر، وعليه الاستفادة منها، بدلاً من البقاء في حالة أسر مع معضلات ماضية، حول النظرة إلى سوريا، أو نظرة اللبنانيين إلى بعضهم بعضاً. هناك استحقاقات كثيرة مقبلة على لبنان، وتحديات، والمطلوب من اللبنانيين وفق كل المواقف الدولية أن يتخذوا خيارات جريئة تؤدي إلى إحداث تغيير جذري، كما حدث في سوريا. وعلى اللبنانيين الاقتناع بذلك، وأن يقدموا على هذه الخطوات بناء على اقتناعهم، وليس بدافع الضغط الخارجي. 

 

Image-1763527996

شهيد في الطيري وبري يطالب بجلسة عاجلة لمجلس الأمن

Image-1763546042

تشييع شهيدي الجيش وعون: لمواصلة مكافحة المخدرات والجريمة

بهاء الحريري (Getty)

بهاء الحريري رئيساً لحزب سياسي.. كسر للحظر أم كسر للبيت؟

Image-1763559557

استهداف إسرائيلي لمبانٍٍ في شحور ودير كيفا وطيرفلسيه وعيناتا

اعلان

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث