
الخماسية تنشط وطهران تخشى الحرب.. السيستاني: شيعة لبنان بخطر
في موازاة الضغط الإسرائيلي اليومي المعطوف على تسريبات تشير إلى أن التصعيد العسكري سيكون حتمياً ضد حزب الله، تستمر الاتصالات واللقاءات الدولية سعياً وراء الوصول إلى صيغة اتفاق تجنّب المنطقة حرباً جديدة. لتلافي هذه الحرب، هناك حاجة للوصول إلى تقاطعات مشتركة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران. قبل أيام من زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لواشنطن ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كشفت معلومات أن وفدين إيرانيين زارا السعودية للبحث في إمكان تجديد المفاوضات مع أميركا والسعي للوصول إلى اتفاق وتجنّب التصعيد. سلّم الإيرانيون رسالة إلى الأميركيين مع بن سلمان حول آليات تجديد التفاوض، بينما إسرائيل لا تزال تصر على تسريب أجواء تتصل بالتحضير لحرب على جبهات متعددة، وخصوصاً توجيه ضربة ضد حزب الله وإيران بشكل متزامن.
تحضيرات… ولكن كل شيء مؤجل
لبنان لا يزال يحظى باهتمام إقليمي ودولي. هذا الأسبوع سيكون حافلاً على المستوى الديبلوماسي، من خلال زيارة وزير خارجية مصر بدر عبدالعاطي، ومعلومات تتحدث عن زيارة سيجريها وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن بعد العزيز الخليفي، إضافة إلى استمرار التواصل بين الأميركيين والفرنسيين والسعوديين. تتلاقى هذه التحركات مع المبادرة التي قدمها رئيس الجمهورية جوزاف عون، وسط محاولات لإعادة انتاج الخماسية التي كانت معنية بالملف اللبناني لإنجاز الانتخابات الرئاسية وكل الاستحقاقات الدستورية، كي تكون قوة دعم للبنان في مواجهة التغول الإسرائيلي. وسط هذه الأجواء حصل تواصل أميركي فرنسي سعودي، حول التحضير لاجتماع في باريس لكن لم تتضح ملامحه حتى الآن، فيما تفيد مصادر متابعة بأن لبنان تبلغ من المسؤولين الدوليين تأجيل البحث في عقد أي مؤتمر لدعم الجيش أو لإعادة الإعمار، وأن هذه المؤتمرات مؤجلة في انتظار سحب سلاح حزب الله وإنجاز الإصلاحات المالية، الإدارية، الاقتصادية والسياسية المطلوبة.
الحزب مع مفاوضات محددة.. لا تشمل السلاح
إسرائيل تتحضر للتصعيد، بينما تتضارب القراءات اللبنانية للمواقف الإسرائيلية بين من يعتبرها تهويلية، ومن يعتبر أن الضربة ستكون حتمية ولكن لن تتطور إلى حرب بل ستكون في شكل ضربات تصاعدية مركزة ومحددة هدفها دفع لبنان إلى التفاوض، وإلى تحقيق تقدم في مسار سحب سلاح الحزب من مواقع في شمال نهر الليطاني. ولا يمكن فصل كل هذه التطورات عن موقف حزب الله، وسط معلومات تفيد بأن الحزب وبعد كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة، ترك الباب مفتوحاً أمام المفاوضات من دون أن يعلن موافقته عليها. ولكن، بحسب المعلومات، لا يمانع الحزب في التفاوض الذي لا بد منه، لكنه يضع شرطاً أساسياً واضحاً، وهو أن ينحصر التفاوض في مسألة الانسحاب الإسرائيلي ووقف الضربات والاعتداءات والبحث في ترسيم الحدود، من دون التفاوض حول ملف السلاح، وتركه ليبحثه اللبنانيون في ما بينهم، لاحقاً.
تحذير حازم من السيستاني
لم يخف رئيس مجلس النواب نبيه بري في بعض أوساطه انزعاجه من الكتاب المفتوح الذي وجهه الحزب. بالتزامن جاءت زيارة معاونه السياسي علي حسن خليل إلى إيران للمشاركة في أحد المؤتمرات، لكن الأهم يبقى في اللقاءات التي عقدها خليل مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، ومع وزير الخارجية عباس عراقجي. وبحسب المعلومات، فإن خليل كان واضحاً جداً حول ضرورة التقدم خطوات إلى الأمام سياسياً، لا سيما أن الطائفة الشيعية لم تعد تتحمّل الضغوط والدمار والدماء، والناس لا يتحمّلون البقاء خارج منازلهم، ولا بد من معرفة التصور للمرحلة المقبلة وكيفية تفادي أي حرب جديدة أو تصعيد. وفي السياق، تكشف مصادر متابعة أن المرجع السيد علي السيستاني أوصل رسالة إلى الإيرانيين حول وضع الشيعة في لبنان، الذي أصبح صعباً جداً ويحتاج إلى عناية وحماية من أي حرب جديدة، ولا يجوز ترك الطائفة الشيعية في لبنان تواجه الحرب، وأن تبقى عرضة لصراع قد يؤدي إلى تهجير أبنائها من قراهم وبلداتهم.
محاولات للفصل بين أمل وحزب الله
وبحسب المعلومات فإنه من بين ما يتم النقاش فيه مع الإيرانيين كيفية تجنيب لبنان أي حرب جديدة، بحيث يكون حزب الله مرناً أكثر في قراءة الوقائع والتطورات، وأن يتعاون أكثر مع الجيش اللبناني في جنوب نهر الليطاني، وفي شمال النهر أيضاً، بينما الإيرانيون يعتبرون أن المفاوضات يجب أن تتركز حول وقف الضربات والاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب وترك ملف السلاح لمعالجته بين اللبنانيين أنفسهم. في موازاة الحديث عن تباين في الرؤى بين حزب الله من جهة وحركة أمل من جهة أخرى، هناك من ينفي ذلك، ًويعتبر أن لا مجال للاختلاف بينهما في هذه المرحلة، لأن ذلك سيؤدي إلى أزمة كبيرة داخل الطائفة الشيعية يطال دورها وتأثيرها، علماً أن هناك محاولات كثيرة للفصل بين الطرفين. وهذه المعادلة تدفع البعض إلى الاعتبار أن أي اختلاف يندرج في سياق توزيع الأدوار.
لا تفاوض جدياًَ الآن.. بل ملامح تصعيد
وبحسب المعلومات فإن خليل أراد النقاش مع الإيرانيين حول مسار التفاوض المفروض على لبنان، فأبلغوه بأن هذا القرار هو قرار لبناني، وأن اللبنانيين هم الذين يتخذون القرار. ولكن، بحسب المعلومات، فإن الإيرانيين اعتبروا أن التفاوض الجدي لم يبدأ بعد، ويجب عدم الاستعجال، وفي الإمكان انتظار الصورة الإقليمية كي تتضح. كما يجب عدم تقديم المزيد من التنازلات للإسرائيليين الذين كلما تنازل المسؤولون اللبنانيون لهم طالبوهم بالمزيد ورفعوا سقف الشروط. وفي الموازاة، تبدو إيران قلقة من حصول تصعيد عسكري إسرائيلي يشمل لبنان وغزة، وتحرك عسكري إسرائيلي في سوريا، ما يقود إلى استهداف إيران نفسها، وفي شكل مباشر.
